طور آخر من مراحل التعثر!!

سبت, 04/09/2022 - 13:06

ظل "مؤشر " أمل الإصلاح، يطغى على نفسية المواطنين، و نخبتهم التي دأبت على تسخين الشارع منذ تسعينيات القرن الماضي قبل أن تبسط ذراع الطاعة والخنوع وتشارك في طعم الكعكة بعد عقود من الجدب وتجرع مرارة الإقصاء، وشتان بين البيعات ...هذه راحلتي فإن خرجت بأكثر منها، فأنا سارق...
ظل الأمل يتجدد حيناً،ويرتفع عند كل نسخة جديدة من خطابات ،الأمل، و التعهدات التي أذابت الجليد بين المعارضة والموالاة طيلة ثلاث سنوات تواليا.
إنقلبت الموازين، بين عشية وضحاها، وتغير خطاب الأمل ،وحل محله،خطاب الإقرار، بالواقع المزري، ،بشكل أعنف من ضربات الأسلحة الروسية على الأوكران مما ولد شكلاً،من الإحباط لا يتصور لدى الرأي العام بدءا بخطاب مدريد، ثم خطابي، قصري المؤتمرات الأول أمام الحكومة، والثاني أمام رجال الأعمال، موريتانيا بلد يطحنه الفقر والجهل والمرض والعطش والظلام، والفساد،جهاز إداري عاجز عن تأدية أبسط خدمة للمواطن،من لم يستطع القيام بواجبه عليه أن يترك مكانه....ولا أحد ممن عجزوا أن يؤدوا واجبهم قدم استقالته، والمفارقة، تكمن في علاج العجز، بمن عجزوا على مر التاريخ السياسوي للبلاد ،وهو ما سيزيد من المعاناة، والإستعداد للأسوأ في الأيام الحبلى بالأزمات الأقتصادية والإجتماعية التي لم تأخذ سبل الإصلاح، والمفارقة أن انقلاب معادلة الأمل، هذه، حل محلها الإحباط في لحظة القلق الدولي جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومخلفات جائحة كورونا التي لم تندمل جراحها بعد، والحقيقة أن خطابات مدريد، وقصري المؤتمرات، أمام رجال الثروة من حزب الأتحاد من أجل الجمهورية، ومن يافطة الجهاز الإداري للحزب، وشركاءه نداء للمجتمع الدولي بصفة غير مباشرة، لطلب العون، وقد غرد أحد السفراء الغربيين، وبحضور أحد أعضاء الجهاز الإداري،فيما وجه وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية، نداءا آخر من مدريد .
أي مسار، هذا، تسلكه حكومة
لا تعكس تطلعات الرئيس، ولا تطلعات شعب مني بالعيش الكريم؟
كتل سياسية اتحدت على تثمين الخطابات، دون أن تعمل بمقتضاها ،ماجعلها تتحور تلقائيا، والتحور من شيمها، مثمنة الصراحة مع الذات، دون أن تأخذ البدائل اللازمة لرافعة البناء والتطوير ومسايرة الركب فمن البديهي أن يتعطل المركب في منتصف الطريق لأن خطوط السلامة والأمان حيد عنها ، وبعيد أخذ دور المعارضة، وهذه سابقة من نوعها في تاريخ البلد، الإشارة، الى نقاط الضعف، والوهن، والعجز جاءت حكومة القرب الثالثة، لتكن أكثر "إنصافا " لأولئك الذين عجزوا أن يسايروا ركب التقدم والرخاء، فحافظت الأسر الأستقراطية على النصيب الأكبر من الكعكة، وعززت بفيلق من المستشارين، شاركوا في رسم السياسات العرجاء التي أثقلت كاهل البلاد بالديون وتوسيع دائرة التباعد بين المكونات الإجتماعية، ولتكبر" أربعاً" على مضامين خطابي الإستقلال و مدينة وادان عن انصاف المهمشين الذين ظلمهم التاريخ و الأنظمة الشمولية المتعاقبة،ولأن "الإنصاف " الناجع لا يتجزأ، فإن غياب استراتيجية كثيرة المعطى، لما تتبلور بعد...لتصحيح التراكمات الجمة التي قوضت إقتصاد البلاد.
القرب الذي، سمت به الحكومة الثالثة، نفسها، عكسي، لأن رسائل التعيينات، محاكاة لسابقاتها، وتلك، هذه نتائجها التي نسبح في أمواجها العاتية، ولا ندري، بأي قاع سنسقط...
