هنا الأقصى..هنا المقاومة/ شادي أبو صبحة

سبت, 11/13/2021 - 13:50

هنا قناة الأقصى الفضائية... صخبٌ ملأ الفضاء الإعلامي، هكذا غرّدت الفضائيات والإذاعات الفلسطينية، بعد ثوانٍ معدوداتٍ من القصف الصهيوني الغاشم الذي استهدف مقر القناة قبل ثلاثة أعوام، فدمّر حجارتها وأثاثها لكنه لم يمسّ كبرياءها أو يثبط عزيمتها عن المضيّ قُدُماً في بث الحقيقة، وعادت إليها الحياة بعد وقت قصير، لتنهض وتشهد على الجريمة الصهيونية النكراء، مواصِلةً مسيرتها على مدار 15 عاماً من العطاء؛ نهضت واستمرت حتى لا تنقطعَ رسالتها عن العالم، وحتى يبقى صوتها مدوّياً في أرجاء المعمورة.

أخطأ العدو الصهيوني عندما ظن الأقصى مجرد مبنى يحتوي معدات وأجهزة تبث البرامج ونشرات الأخبار، وأخطأ حين توهم أن من فيها هم مجرد إعلاميين وموظفين يعملون بحثا عن قوت يومهم، ولا ترهبهم طائرات أو صواريخ، ولم يَجُلْ بخَلَدِهِ عندما قرر قصفها.. أنها "قناة المقاومة".

فـ"الأقصى" أكثر من قناة تلفزيونية؛ إنها المقاومة بلباس مدني، وسلاحها كلمة الحق الضاربة في العمق المتجاوزة لحدود المكان والزمان، لا تموت ولا تنكسر ولا تتراجع، بأقلام فدائييها روي حكاية شعبها وبالصورة تحكي ملاحم البطولة في #حد_ السيف و#سيف_القدس، تسجل انتصارات الشعب بالدم، بصلابة وقوة.

حافظت قناة الأقصى منذ تأسيسها على المرتبة الأولى فلسطينياً والثانية عربياً بعد قناة الجزيرة القطرية في تصنيف القنوات الفضائية المتابِعة للقضية الفلسطينية من حيث عدد مشاهديها حسب الدراسات ونتائج استطلاعات الرأي المتعددة؛ لذلك بقيت في مرمى نيران الاستهداف الصهيوني الذي كان يراها متقدّمةً في المواجهة بالصوت والصورة وقوة الرسالة الإعلامية التي تحمل التوجيه والتحريض باعتبارها رأس الحربة في الإعلام المقاوم، الأمر الذي دفع "إسرائيل" إلى قصف مقرّها خمس مراتٍ في جولات التصعيد وفي كل معركة له ضد المقاومة في غزة كان آخرها قصف مكاتب القناة في برج الشروق في معركة #سيف_القدس ٢٠٢١، هذه هي مسيرة القناة على مدار ١٥ عاماً من العمل الإعلامي المتواصل عجز الاحتلال خلالها عن كتم صوتها.

تتعاقب الأعوام، وما زالت قناة الأقصى تحتفل بافتتاح استوديوهاتها قبل أيام قليلة لتزهو بحلة برامجية وإخبارية بهية، ويأتي ذلك تزامنا مع ذكرى تأسيسها في ١٨ نوفمبر ٢٠٠٦.
كل عام في هذه الأيام نُحيي ذكرياتٍ من الألم بسبب قصف مقرات القناة المتكررة والملاحقة المتواصلة نستذكر فيها أربعة من زملائنا الشهداء، ورغم القصف والملاحقة والافتقار إلى الإمكانيات؛ تعود عين الحقيقة كالجبل الأشمّ راسخةً في مبادئها بليغةً في رسالتها، صلبة العود قوية الشكيمة، تنجح باقتدارٍ في نشر رسالتها الإعلامية المواجِهَة لسياسة الاحتلال "الإسرائيلي" وتُسقط مخطّطه الرامي إلى إخراس كل صوت حرٍّ.

لطالما كانت الأقصى...عين الحقيقة، فقد شاهدَت وسجّلَت ونشرَت وعَرَّتْ الاحتلال ودوّنت وقائع جرائمه بكل تفاصيلها بحق شعبنا، فعزم هذا العدو على إسكاتها بسبعة صواريخ ليطفئ نورها، لتكون عبرةً لكل من يتجاسر على الاقتراب أكثر من الحقيقة، بيد أنّ الحقيقة التي أراد لها الاحتلال أن تختفي خلف ستار العتمة سرعان ما أطلّت أكثر سطوعاً رغم الألم، وأكثر بريقاً رغم القصف، أطلّت عبر مرجٍ من العيون التي تضامنت مع القناة لتبقى أيقونةً للإعلام المقاوم.. هنا الأقصى.. هنا قناة المقاومة.