يعلق الشعب الموريتاني آمالا كثيرة عند الإعلان عن إكتشاف ثروة ،لكن الشعب ،سرعان ما يفقد الأمل بسرعة البرق عند الشروع في استغلال هذه الثروات حيث تتدرج في الإكتشاف والتصدير ،على شكل طابور منذ الإستقلال بدءابالحديد ثم النحاس فالذهب فالنفط والغاز وأخيرا الفوسفات، وكل هذه الثروات كان من المؤمل أن تنعكس في القدرة الشرائية والسكن اللائق والطرق الجميلة والقطارات والصرف الصحي، وتثبت المواطنين في أماكن عيشهم وتخفف من وطأة الهجرة الداخلية ناهيك عن هجرة الأدمغة والعقول والطقات الشبابية بالآلاف المؤلفة في فترات سوق للعامة أنها ستكون فترات خصب وحصاد بدل فترات جدب ورماد...
الحقيقة إن المتمعن للوضعية الحالية وسيناريو المناخ الجيو سياسي وإقتصادي الدوليين والحركة التنموية لدول الطوق الجزائر والمغرب والسنغال سيرى تباطئاً الى حد الركود في بلدنا إذ غلب التعثر على مشاريعنا الكبرى من مدارس وطرق ومشافي وصناعات وحقول زراعية فقد أجرت وكالة الأخبار تحقيقا في هذا الصدد صادم حاضرا ومن معطيات هذا التقرير:
...و تضمّ قائمة المشاريع المتعثرة 4 مشاريع متوقفة أو موقوفة بشكل كامل، اثنان منها ما زالت أشغالهما دون 20%، فيما بلغ الغلاف الإجمالي للمشاريع الأربعة 22.58 مليار أوقية.
ففي 22 من مايو 2023 كان من المقرر أن تنتهي الأعمال في الجزء الأول من مشروع رقمنة خدمات الدولة، والذي تبلغ كلفته المالية 1.30 مليار أوقية، وتتولى إنجازه شركة "سمارت"، غير أن المشروع توقف عند مستوى إنجاز في حدود 70%، "بسبب عدم قدرة الشركة على إنجازه".
وبكلفة 2.28 مليار أوقية، توقف مشروعان لإنشاء منطقتي رسو أولاهما في منطقة امحيجرات، والثاني عند الكيلومتر 93 على طريق نواذيبو، وقد توقف المشروعان بسبب اعتراض الممول على طريقة الأعمال، ووضعية الشركة التي تتولى الأشغال.
وكان من المقرر أن تنتهي أشغال المشروعين يوم 31 – 12 - 2024، غير أن العمل توقف فيهما منذ مايو 2023، أي بعد سنة من انطلاق الأشغال، وقبل سنة أخرى وخمسة أشهر من موعد التسليم.
أما المشروع الرابع فمتوقف كليا، وهو مشروع مستشفى الملك سلمان، والذي كان مفترضا أن تنطلق أشغاله عام 2021، بعد نحو أربع سنوات من تعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإقامته، وتبلغ تكلفة المشروع 19 مليار أوقية.
وقد تعثرت محاولات إطلاق المشروع 2021، وفي عام 2022 وقّع وزير الصحة حينها المختار ولد داهي ومجموعة الدكتور سلمان الحبيب الطبية اتفاقية "تنفيذ خدمات تكاملية" لذات المشروع، بكلفة إجمالية تصل إلى 55 مليون دولار، منحة من المملكة العربية السعودية، لكن التعثر ظل يلازم المشروع الضخم إلى اليوم.
وتظهر المعطيات المتحصل عليها أن المشاريع 13 المتعثرة، يتولى تنفيذها القطاع العام والخاص، وإن بنسب غير متقاربة، فمن بين المشاريع المتعثرة مشروعان تتولاهما شركتان عموميتان هماATTM وصوملك، بكلفة إجمالية تتجاوز 2.7 مليار أوقية.
فقد طال التعثر مشروع كهربة المناطق الزراعية في الضفة، وتحديدا الأجزاء 1 و2 و3 و4، وهو المشروع.
الذي تتولى إنجازه الشركة الموريتانية للكهرباء "صوملك" بكلفة: 1.7 مليار أوقية، وكان من المقرر أن يسلّم قبل سنة و3 أشهر، أي في شهر يونيو من 2023.
