موريتانيا وجانجاويد مالي- الرسائل والتحديات- محمد ولد سيدي

أربعاء, 03/09/2022 - 15:57

لا تكاد تخف فاجعة في الشرق الموريتاني حتى تأتي فاجعة،أخرى أكثر بشاعة وحيوانية من سابقتها، في شهر فبراير قتل سبعة موريتانيين في بلدة نارا، بدم بارد، واليوم تتكرر ظاهرة الإعتداءات الغير مسبوقة ضد الرعايا الموريتانيين الذين كان من المفروض أن تستقبلهم الجماعات المسلحة المتناحرة والحكومة المالية بحفاوة وكرم وتأمين بما أن موريتانيا هي المتنفس الأول، والواجهة الخارجية لدولة مالي المحاصرة من طرف منظمة الأكواس والهيئات الدولية الأخرى.
لقد أعاد التاريخ نفسه، ليس في أوروبا، ولا شرق إفريقيا، ولكن، في شمال وغرب القارة السمراء، إن ماوقع للرعايا الموريتانيين في مالي، يذكر الى حد ما بجرائم الرعب لدى، الجنجاويد في إقليم دافور، وبالتالي، فلا فرق بين عصابات،فيغنير التابعة لروسيا ،و كتائب الجنجاويد، اختطاف، وسحل، وقتل،وسبي،و أخطاء الجيش المالي في قتل جماعة من الدعوة والتبليغ خلال العشرية الفارطة...
أن تكون الحكومة المالية غير معنية بهكذا جرائم، أمر لا يصدقه العقل، فالنظام الحاكم في مالي هو من استدعى الروس لحفظ الأمن، ومحاربة الجماعات المتطرفة، والنظام العسكري المالي هو من طرد الفرنسيين، وبالتالي، فهو مسؤول بصفة مباشرة عن مايجري على أرضه ضد الجاليات الأجنبية خاصة الموريتانية، وعليه كان من المفروض أن يكون مع مجموعات فاغنير التي يتقوى بها النظام العسكري في باماكو مرشدين ماليين ، حتى لا تتكرر الأحداث المأساوية والمصائب.
إن كارثة ربينة أهل العطاي تدمي القلوب، وفق مايشاع،واستدعاء السفير المالي لدى الخارجية الموريتانية، خطوة ،ويجب أن تتبعها خطوات أخرى.
لا ندعو الى مزيد من التوتر بين الأشقاء، ولكن، من أجل الضغط على الحكومة في مالي كي تأخذ مسؤوليتها تجاه أمن وسلامة الرعايا الموريتانيين .
من جهة أخرى على المستثمرين في قطاع التنمية الحيوانية، وملاك الأنعام في المناطق الشرقية أن لا يلقوا بأنفسهم الى التهلكة، لأن القدوم على أماكن الخطر مجازفة، وخطورة، ولنا في الخليفة عمر رضي الله عنه أسوة حسنة عام طاعون عمواس في الشام ففي سنة 17هـ أراد عمر رضي الله عنه أن يزور الشَّام للمرَّة الثَّانية، فخرج إِليها، ومعه المهاجرون، والأنصار حتّى نزل بِسَرْغٍ على حدود الحجاز والشَّام، فلقيه أمراء الأجناد، فأخبروه: أنَّ الأرض سقيمةٌ، وكان الطَّاعون بالشَّام، فشاور عمر رضي الله عنه واستقرَّ رأيه على الرُّجوع،والقصةمعروفة .
لذا يجب على المنمين في مناطق الشرق الموريتاني العودة الى أرض الوطن، والتقليل من التنمية الحيوانية والبحث عن بدائل طالما أن العوامل المناخية غير مشجعة على التنمية والخطط الإستعجالية والبرامج الداعمة لم تعكس تطلعات المستثمرين .
إن العالم يمر بمرحلة جد صعبة، والدول في سباق محموم، في مجالات الأمن والتنمية والدفاع و الإستقلالية عن بعضها بعضا منذ ظهور جائحة كورونا.
والحرب الروسية الأوكرانية، غيرت النظام العالمي، الجديد فهل سنأخذ العبرة من الأزمات والأحداث الصعبة، أم أننا سنبقى رهينة للتجاذبات الدولية،مع تباطئ في التنمية والتقدم، و برودة في محاربة الفساد ؟
صراع أجنحة، قوي، داخلي، وخارجي في دولة مالي،وضع بصماته في الأحداث الجارية في هذا القطر العزيز، وبما أن الوضع في مالي لايقل عن الوضع في ليبيا، فإنه يجب على الحكومة الموريتانية،الحالية، أن تقود مبادرة مصالحة،بين الأطراف المتنازعة في مالي على غرار مافعلته تونس والجزائر ومصر والمغرب مع الأطراف الليبية، علاوة، على تحرك الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز الذي قام بوساطة أنهت حدة الصراع بين القوى الأزوادية والدولة المالية أسكتت أزيز المدافع الثقيلة .
الهدوء وبرودة الأعصاب وعدم العنجهية والتأني في الخطوات المناسبة مهم جدا، وضروري، إلا أن حجم النكبات يستلهم الهمم، ويفرض تطوير البنية العسكرية بآخر أنواع الأسلحة الجوية والبرية ومنظومة الصواريخ خاصة أن البلاد تقع على أكثر من جبهة ساخنة وعلى مسافة أكثر من 2000كلم من الصحاري.