ميثاق لحراطين •• بين معضلة القيادة و إشكالية الإقصاء!!

سبت, 04/30/2022 - 12:05

أن نتكلم عن ميثاق لحراطين، يعني ذلك، أن نتكلم عن أزمة قيادة، و مرض مجتمع بصفة عامة.
وقبل الحديث عن الأسباب والدوافع من نشأة ميثاق لحراطين، لابد أن نتطرق أولاً،ولو بإسهاب قليل عن مكونة لحراطين.
لحراطين هم جزء مكمل للعنصر العربي الناطق باللهجة الحسانية، ويشتركون في جميع الخصائص الجغرافية مع أسيادهم القدماء من مجتمع البيظان بصرف النظر عن اللون فإن عوامل الديانة واللغة والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد الضاربة في القدم تجمعهم، ولا يوجد لهم حيز جغرافي محدد، فأنى كان البيظان في إقليم معين، أو جهة من الوطن، كان لحراطين، والعكس، وهذا يتنافى مع التوزيع الجغرافي للعناصر الزنجية الأخرى في البلد، حيث يتواجد البولار في ولايات لبراكنة وغوركول وكيديماغا مع،أقليات في الحوضين، والعصابة واترارزة، ،أما الولوف فإنهم لايتواجدون إلا في شريط ضيق قرب ملتقى النهر والمحيط الأطلسي بولاية اترارزة، بينما تتواجد مكونة السونوكى في ولايتي غوركول وكيديماغا بنسب متفاوتة، أما البيظان بما فيهم لحراطين فإنهم في كل ولاية.
لقد عانت شريحة لحراطين من ظلم تاريخي طويل، تقلص هذا الظلم مع ميلاد الدولة المدنية الحديثة، ومع انتشار الوعي الثقافي، وارتفاع نسبة المتعلمين، ازدادت المواليد السياسية والحقوقية الداعية الى إشراك أوسع في كل المجالات في الحكومة، وفي الجهاز الإداري، وفي التمثيل الدبلوماسي، وفي توجيه برامج النمو في أحياز مناطق،تجمعات، لحراطين، المعروفة، محليا "بآدوابه"، حيث: الفقر والجهل والأوبئة...والأعرشة الخشبية وبيوتات الطين المسقفة بالحشيش وفضلات الحيوانات، والنمو الديمغرافي المتسارع...
على ضوء هذه المعاناة، تبلورت فكرة إنشاء ، حركة الحر، ثم حزب العمل، ثم حركة إيرا، ليتنهي المسار في مسمى الميثاق لنيل الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، للحراطين، أطول " صفة " من المواليد السياسية في البلد على مر التاريخ.
من التعقيدات التي تميز الميثاق عن غيره من التنظيمات السياسية هي أنه لاينظر الى الأفراد من حيث انتماءاتهم، فمنهم الحركي، والإشتراكي، والموالي والمعارض، والبعثي والناصري والإخواني وهذا يوحي بمدى قوة الإرتباط العضوي بالتأثير التاريخاني المشترك مع أصحاب البشرة البيضاء من العرب الناطقين بالحسانية، وأنى كان حجم التمرد والمغالاة والأدلجة أحيانا، فإن الحرطاني لا بد أن ينتمي الى أسرة الحاضنة الإجتماعية الكبرى " القبيلة " شاء من شاء، وكره من كره، وتمحى الأدلجة، وتذوب في الأوقات الحرجة إذا تشاجر اثنان من مكونتين اجتماعيتين، أو لزمت الدية أحد الأفراد، يتم اللجوء عادة الى مملكة القبيلة لطي صفحة الخلافات، ولما بلغ السيل الزبى من السخط الإجتماعي مع تنامي الخطابات الفئوية بسبب الغبن والإقصاء والإنتشار الواسع لحركة إيرا كان أعضاء في الميثاق،و إيراويين،سابقين، ينظمون اجتماعا بين أسياد وأرقاء سابقين في إحدى المدن،الداخلية بحر العشرية الماضية ،ليعطوا رسالة مضمونها واحد تناسي الماضي والمحافظة على القيم والتعايش السلمي، غير أن الهيمنة في منابع الثروة والغوص في بحر الريع والتمكين وسع الهوة بين العبيد السابقين وأسيادهم رغم الإنتشار كثرة المتعلمين، والنمو الديمغرافي وهذا هو أخطر ما يهدد اللحمة الإجتماعية الغبن والإقصاء والتهميش بإعتراف الجهات الرسمية وبالتالي فإن أنصاف الحلول لما تؤتي أكلها، بل زادت من الشرخ، حتى حاد الإنصاف عن مساره ليتم تكريس الغبن أكثر من أي وقت مضى خاصة في الفترة التي كان من المفروض أن يجد فيها المغبونون ذواتهم " كالتي " بين أيدينا وألبست طعم القرب من المواطن، بل حافظت على سيطرة الأستقراطية أكثر على حساب الطبقة الكادحة وهذا هو قمة الإحباط.
إذن الأمراض جد متعددة، مرض المجتمع، وأمراض الحكم، وأمراض المغبونين، أنفسهم من قيادة الميثاق ،من أمراض المجتمع النفوذ القبلي في عصر الثورة الرقمية، ومن داء السلطة انتشار الفساد الإداري، واتساع الهوة بين المكونات الإجتماعية بدافع النفوذ والتوازنات القبلية والمحاصصة الجهوية، ومن مرض الميثاق هو الصراع على القيادة، فقد علمتنا التجارب، وسنن الله في خلقه أن جميع الكائنات لا بد لها من قائد، ف...للنمل قائد، وللبقر قائد، وللجراد قائد، وللبقر قائد، وللإبل قائد، ولكل المجموعات البشرية بصرف النظر عن شكلها، وطبيعة كياناتها، قيادة، فلماذا يختلف الميثاقيون على جمعنة أطياف المهمشين المغبونين في مسيرة واحدة بدل فريق في ملتقى مدريد، وآخر في المعرض، وفريق في دار الشباب القديمة، وهكذا دواليك؟ من الطبيعي أن تحدث اللامبالاة ،ومن الطبيعي أيضا مع ضعف الأداء بصفة عامة في مجالات الحكامة الرشيدة والتنمية الإقتصادية والإجتماعية أن تظهر نواة أخرى أكثر اندفاعا نحو الإصلاح والقيادة في ظل احساس بالغبن و والبقاء خلف ركب الدول التي تجاوزت معضلات التقدم والرخاء.
الميثاق، تشرذم، وتنافر،وجزء من أزمة مواطنة، ومجتمع يريد أن يلتحق بقطار التقدم، ولكن، لما يأخذ الآليات اللازمة لذلك رغم كل الدعامات: الأستقرار، والمعادن، والصيد، والزراعة، ووحدة الديانة...
محمد ولد سيدي المدير الناشر لموقع اركيز انفو