السياسة في وطننا الحبيب غانية لعوب. تعشق الأفعال؛ رشّح، عيّن،... وتكره الأسماء؛ وطني، مناضل... ولا تطيق الجموع على وزن مَفاعل. الفاعل عندها في السياسة حصرا، ويستحب أن تكون له "نائبة" تعزز فعله وتثمن نشاطه. أما في شؤون الدين فهي مثلنا جميعا تميل إلى التخفيف، وتركن إلى المختصرات فتجدد، في كل دورة، ل"عمدة الأحكام" المتعاقبة الذي لا يجلب تنمية، ولا يحارب فقرا. لكنها تعاني في علوم القرآن، فقلصت "أحزابها" إلى خمسة وعشرين، وتجد عنتا في ضبطها، لذلك قررت، في هذه الدورة التركيز على سورة الممتحنة لما فيها من أحكام "المهاجرات".
كانت سعداني أولى المهاجرات؛ أدلجت من تواصل فحمدت السرى في الإنصاف. فبعد سنين من شتمنا، والتشهير بوزرائنا، أعلنت فرحها بالانتساب إلينا؛ نحن المفسدين الفاشلين!!! و لا غرابة، فالسياسيون كالشعراء في كل حزب يهيمون... كان اندماجها فينا سريعا مثل كل الذين سبقوها إلى مرابعنا الممرعة. وحين أطل رأسها في مهرجان "جوَل" علمت مناضلاتنا أن حظوظهن في قائمة النساء مثل حظ الأنصار من غنائم حنين مع فارق الأجر والأوبة...
ثم توالت الظعائن من كل حزب عتيق.. فرحلت زينب بعد أن "ضاق الإطار و تاهت الرؤية الجامعة في خضم الاستقطاب والإلغاء والانتقائية داخل الحزب". بدت لها كل هذه المساوئ في ساعة صحو أعلن فيها الحزب عدم التجديد لنوابه. وكما هي عادة الإخوان في ملاحقة من ينسحب منهم، عاد الحزب إلى أرشيفه ليخرج صورة قارنها بلحظة دخول صالون الحزب، وأخرى عند الخروج منه...
وعلى الطرف الرمادي من خريطة المعارضة أدركت بنت عتبة أن التكتل فتح بلا صفوان، ولا عكرمة، وأن أبا سفيان حسن إسلامه، فترهبنت في دير الفضيلة.
وحين رأى حزب الإنصاف رواج المؤنث قرر إكمال رواية "مظالم النساء"، فعمد إلى أوفر مجموعاته، وأكثرها انضباطا فيه، وأهونها عليه في فاقة و"مال"، فأقصى رجالها في تكانت بمثنى، وفي الحوض بثلاث، وفي نواكشوط برباع، فلما "خافوا" ألا يُنصفوا زادهم بواحدة!