سبق وأن أصدرت الدولة بداية الصراع على المرجعية تعميما يحرم التجمعات القبلية عندما حاول وجهاء وساسة من قبيلة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عقد اجتماع، القانون، قانون، ولا يجب لأي كان التطاول عليه تحت أي بند،صدقة، مساعدة، تضامن، كما تركب مجموعات معينة جمع المساعدات لأهل غزة حيث أصبحت الظاهرة تحشر القبيلة في زاوية خارج عن إطار الدولة والدولة الجامعة للكينونة " تتفرج " وكأن التعميم المحرم للتجمعات القبلية دخل من الأذن اليمنى وخرج من الأذن اليسرى ،أصبحت القبائل تتنافس بشكل كلاسيكوتي، حسب البطون، لفخاظ أولاد كذا 70مليون، أولاد"كذا 150مليون ،مخيف جدا تنامي هذه الظاهرة، لأن تعالي النفوذ القبلي يكرس الإقطاع، ويتعارض ضمنيا مع مبدأ الدولة المدنية الجامعة والحاضنة للأجناس المجتمعية وبالتالي من البديهي أن يحدث شرخ كبير في أماكن التمكين بين درجات السلم الإجتماعي وهذا ما تسبب في انتعاش الخطاب الشرائحي وكأننا أمام حلال عليهم الإجتماعات القبلية، حرام عليه الحديث عن الشرائحية والغبن.
لقد بلغ السيل الزبى في إنتعاش الأنشطة القبلية التي تتعارض ضمنيا مع العقد المدني للدولة فإذا كانت المساعدات لإغاثة المنكوبين فإن الدولة المركزية قدمت من المساعدات المالية والمواقف الدبلوماسية المشرفة للقضية الفلسطينية مالم تقدمه دولة أخرى، قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الكيان، رفض موجة التطبيع، رغم تطبيع دول عربية مؤثرة، خارج الطوق، قدمت المساعدات النقدية، و آلاف الأطنان من الأسماك والمواد الغذائية، التصويت لصالح القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ليش مقاربة التهدئة لم تحصد إلا الرجعية والعودة بالبلاد إلى ماقبل الحداثة ؟
هناك شيء غير طبيعي يخيم على المشهد ويتسلل في الجسم المؤسساتي لا يبعث إلى الإطمئنان.
إن غزة لا تحتاج إلى صدقات من القبائل لأن مئات الشاحنات جاثمة على الطرقات بطول مئات الكليومترات،مليئة بالمساعدات الغذائية والطبية والملابس مقدمة من دول العالم والمنظمات الدولية وفور إنتهاء الحرب هناك دول الإعمار والمؤتمرات الدولية الخاصة لإعادة بناء وتشييد ماتم تدميره وهذا عرف سبق للغزاويين وأن شاهدوا منه عدة حلقات ودروس لم يزدهم إلا قوة وصلابة وكل حرب تعود غزة بعدها أجمل من مدن القبائل وامصار القبائل وقرى القبائل.
حقيقة مقلق جدا، أن ترى العالم من حوالينا يتطور ويزدهر ويتسابق في صناعة الجمال والإستغناء عن بعضه بعضا ويبقى بلدك مكبل بأوحال الرجعية من هذا المنطلق من الطبيعي أن يبقى البلد متأخرا كثيرا عن الدول الأخرى في شتى المجالات، ومن الطبيعي أن يصبح تشييد منشئة كبيرة أومتوسطة أو صغيرة الحجم تقوم له الدنيا وتقعد مثل بناء مطار أو تشييد جسر أو طريق سيار.
قبل غزة موريتانيا تغص بملايين الفقراء والمحتاجين والمعوزين، يا نخبة القبائل ونواب القبائل وأيديولوجيو القبائل ،ترى عند الطرقات والمساجد والأسواق والأحياء الشعبية ،فهل تناسيتم مثلث الفقر، و تجمعات آدوابة، وقرى شمامة، وأفل، و منطقة كاراكورو هنا يقف المواطن جاثما كالظليم يخشى من نورالشمس اللامع أن تكشف عن عوراته للآخر ،ولمن ينتابه الشك أن يرافق بعثات تآزر.
محمد ولد سيدي كاتب صحفي