أما شركة ATTM المملوكة للشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم" فمنحت مشروع مكب نفايات في نواكشوط، بصفقة تراض تجاوزت مليار أوقية قديمة، وكان من المقرر أن تسلّم المشروع في الشهر الخامس من 2023، وبعد سنة و4 أشهر من انتهاء الأمد، لم يكتمل المشروع إلى اليوم.
وبالإضافة للمشاريع المذكورة أعلاه والواردة لاحقا؛ تولت مؤسسات خصوصية باقي المشاريع الـ13 المتعثرة، والتي من بينها مشروع تطوير سوق السمك (شبكة مياه وصرف صحي)، الممنوح لشركة BIS – TPالمملوكة لرجل الأعمال زين العابدين ولد الشيخ أحمد، ومنحت لها الصفقة بــ1.89 مليار أوقية، وبعد سنتين و10 أشهر من انتهاء الفترة المحددة للإنجاز لم يكتمل المشروع إلى اليوم.
وفي مجال الصحة، انتهت منذ 3 أشهر الفترة المحددة لإنجاز مشروع مركز البحوث في مجال الصحة، والتي تتولى تنفيذ أشغاله شركة صينية، بغلاف مالي يبلغ: 6.6 مليار أوقية، ورغم انتهاء الأمد المحدد له، لم يكتمل إلى الآن.
وبهدف استصلاح 535 هكتارا في المناطق الزراعية في الضفة منحت لـ: SMAJAC EBPC، صفقة بمبلغ: 2.5 مليار، على أن تنهي الأشغال في 02 – 09 – 2024 وبعد انتهاء المدة المحددة لإكمال المشروع، ما زالت نسبة الإنجاز فيه دون الـ50%.
ضمن قائمة المشاريع المتعثرة توجد 3 مشاريع تتعلق بالرقمنة، توقف أحدها كليا، ويتعثر الباقيان منذ أكثر من سنة، فيما تبلغ الكلفة الإجمالية لثلاثتهم أكثر من 5 مليارات أوقية.
فبالإضافة إلى مشروع رقمنة خدمات الدولة المتوقف والمذكور سابقا، ما يزال مشروع مركز البيانات، التابع لقطاع الرقمنة غير مكتمل إلى الآن، بعد أكثر من 13 شهرا على انتهاء الأمد المخصص لإنجازه، وتبلغ كلفة المشروع: 3 مليارات أوقية، وتتولى تنفيذه شكرتي "سمارت" وBIS – TP.
المشروع الثالث المتعطل في قطاع الرقمنة يتعلق بتوسعة شبكة الإنترنت الإدارية عالية السرعة "الألياف البصرية"، بكلفة: 1.23 مليار أوقية، وتتولاه: ATM سوليسيوه، وكان من المقرر أن ينتهي في 02 – 12 – 2023، وبعد مُضي أكثر من 9 أشهر على انتهاء الفترة ما يزال المشروع غير مكتمل إلى الآن.
كما أن من بين مشاريع الرقمنة المتعثرة، مشروع ربط موريتانيا بكابل بحري آخر، وقد بدأ التحضير له منذ بداية 2019، لكن مساره طال حتى منتصف العام الجاري ليتم منح صفقته بـ10 مليارات أوقية، لشركة "EllaLink"، ورغم منحها منذ أشهر، فلم يتم توقيع الصفقة إلى الآن.
ورغم مرور أعوام على التحضير للمشروع، وتزايد الحاجة إليه في ظل الانقطاعات المتكررة للأنترنت، ومنح صفقته منذ أكثر من ثلاثة أشهر، فلم تبدأ أشغال المشروع إلى الآن.
وكانت وكالة الأخبار المستقلة قد نشرت تقارير رصدت عشرات المشاريع الكبرى المتعثرة في عدة قطاعات حكومية، حيث تصدّرها قطاع التجهيز والنقل بـنحو 30 مشروعا متعثرا، وبسقف مالي يتجاوز 213 مليار أوقية قديمة، تلاه قطاع الإسكان بـ13 مشروعا متعثرا، وبأكثر من 32 مليار أوقية، وكذا قطاع الطاقة بنحو 10 مشاريع متعثرة، وبأكثر من 100 مليار أوقية قديمة.