للأسف لم تستوعب حكوماتنا الموقرة الدرس، ولم تستفد من الإستقرار، وفي الوقت الذي كان أن تتخطى فيه أبجديات التنمية، مازال نظامنا، يسير على نفس النهج، وهذا هو محض الفشل، حيث دأبت مؤشرات الأبحاث الدولية في مجالات الحكامة الرشيدة وغيرها من مؤشرات التنمية المختلفة أن تضعنا في الذيل مع دول فاشلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، آخرها مؤشر السعادة، بينما لم يشملنا التصنيف في مؤشر القوة الناعمة من ضمن 120دولة الى جانب ليبيا المقسمة بين حكومتين...
الخطابات الأخيرة، لاتخلو من نداء للمجتمع الدولي بصفة خاصة،لطلب،العون،والمساعدة، قبل أن تكون رسائل للرعية أن تقبل بأننا فقراء حتى الثمالة ،وتقبل بنية الإصلاح، إلا أن العجز حال دون ذلك ،ولكن، مما لايقبله المواطن، أن سيلاً من المعونات الدولية، فضلا عن عائدات الصيد والضرائب والمناجم لم تستثمر على الوجه الأكمل، وأن الفساد لم يحارب بالآلية اللازمة، لدحر الفقر والجهل والمحسوبية والفساد والقبلية، وبالتالي، أرض الرجال، يجب أن لا يعتمد أهلها، في مذاقهم، على الآخر، ،بل، يجب أن يعتمد، الآخر، عليهم، طالما توجد، الأراضي، الخصبة، و مياه، الري، والكفاءات، وأدوات التكنولوجيا، عندها ،تتعزز المقولة التاريخية، للمؤرخ الفرنسي...وبالتالي، غياب ديناميكية، الدفع بالخطط التنموية الى الأمام هو المرض العضال، لحكومات التعهدات، الأولى والثانية، وحكومة القرب الثالثة في نسختها الجديدة/ القديمة بتشكيلتها التي دأبت على الجلوس في نفس القصر وفي نفس الوزارات والإدارت والسفارات ،وبما أن زمن الثورة الرقمية يقرب الصورة أكثر، ويجمع مالم يجتمع في سالف الدهور فإن المواطن لن يقبل بفقر الأرض، ولكن، يقبل بتقصير، الطبقة الحاكمة وعجزها، في الوقت الذي نجحت طبقات دول أخرى في تجاوز معضلات البناء رغم مامرت به من نكبات أشد، فأن تعجز حكومة عن توفير لقمة العيش لساكنة هي الأقل في شبه المنطقة، ولها 587000هكتارا ،بدون فقر لمياه الري، والكفاءات موجودة، ووسائل التكنولوجيا، فهذا دليل على شتى أنواع الفشل، فالسياسة الناجحة بذرتها تحقيق الإكتفاء الذاتي، غير ذلك يبقى الصيد في المياه العكرة، ويقاس تقدم الدول، بمدى قدرتها على توفير لقمة العيش لشعوبها، هكذا سادت أمريكا، وتعلق العالم ،و تأثر بالأزمة الروسية الأوكرانية كأبر دول مصدرة للقمح والمشتقات الزراعية.
نخبتنا المتحورة، لم يعد حديثها، اليوم، عن التعهدات، بل بات أكثر من أي وقت مضى، عن إقناعنا بأننا بلد...فقير، والإكتشاف الحقيقي أننا، لسنا كذلك، لا، ومليون، لا، إننا بلد، مفقر، وفقير بالأفكار الخلاقة التي تدحر الفقر وتبعاته من أمراض جيو سياسية و إقتصادية واجتماعية وثقافية...الخطابات الأخيرة، هي طور آخر من مراحل التعثر، لتطول مسيرة، البؤس، في موريتانيا ،حين تذكر كما قال أحد الإعلاميين الدوليين ...
هندسة الإلهاء، والقوة،والقمع، تكون عكسية، مهما طال الزمن، و أفلح قوم جسدوا الإرادة ،فأنى كثرت المنافع، بشكل أعم، كان النجاح،،،و زمر المستقوين بالنفوذ، و حاشياتهم، والمحيط الضيق،أتبت التاريخ، أن لذة الحياة بالنسبة لهم، تختتم، بمرارة حنظل عادة، في كل جزء من العالم : تشاوسيسكو ،موغابي، موبيتو سيساغو، القذافي، بنعالي، الشاه، توماني تورى....فآن الأوان أن نستوعب الدرس من أنفسنا قبل أن نكون شماتة للآخرين.
الدولة الفقيرة يجب أن تقلص النفقات، وتتخذ سياسة تقشف، وتخفض رواتب كبار موظفيها...دك المؤسسات الكبرى، بالمستشارين في أوقات العسرة، يزيد من المعاناة...وعليه لم نكن، بصدد تبرير العجز، خلال حكومة القرب الثالثة، ، ولكن، العجز، يجب أن يقهر، بآليات القهر التي تقود الى الهدف المنشود....
محمد ولد سيدي المدير الناشر لموقع اركيز انفو