أطفال الفقراء، الذين غادروا المدارس في وقت مبكر،أو لم يتعلموا،أصلاً، يضرون بأنفسهم، وأهلهم،قبل أن يتضرر منهم ،غيرهم،ويصبحوا مثيرين للقلق والخوف،شأنهم،في ذلك، شأن الشذاذ،من أبناء الطبقة،البرجوازية، كيف يمكن احتواؤهم، وانتشالهم ،وإعادة تكوينهم، ليكونوا أناسا شرفاء، يساهمون في بناء وطنهم، و يسلكوا الطريق السوي،كما هو الحال في بعض الدول ؟
يقول المثل الشعبي:
امنين يمتس الحم لحمر، يوف اصبر...
الرعية تتحمل كل شيء، ماعدا انتشار، القتل، والسطو، والإحتيال، لأن أمن الأفراد، جزء لايتجزأ من أمن الدولة،
لا شك أن مخافر الشرطة، والسجون، كلها مكتظة بالمجرمين، من كل المكونات، ولا شك أن أغلب المنحرفين من أولئك الذين، عانوا من ظلم تاريخي، هذا من المسلمات التي نتفق عليها، جميعا، نظرا لتأخرهم في التعليم من جهة،وعدم صبر كثير منهم على التحصيل العلمي، ومن جهة أخرى عدم اتخاذ استراتيجية أكثر فاعلية، تمكن،من تقريب الهوة،بين المواطنين، فريق في منتهى الفقر،وآخر في منتهى الغنى ،هذا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ،ما للمحسوبية، من دور،زاد من معاناة عامة الناس ، لأن مَواطِنَ الثروة، يغلب عليها أبناء المتنفذين، لتبقى أغلبية الشعب، يطحنها الفقر والتعاسة، والتلون في أنواع الإنحراف.
طبيعي أن تكثر معدلات الجريمة في غير المتعلمين، وطبيعي أن تهتز أركان المجتمع عند كل جريمة قتل، او خطف،وهذه الهزات المجتمعية، من حين، لآخر ، حلولها إقتصادية و إجتماعية، قبل أن تكون سياسوية، حملاتية ،استهلاكية
فالحزب الحاكم نظم سلسلة ندوات عن الوحدة الوطنية،وهذا، مهم جدا، وضروري، وهي،مسؤوليته، وأرسل بعثات خاصة لهذا الغرض الى الداخل ، وهذه ليست المرة الأولى التي ينظم فيها الحزب حملات توعوية عن الوحدة الوطنية، فقد نظمها ردا على تقرير قناة العربي عن أوضاع لحراطين، كما نظمها ردا على مداخلة أحد الحقوقيين في إحدى المنظمات الدولية ،إذن حملات توعوية آنية، ووضعية اجتماعية، لا، تخلو من مطبات، والخطابات العنصرية، الشعبوياتية، الناجمة عن الغبن والتهميش،وسوء التسيير، وهذه المسائل كلها تهدد السلم الأهلي.
الوصفة الطبيعية لهكذا أمراض، لا تكمن في التشخيص وحده، بقدرما تكمن في مشاريع تنموياتية، وبرامج خلاقة، فالإنسان لابد أن يعوض فراغه، بأشياء سلبية، أو إيجابية، فالعاطل المتعلم، يقوم بتصرفات مغايرة للذوق العام في بعض الأحيان، ناهيك عن الجاهل ،ف ثورات الربيع العربي، أطلق شرارتها، مهندس تونسي، ضربته البطالة، وتعرض للظلم، فكانت تداعياتها، احراق نفسه، وسقوط،أنظمة،استبدادية،ونهاية،دول،ومازالت ارتدادات تلك الثورة، متواصلة في أكثر من كيان .
الفقر ظاهرة خطيرة ،في كل بلدان العالم، والسياسات الدولية ترسم جميعها على الحد منه، وتحقيق العيش الكريم، وقليلة هي الدول التي ،لا يوجد بها فقراء، صحيح، أن لكل شعب أزماته، ومعاناته، ومشاكله، إلا أن القاسم المشترك بين شعوب المعمورة، أن جل المنحرفين من أبناءالفقراء ، وقد اختلفت الدول في العلاجات اللازمة، وحققت نتائج إيجابية.
ففي سنة 1955قامت الخبيرة، الأمريكية في مجال الغذاء، أورشانسكي بدراسة،عن الفقر في سكان ولاية،شيغاكو،والولايات المتحدة عموما، وخلصت الى أن أكثر عمليات الإجرام، توجد في أحياء الفقراء، واستنتجت جملة من الملاحظات الإحصائياتية عن أسباب إنتشار الجريمة منها :
تحديد آليات لقياس الفقر ،وتحديد الأشخاص، وتعدادهم، وتصنيفهم، حسب الإقامة، والعرق،ثم القيام بحزمة من الإجراءات ذات الفوائد الصحية،والتعليمية، والمادية.
في موريتانيا لايختلف اثنان على معاناة آدوابة، وتجمعاتهم، ومستوى الخدمات العمومية، وترديها ،بل وإنعدام بعضها ،كالمياه الصالحة للشرب، والطاقة الكهربائية، أما التعليم فإنه في حالة يرثى، وليس اكتظاظ ساحة الجمهورية، وميادين الولايات الداخلية بالمضربين من أجل الرفع من مستوى معيشة عامة،الناس،إلا مرآة عاكسة لأسباب انتشار جرائم القتل والإحتيال على المواطنين الأبرياء ،وعليه فإن تجاهل مثل هذه المطالب، واستشراء الفساد، واتساع البطالة في أصناف واسعة من الشباب، ليزيد من الإحتقان وينمي الجريمة أكثر،قصارى القول أن الحلول المسكناتية، لا تقضي على الأداء، ولم تنه المعاناة،وآن الأوان أن نأخذ الآليات المناسبة للبناء، والتقدم، فالمكانزمات التقليدية فرض واقع العصر،تغييرها بشكل كلياني،و أن تحاكي هندسة الخلق والإبداع والنمو المتسارع، والبحث عن حياة بديلة، فغزو الفضاء، وحرب النجوم لم يعودا، يقتصران على الثنائية القطبية كما كان الشأن خلال الحرب الباردة، لأن،الإقتصاديات المتطورة أصبحت تنافس، وترسم برامج علمية مبهرة،سواء الدول التي تمتلك ثروات طبيعية، استغلتها، أيما استغلال فانعكست،على شعوبها، مما جعلها تستحدث وزراء، للسعادة والرفاهية، أو التي لا تمتلك ثروات طبيعية، ولكن، عوضت عنها، بالإستثمار في العقول، فكان القاسم المشترك بين تلك الدول الناجحة، أو التي قطعت، مراحل متقدمة في التنمية، هو الإرادة السياسية، ولا تكون الإرادة السياسية، ناجحة، إلا إذا ساد العدل والمساواة والقضاء على الفساد،فما بالكم، بأمة، تأكل من خارج حدودها؟
منطقيا إن من احتوى كل القوى السياسية، بلغة أدبية رصينة، غنية بالدعامات الدينية، والحكم، والحقوق، والوعود،الكبرى، لقادر على تجاوز كل التحديات، مهما، كان شكلها ،ولكن، ينبغي أن تكون الآليات، والحصاد فيما مضى من الزمن، تعكس الأفكار القيمة التي وحدت كل الألوان السياسية والحقوقية المتباينة خلال العقود الماضية.