فلسطين ..ماذا ينفع الصياح؟ محمد ولد سيدي

أربعاء, 09/16/2020 - 13:45

أن نكتب عن فلسطين، يعني ذلك أن نكتب، عن أطول صراع على الأرض عرفته البشرية على الإطلاق، الكتابة عن فلسطين، تعني، من بين، ما تعني، الحديث عن مقاوم، و محتل، أو رافض للإستعمار، وغاصب لأرض، أو غابن لشقيق ، أو مؤذٍ لجار...
لو عبرنا هضاب التاريخ، لرأينا أن سكان أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كانت تحتضن أعداء اليوم، اليهود والنصارى والعرب، وأقوام آخرين، ولكن بعد الشتات، والتحولات الكبرى على مر العصور، والأزمان ،ومع سقوط الإمبراطوريات العريقة، ونشأة الدولة القطرية، بعيد الحرب العالمية الثانية، فإن كل الأقاليم، والأحياز ذات التراكيب السكانية الأحادية، أو المتعددة، قد منحت الإستقلال التام عن مستعمراتها، لكن السر في بقاء فلسطين تعيش حالة خاصة، وحدها، أنها الكيان الوحيد الذي رسم على أساس هوية دينية ، بغض النظر عن من ولدوا وترعرعوا هناك، أو من فتحوا بيوتهم للركع السجود، من كل حدب وصوب، غير آبهين بمخاطر ذلك، وكأن تلك الطلائع، ماهي إلا بداية لوعد بالفور المشؤوم، بعد الحرب العالمية الثانية ،وقد تحقق الحلم.
فجر أسود:
فلسطين، لن تتحرر بالصياح، كما لم تتحرر منه، شعوب العالم كله، ولئن خذلت دول عربية، الشعب الفلسطيني، فإن إدارة الصراع العربي الإسرائيلي، بدأت بإنحياز لطرف، على حساب، طرف آخر، والفلسطينيون هم الحلقة الأضعف، يتحملون بعضاً، من الإخفاق، ويتحمل إخوتهم من الأقطار العربية القريبة، والبعيدة أجزاء أخرى، صحيح حاربوا من أجلهم بالغالي والنفيس، واحتلت أراضيهم، الى درجة الخوف من أن يشملهم الإحتلال الإسرائيلي، لأن موازين القوى غير متوازنة، وقد بدا ذلك ظاهرا في حروب 1967و 1973 م
الواقع المؤلم:
كان التطبيع، خيانة، وقد قوطعت مصر عقود طوال بسبب إتفاقية كامبديفد في سبعينيات القرن، الجديد اليوم أن التطبيع موضة، وأن الأدبيات التي كانت سائدة في الماضي، لم تعد صالحة في عصر مابعد الحداثة عصر الثورة الرقمية، و جني الأرباح، وموت الأيديولوجيات، المفارقة اليوم أن كل دول العالم، تحتفل بأيامها الوطنية، ضد الإستعمار، والمفارقة أيضا، أن القوى المستعمرة، هي من تمنح الإستقلال، وترفضه لهذا الشعب، أو ذاك، إلا الشعب الفلسطيني، الحلقة الأضعف، فإنها تحمله مالم تتحمله شعوب أخرى.
صدق الفيلسوف الإغريقي أن الناس لا ترى عين الحقيقة، وعلى كل الناس أن يأخذوا مصابيح في النهار تميز لهم الحق من الباطل!
يوم وقعت إتفاقية كامبديفد، سقطت ورقة التوت، وتساقطت أكثر بمهزلة إعلان المبادئ في مادريد، ثم عصفت بها الرياح بموت اللاءات الثلاثة.
فجر أسود، في عالم ملوث، في أمة تتآكل فيما بينها، تكمم الأفواه، وتقتل وتسلب، ويحرق بعضها بعضا، ويفعل فيها الإرهاب من الخراب، ماتفعل أنظمتها من الفساد، والخيانة العظمى لشعوبها، فكانت الحماية من الثورات الداخلية، والقوى الإقليمية، بالعدو، الأقوى إسرائيل، لكن مهما كان حجم التطبيع، وسباق الماراتون الى أورشليم، ويافا، فإن السلام، لايكون، ولن يتحقق إلا إذا انتهى الإحتلال، فلا سلام، بوجود أراضي محتلة.