حكومة المأمورية الثانية لم تستورد من الخارج، ولم تتلبس بعقليات يابانية ولا ألمانية ،بل ولدت من أرحام موريتانية، ومن مزيج حكومات سابقة ،وبالتالي فلا قطيعة *ابستمولوجية* مع الممارسات التي شكلت عراقيل وتحديات للأنظمة المتعاقبة، ولا بوادر مطمئنة للمواطن ، فكيف هي الرسائل المستوحاة من تشكلة حكومة الشباب والطموحات؟
بوادر المحافظة:
تميزت حكومة برنامج * تعهداتي * بتكليف وزيران أولان طيلة العهدة المنصرمة وقد حاول فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بالإرشاد والنصح والتوجيهات السامية أن تكون تلكم الحكومة ،حكومة *اعمار *وعطاء ومسايرة* لقطارات* التنمية *في العالم ولكن،هيهات، فأستخدم أسلوب * التحوير* مثنى وثلاث ورباع متمسكا بالوزير الأول ولد بلال دون أن يعطي ذلك دفعاً لأعمدة البناء رغم ضخامة أكبر ميزانية عرفتها البلاد منذ الإستقلال 1000مليار أوقية والحصيلة ،هزيلة،وضعيفة، وغابت المشاريع العملاقة، وحل محلها ،المبادرات بشكل غير مسبوق ،وإذكاء القبلية بإسم نصرة غزة، على شكل كلاسيكي رجعياتي في ظل الدولة المدنية الحديثة ولما حان قطاف حصاد الخمسية عن طريق رسائل الناخبين كانت النتيجة *كارثية * في المدن الكبرى خاصة في العاصمتين *السياسية والاقتصادية *فضلا عن مدن كثيرة* وهو ماشكل صدمة في أوساط* مهندسي الخمسية * أصحاب نظرية قنص *الخصوم *واسكاتهم *حتى أخمدت شرارة المعارضة وأفرغت من محتواها إلا أن الرياح أتت بما لم تشته السفن ،موت الأحزاب ،أسفر عن مقاطعة كبيرة للانتخابات، وتدني نسبة المشاركة، وإذكاء الشرائحية المتوهجة وتحقيق أسوأ نتيجة إنتخابية في نواكشوط ونواذيبو ومدن الضفة ومظاهرات مؤلمة تعيد الى الأذهان أدبيات سنوات الجمر .
الحركية !!
إن أصعب مشكلة تواجه الحكومات الموريتانية هي الحركية الدائمة سواء تعلق الأمر بالوزارات أو الإدارات السامية فقصر الفترة يقلل من نجاعة الأداء فما إن يضع وزيرا خطة معينة برهة من الزمن حتى يقال أو يقذف به الى ركن آخر وهكذا دواليك ، قد يكون للأمر طبيعة فزيولوجية ذات علاقة بالإنتجاع والترحال وهذا ما انعكس على الأداء الباهت سواء حكومة الخمسية أو حكومات العقود الماضية.
ومن منظور قرائني نلاحظ أن وزير الخارجية السوري السابق فاروق الشرع عاصر في الفترة مابين 1984_ 2006 عاصر حكومات الرؤساء وهو وزير * خارجية سوريا * :
محمد خونة ولد هيدال
ومعاوية ولد الطايع
واعل ولد محمد فال
وسيدي ولد الشيخ عبدالله
أي 22سنة بتقدير أربع مأموريات ونيف في موريتانيا
لقد أدرك فخامة رئيس الجمهورية خلال الخمسية المنصرمة ضعف الأداء الحكوماتي ف،حور،وزارات الخدمات بشكل خاص، بينما ظلت *وزارات السيادة *مسايرة لكل * تكليف * ويبدو أن نفس النهج هو الذي سلكته مأمورية الشباب والطموحات...
لسنا ضد إعادة الثقة في *وزارات السيادة* لكن كلما نعلمه أن القاسم مشترك مع* وزارات الخدمات* فلا التحويرات الأربعة التي شهدتها في الخمسية أعطتها دفعا نحو الأحسن وكل مؤشرات الأبحاث الدولية المتعلقة بالتنمية وجودة الأداء سواء في البنية التحتية والصحة والتعليم والصناعة والسيادة الغذائية و التشغيل والحريات العامة ومحاربة الفساد وارتفاع المديونية وضعتنا مع دول شبيهة بالدول الفاشلة فماهي قيمة الإستقرار إذا لم يترجم بالجودة إذا كانت الأرض معطاء ؟
أملنا أن تبقى هذه الحكومة حتى نهاية الخمسية ولكن، دون إستجداء للوزراء أن يحسنوا من أدائهم ،بل بشن حرب على الفساد والمفسدين، فكل شيء تم تدويره في الخمسية المنصرمة إلا محاربة الفساد، وآن الأوان أن يشعر المواطن أن أرضه فيها الذهب والحديد والنحاس والفوسفات والنفط والغاز والسمك ، وأن بها حقولا زراعية فسيحة، وآن الأوان أن نرى مشاريع كبرى، سريعة التنفيذ...
الوزير الأول الجديد *المختار ولد إجاي *عرف عنه صرامته في العمل،ونظم قطاع الضرائب والمالية بصفة عامة خلال العشرية، كاريزماتي، قوي، لكن،امامه جبال من التحديات، بإمكانه عبورها إذا ما آتت* نظرية التفويض المطلق * أكلها.
تطلعات المستقبل:
المستقبل يكاد يكون مبشرا ومخيفا في نفس الوقت، إذا أخذنا في عين الإعتبار تصدير الغاز لما له من فوائد إقتصادية، ومخيفا إذا أخذنا التجارب من من تصدير النفط والحديد والذهب كلها ثروات لم تنعكس على ساكنة الأرض المعطاء القليلة السكان ،ومخيفا أيضا لأن الوعود البراقة التي أطلقت في الخمسية المنصرمة لم يشاهد منها إلا النزر القليل عن طريق تقسيمات نقدية تغذي الإتكالية ولاتشجع الإبداع حبذا لو أستغني عنها بمشاريع مدرة للدخل.
لقد تنامى خطاب الشعبوية بسبب عدم التوازن في الفرص سواء تعلق الأمر بالتوزيع العادل للثروة، برامج، تعيينات، ترقيات ،هذا فضلا عن مخاطر الهجرة، والصراع في مالي ،إذن الشرخ الواسع النطاق والوجع المجتمعي من أهم التحديات التي تواجه البلد حاضرا ومستقبلا و من الحكمة الإنصاف والإنصات لرسائل الناخبين لأن التاريخ لايحفظ للقادة إلا النجاح في تنفيذ البرامج والصعود ببلدانهم نحو الأفضل حتى وإن حكموا بالحديد والنار ...
محمد ولد سيدي كاتب صحفي