تدوينات الإستقلال ■■ محنة النخبة!!

أحد, 11/03/2024 - 01:34

إننا في عالم يرسم مساره القوى الكبرى ،والتاريخ قد يعيد نفسه، القوى التي حددت خريطة العالم مابعد الحرب العالمية الثانية، هي نفسها التي تزداد قوة، وتؤثر فينا عن علم أو جهل منا ،ولئن صعدت قوى إقليمية يحسب لها حساباتها في المحافل الدولية، علينا أن نتفهم الواقع، وننظر الى المستقبل بحذر وتمعن للأقطار التي كانت جد متماسكة وذات وزن إقليماتي معتبر ،فأين هي اليوم، ألم تعبث بوحدتها تلك القوى عن طريق خلايا تخريبية غير وطنية متلبسة بأغطية قماشية ومتسلحة بشعارات سرابية عنوانها الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية .
إن المشكل لا يتعلق بالبلدان العربية فحسب بل يتعلق بكل دول العالم الثالث التي ولدت من رحم إتفاقية سايكس بيكو والمتتبع للمناخ الدولي يلاحظ انفصال تايمورت الشرقية قبل اندلاع شرارة الربيع العربي التي أتت على الأخضر واليابس وبين حراكات الربيع العربي المؤلمة وماتلاها من صراعات داخل الأقطار العربية في اليمن وليبيا وتونس ومصر وسوريا بزغ للعالم ميلاد دولة جنوب السودان المقتطعة من دولة السودان وقبل ذلك بعقدين تقريبا انفصلت إريتريا عن الحبشة .
الوطن العربي في وضعية لايحسد عليها من التمزق و الهشاشة وتناسل المشاكل الداخلية بسبب غياب سلط نابعة من رحم الشعوب تعكس تطلعاتها في العيش الكريم والرخاء والتقدم العلمي والأمن والإستقرار.
ففي مركز الوطن العربي، يبلغ التدخل الدولي في سوريا ولبنان واليمن والعراق ذروته والحال نفسه في السودان وليبيا هذا دون أن ننسى المواقف المتباينة نسبيا بين القوى الأمبريالية من قضية الصحراء الغربية.
نعم،إننا في عالم يعيد كتابة تاريخ جديد، ورسم خرائط جديدة، الهدف منها هو تشتيت الشعوب التي من المأمل أن تكون منافسة، وهو مايفرض تشرذمها وتقطيعها بواسطة مخططات متقنة التنفيذ والآليات اللازمة ويعتبر الدخول من بوابة الأقليات والقوميات المهمشة والمغبونة هو السلم للوصول إلى الهدف الذي هو الأقتتال بين الأشقاء ونهب ثرواتهم .
هذه هي محنة النخبة الحاكمة ،التي تتقوقع على ذاتها، وتنهب وتستولي على خيرات شعوبها، وتحكم بالحديد والنار، وفي كل لحظة تسوق لشعوبها أنها ستنقل بلدانهم من ويلات الفقر والجهل وسوء التسيير وتدني الخدمات والفساد الإداري الى جنات تجري من تحتها الأنهار مستخدمة عبارات جذابة تسويقية خارقة ولما يتكرر السيناريو القديم ،عن طريق سحق الخصوم ، وبنسبة عالية ، يتواصل النسق القديم، الأقرب ثم الأقرب، ولاعبرة للشهادة الأكاديمية، ولا عبرة في من تلطخت أياديهم بالمال العام، فالكشكول سيظل على نفس السكة بينما تتابع القوى الكبرى مناهجها التفكيكية عن طريق خلايا سرية تنشط حسب ملاءمة المناخ الجيو سياسي فمن كان يضع في الحسبان تقسيم ليبيا أو تفكيك العراق وتشرذم سوريا وانقسام اليمن والسودان؟
إن العدالة الإجتماعية حصن للبلد وللشعب من التفكك والأطماع الخارجية ونخبة تعي هذه القضية بدون تغني بها قبل أن تكون وهم وسراب ميدانياً لاشك أنها ستعلو بأقطارها في مصاف الدول المتقدمة والمحصنة من اللااستقر والتشرذم .
وبداهة فإن أي قطر متعدد الأعراق، ويضرب فيه الغبن أطنابه ،فإنه عرضة للإنقسام والحروب الأهلية وهذه هي ضالة القوى الكبرى هذا إذا علمنا سرعة انتقال الأفكار الذات الطابع الأيدولوجي الشجيرياتي في المجتمعات المتعددة الثقافات والأعراق.
ولما تتغلب النخبة على محنتها فإنها تحول تنوعاتها الى مصدر قوة وثراء كما هو واضح المعالم في سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا والبرازيل .
محمد ولد سيدي _ المدير الناشر rkizinfo.comع