السر في نجاح تجربة رواندا التنموية يعود الى المهارة القيادية للزعيم بول كاغامية... واحاطته لنفسه بالعقول المتقدة والملتهبة والطموحة لتغيير الوضع...لقد ابتعد عن ذلك الكسل الافرنجي الذي خلفته فرنسا في مستعمراتها وتخلص منه نهائيا.. فالامم لا تبنى باشعار بودلير ولا بالانشائية ...!
انه مثال رائع لما يعرف بشرعية الانجاز...واجمل ما في شرعية الانجاز ان الناس البسطاء حين يشاهدون الانجاز ماثلا امامهم يندفعون وبكل صدق في دعم الزعيم على تحقيق اهدافه.
حين نزل مختار ولد داداه هنا ببر نواكشوط بين الذئاب..وشجيرات افرنان.. وصبر سنوات طويلة صدقه اهل موريتانيا وسقط سعر العقار بالسنغال لان قرابة مائة الف او يزيدون تخلصوا من ممتلكاتهم العقارية وارتحلوا شمالا لتعمير الصحراء البوار التي اصبحت اليوم مدينة مليونية صاخبة بالحياة ...متفاعلة ...وملهمة للفن والصناعة.
لقد قال لي شاهد عيان حضر تنصيب كاغامية سنة 2000 ان في كل رواندا لم تكن هناك مناديل ورق...ولا سيارات نقل ...وكانت ارض الحزن والفجيعة بامتياز... ان سر نجاح هذا الرجل انه لا يترك لاحد مجالا للقيام بفساد.. وانه لقن حكومته عقيدة كسب التحدي.. بالاندفاع والطموح .
يقال انه غير ديمقراطي . يقال ان سجله الحقوقي غير ناصع...
لكن بالنسبة لي وبعد متابعة 30 سنة من ديمقراطية الاقتراع.. وحملات الشراويط اصبحت اميل الى ان المهم هو تغيير حياة الناس نحو الافضل ...فماذا افادتنا الانتخابات البلدية ؟
لقد كان نواكشوط اكثر نظافة ايام تولى الوالي تسيير الخدمات فيه.
وماذا افادنا برلمان المطبلة هذا الذي سمح بالامس بتغيير العلم والنشيد وانفاق 6 مليار اوقية لتنظيم ذلك الاقتراع ببلد بلا طبابة وبلا تعليم؟
ذلك البرلمان الذي وافق على ابدية حكم محمد ولد عبد العزيز واتهمه بالسرقة بعد ذلك بشهرين.
لقد شغلنا ميتيران بديمقراطية "الفيافي" هذه..واصبح فرضا علينا ان نتأمل الامر بهدوء وكياسة لتشخيص النواقص ومعالجتها فالعالم كله تقدم ونحن هنا على باب الله نردد اهازيج الحملات كل عام.