لو التزمت الحكومات المتعاقبة بالمواثيق الدولية، ونصوص تأدية اليمين الدستورية، وقبل ذلك بنص القرآن الكريم،والأحاديث النبوية الشريفة، لما تشكل ميثاق لحراطين في زمن انتفضت فيه شعوب العالم، ولا أقول الأقليات أو الفئات أو المجموعات التي عانت من ظلم تاريخي،ليس في موريتانيا وحدها بل في مختلف البلدان،
في زمن طغى فيه الظلم والغبن والدكتاتورية أحرقت دول بسبب المطالبة بالعدالة الإجتماعية، وسقط فيه قادة دول في العشرية، بين من هجر وأبعد عن الأهل والأوطان وبين من قتل وبين من تقطعت بهم السبل في الصحاري والأدغال، وبين من تقاسموا مرارة السجون مع من عاثوا بهم فسادا،فيما انهارت دول أخرى، وأصبحت ملعبا للقوى الأجنبية تتقاسم ثرواتها وتقاتل بعضها بعضا...
اليوم تحل الذكرى الثامنة لمسيرة الميثاق للمطالبة بحقوق لحراطين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وقناعة مني، فإنني أرى أن المطالبة بالحقوق حق دستوري وواجب شرعي بالطرق السلمية، ومن هذا المنطلق فيجب أن لا يكون هناك مهمشين، أو مغبونين، ليس من شريحة معينة، بل من كل المكونات، فمن لم يكن لديهم أيادي طولى في الأنظمة المتعاقبة فقلما يجدون حقوقهم، لذا فمسألة الغبن والإقصاء والتهميش تكاد تكون مشتركة ،وإن كان لحراطين هم الأكثر معاناة لعوامل ثقافية معرفية محضة رغم وجود استثناءات قليلة ف محيطي " قرية التيشطيات " لم يعاني من قلة معرفة بل إن نسبة المتعلمين تشكل 99% والشهادات العليا جد مرتفعة إلا أن نسبة التعيين في المناصب السامية لاتتماشى وحجم الشهادات والمتعلمين هذا ناهيك عن مناطق أخرى .
ضد الفئوية، والشرائحية، وأعتقد أن العدل إذا ساد يجد الكل ثماره، لأن العدل والوفاء بالتعهدات، فيه مصلحة للنظام، ومصلحة للشعب، ولايقود إلا الى القوة والتماسك والتعاضد ،وكلما ساد العدل، ساد الأمن، وانقشع الخوف، وغابت الشحناء والخطاب الشعبوي.
ووعيا مني بخطورة الخطاب الشعبوي، وتنامي الشرائحية، في مجتمع متعدد الألسن والألوان، فإني أرى أن تشكلة الميثاق أصلاً خطئاً وصوابا، فمن ناحية الصواب تأتي المطالبة بالحقوق حق دستوري، ومن ناحية الخطأ فإن تشكلة مكتب من شريحة واحدة ولو كانت تعاني أكثر لايجوز طالما يوجد وطنيون أحرار من كل الفئات يحملون هما وطنيا بصرف النظر عن اللون او الجهة وبالتالي فإن ميلاد الميثاق أدى الى تكريس الفئوية أكثر والخطاب الشعبوي، حراك لمعلمين، حراك السونوكى، اجعبن، حزب آخر تشكل نقيضا/ إيرا، التي كانت سببا في ميلاد الميثاق كل هذه المواليد بعضها في العشرية، وبعضها الآخر تتدخل عوامل حضارية وثقافية وسياسية في أسباب ظهورها، بناءا على ماتقدم، فالوطن أشمل، ويتسع للجميع إذا ما انتصرت الإدارة الحقيقية في بناء مجتمع قوي تعليما وإنتاجا، وعليه وبما أن المجتمع أشمل، فإني فوق الشرائحية، ولن أشارك في مسيرة الميثاق، وأعتبر أن قادتها جزء من معارضة تفننت في الخلافات، فمن لم يستطيعوا الإتفاق على قائد واحد ،لن يستطيعوا أن يبلوروا مشروعا وطنيا قادرا على النهوض بالبلاد نحو الأفضل.