إرادة وإدارة !!

ثلاثاء, 09/20/2022 - 08:47

لاشك أن العالم اليوم يعيش أصعب اللحظات التاريخية بعد الحرب العالمية الثانية، ولئن كانت الحرب الروسية الأوكرانية قد صدعت العلاقات الدولية الى درجة العودة الى الثنائية القطبية - وإن من زاوية المصالح الأقتصادية والسياسية بعيدا عن الأيديولوجيات - فإن تداعيات جائحة كوفيد 19 أثبتت أن استقلال كل الدول، استقلال " منقوص" وقليلة تلك الدول التي يمكن أن تؤمن شعوبها في الأوقات الحالكة مثلما هو الحال فيما نحن فيه الآن.
وبما أن منطق القوة يفرض السيطرة والتمدد والهيمنة في كل زمان من عهد الفراعنة الى عصر الهكسوس و المنغول وصولاً الى عهد الدولة العثمانية حتى عصر الإمبريالية العالمية فإن ذلك ماكان ليحدث لولا ميزتين إثنتين هما:
الإرادة والإدارة.
من هنا يكمن الفرق بين الأنظمة ،فأي نظام ، عسكري أو مدني، جمهوري أو ملكي من البديهي أنه سيجعل من " الإرادة " الأداة الفعالة لإقناع الرعية المتعطشة إلى الإصلاح، بيد أن " الإرادة " وقودها " إدارة " صالحة، والإدارة الصالحة، مرتبطة ارتباطاً،عضوياً، بالإرادة ،وبالتالي، نجد الميزتين للحكم " الإرادة والإدارة " في سلوكيات وأداء من نبلاء وأقنان من بقاع شتى سطروا أسماءهم بأحرف من ذهب، فحفظ التاريخ آثارهم للبشرية جمعاء في مجال الحريات العامة، والأمن الغذائي، والبحث العلمي والإستثمار، والصناعات الإستخراجية والتركيبية، وتحويل المعاناة، والعداء والغبن إلى المصالحة والألفة والمصاهرة والتعايش السلمي والبناء والتطوير والتنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وزرع قيم الوحدة والتفاهم والوفاق والنبل والمحبة وذوبان الجليد ونبذ النعرات و القضاء على الغبن والإقصاء ووأد مخالب الفساد،لذا، لئن تطلب الزمن خططاً،طويلة المدى، أو متوسطة للتنمية في الصين مثلاً، فإن سنغفورة والبرازيل وتركيا ورواندا وفنزويلا ،والإمارات العربية المتحدة، وقطر ، وكرواتيا، لم تستغرق خططها الإصلاحية سوى سنوات فقط،فأين بلاد الملايين من الميزتين " الإرادة والإدارة "؟؟؟؟
بعضهم يتغنى، بالاستقرار، والحقيقة أن الإستقرار، نسبي، تسع رؤساء في 62سنة من خلفيات عسكرية بإستثناء الرئيس المؤسس المختار ولد داداه والرئيس المطاح به،أيضا سيدي ولد الشيخ عبدالله ،وبالتالي فالعائق الأول أمام التنمية هو الإستقرار الى جانب الفساد، من هنا أتت معضلتي " الإرادة والإدارة " ،فلو كانت " الإدارة " في فترة القائد رقم 1أو ثلاثة أو تسعة أو مابين ذلك مع وجود ما أخرجته الأرض والبحر من خيرات وثروات ل، ما كانت نواكشوط اليوم ،ونواذيبو، والنعمة الى أكجوجت و تجكجة، وروصو، وأطار، و كيفة، وألاك، ولعيون،والطينطان، وكيهيدي، بوضعيتهم المزرية ظلام وعطش وطرق متهالكة وتعليم مريض وصحة متردية وزراعة نكداء....
الآن، وقد دخلنا العقد السابع، فإن مؤسساتنا المدنية، لما تستطع أن تخترق جدار الصلب في المنظومة الجيو إجتماعية وهو ما وقف حجر "عثرات "أمام " الإصلاح " لأن قوة الدفع لأي نظام هما "الإرادة والإدارة " وتلكم مكبلتين بسلاسل من المعوقات، أبرزها،أمراض: الذاتية والجهوية واللونية ، فإذا كان الشعب الليبيري قد انتخب لاعب كرة قدم، وكذلك فعل الشعب الباكستاني، وإذا كان الشعب البرازيلي قد انتخب ماسح أحذية، فإن شعب الملايين، مازال يحتسب أن النقابة،والحزب،والمنظمة، ملك لفلان حتى يكبر عليه اربعا، وعليه فإن التداخل في معوقات البناء والإصلاح جد متنوع ،وبالتالي فلا الحرية المطلقة في التعبير مهمة بحد ذاتها مالم تشفع بتوفير لقمة العيش لساكنة ثلث مساحتها صالحة للزراعة، وأرضها تتنافس في العطاء، إلا أن الإدارة لابد أن تشفع بإرادة صلبة أمام كل أعاصير الدمار والتعثر.
في ظل المناخ الدولي، الملوث، بالصراعات، والحروب والجريمة المنظمة،وفي ظل تداخل الإثنيات شمالا وشرقا، وفي ظل التموقع في وسط بركاني بشبه المنطقة، وفي ظل معضلات، الإدارة والإرادة، أفضل شيء، يجب أن نعيش، إخوة، بصرف النظر عن التقسيمات الغابرة خاصة أن بيئتنا ومناخنا جاذبين، لأوبئة، دول الساحل، والشرق الأوسط، والمغرب العربي، وطاردين، في نفس الوقت ، بالغبن والفساد، ناهيك عن حالة التمفصلات الجيو إجتماعاتية، التي تتجدد من حين لآخر ، وتغذيها، سوسة الحكم التي نخرت كاهل الكيان، بالفساد و اتساع ثقافة النفاق والتطبيل والتلون، وهذا ما انعكس سلباً، على تنفيذ المشاريع الكبرى، والحرب على الفساد ،والسبب هو القيد الذي أعاق، ومازال، يعيق ،الإرادة والإدارة معاً ...
محمد ولد سيدي المدير الناشر لموقع اركيز انفو