اليوم تتفحت البطون لعائدات منجم الفوسفات وكأنه سيحد من الهشاشة ويحسن من الجدوى الأقتصادية فهل سيصيب الفوسفات ما أصاب الغاز من تعثر كلما قربت فترة إستغلاله يتم تأجليه الى أجل مسمى ؟
وهل سيكون مصيره مثل مصير النفط ،أستغل حتى نضب " اغرز " دون أن يشعر المواطن الموريتاني بإستغلاله خلافا للمواطن البحريني الذي شعر بقليل من النفط المصانع الأجنبية، المتعدظة،والطرق السيارة، وحلبات فورميلاوان وملاعب الكولف هذا بعائدات 40000الفا برميل يوميا بينما بدأت شركة وولدسايد الأسترالية تصدير النفط الموريتاني سنة 2007بمايناهز 300الى ،175الفا برميل يوميا تراجعت تدريجيا حتى أغلق 2018تقريبا؟
إن موريتانيا غنية بالثروات والكنوز الطبيعية والمؤسف أن هذه الكنوز تمنح بثمن بخس للشركات العابرة للحدود وعلى مدى فترات طويلة الآجال قبل تأميمها وطول الفترة قد ينتهي معه إستغلال الثروة على غرار ماوقع مع النفط ،فمنح استغلال ثروة بمعدل 1% أو 3% أو 10% أفضل منه أن تبقى الثروة المستغلة في باطن الأرض حتى يوجد عرض أكثر جدوائية مماهو متاح حالياً...
إن صفقة الفوسفات الهندي ،لاتقل شأنا عن مضمون شركة تازياست ،الطبل في نواكشوط، والرقص في اوتاوا ،كذلك الطبل في نواكشوط والرقص في منبت الرقص والغناء نيودلهي ومومباي ،فهل تغيرت أحوال مناطق أهل الشمال ،أكجوجت وازويرات وحتى نواذيبو؟ وهل انعكست عائدات المعادن على العملة المحلية و ارتفاع القدرة الشرائية ؟ وهل من المعقول أن يكون إنتاج شركة بعتادها وعدتها المدعومة بأحدث وسائل التكنولوجيا وأكبر الآليات ،هل من المعقول أن تكون أقل إنتاجا من إنتاج المواطنين البسطاء الذين يستخدمون آلات بدائية للتنقيب عن الذهب ؟
إذن لحن الفوسفات، والآمال المعلقة عليه، كبرى مثلما هو الحال على الآمال المعلقة على النفط والحديد والنحاس والذهب إذ لم تغن هذه الثروات عن مد يد العون للدول المانحة في تمويل المشاريع الخدمية وهو مايعتبر ثغرة للأجيال وتقويض نموها وتقدمها جراء الديون المتراكمة سنة بعد أخرى رغم ما تفجر من الأرض من ثروات عقد بعد عقد ...
وفي الوقت الذي يتصدر فيه ترند صفقة الفوسفات يعاني سكان الضفة _ الكنز الضائع _ من غضب الطبيعة، فيضان نهر السنغال، هذه الضفة لو تم استغلالها بأشكل أمثل لما احتاجت البلاد لاستغلال الفوسفات أو النحاس أو أية ثروة أخرى ومن معوقات استغلالها الملكية العقارية وهيمنة النافذين على الأراضي الزراعية واحتكارها دون ترك المواطنين من استغلالها أو المستثمرين الأجانب
2_ و تبلغ إمكانات موريتانيا من الأراضي الصالحة للزراعة 513.000 هكتارا موزعة على النحو التالي:
-135.000 هكتار في وادي نهر السنغال.
-12.000 هكتار في المنطقة البحرية
- 250.000 هكتار للزراعة المطرية
- 100.000 هكتار للزراعة الفيضية وخلف السدو
-16.000 هكتار لزراعة الواحات والزراعة تحت النخيل
3_وكان الباحث الدكتور بدي ولد أبنو المرابطي قد تطرق الى هكذا مخاوف في كتابه موريتانيا بين ثروتي الحديد والغاز تطرق فيه للآمال المعلقة على الغاز وربط بينها مع الآمال التي علقت على جبل الحديد وفق الأدبيات الفرنسية وبالتالي فإن غياب ثقافة العمل الإنتاجي من أبرز معوقات التنمية في موريتانيا.
الشعب والكنوز، بين الأحلام والخيبات ..
المصادر والمراجع
1_ وكالة الأخبار المستقلة 7/10/2024
التعثر والإيقاف يطالان 12مشروعا
2_ وكالة ترقية الاستثمار في موريتانيا Agence de Promotion des Investissements
3_محاضرة / د. بدي ولد أبنو موريتانيا بين ثروتي الحديد والغاز
نقابة الصحفيين الموريتانيين
محمد ولد سيدي _المدير الناشر /: اركيز انفو