عهد المدرس - محمد ولد سيدي

خميس, 02/27/2020 - 20:31

...ومهما عظمت المصائب، وإشتدت الأحوال، وإرتفعت الأسعار ،فإن المدرس يؤدي واجبه، بعيدا، بعسر، قلة لفلوس، وقلة المستلزمات الدراسية، و تهالك، وتآكل المؤسسات التعليمية في أحايين كثيرة .
المدرس به بدأت الطريق، و عنه أخذت المعرفة، و إذا كان فيه من معرفة " للعهد " ، فإن المدرس أعلم بها، من كل سواه ،،،
اكراهات الحياة تفرض على الإنسان خيارات مؤلمة، وتوقف سبيله الى أهداف عظمى، أكثر نبلاً ، و أكثر مردودية في مجتمع لا يعبأ بصغار الرتب من ذوي الدخل المحدود ، ورغم أنهم، يشكلون السواد الأعظم، من عمال الدولة، إلا أنهم لم يجدوا من العناية بهم إلا النزر القليل في الخطط التنموية، و رسم السياسات الأقتصادية، و البرامج الجوهرية.
وبما أننا في عصر الثورة الرقمية، و خلالها، تتموضع الدول في عالم التقدم، والنماء، إنطلاقاً من مؤشرات، الجودة، والنجاح، فإن الأنظمة المتعاقبة في موريتانيا أخفقت في خلق مقاربة جيوتنموية، تعكس تطلعات مدرسيها في كل مراحل التعليم.
في 26و 27 من شهر فيفري سنة 2020م، وعد مدرسو التعليم القاعدي، بتنفيذ إضراب عام على عموم التراب الوطني، ولم يخلفوا العهد، وهم بالعهد أدرى، والسبب معروف تدني رواتبهم، مع العلم أن تدني الرواتب، في بلاد الثروات مسألة عامة! مايثير الى الإستغراب، و التعجب، رغم أن الأرض أخرجت أثقالها، من الحديد، والذهب، والنحاس، و معادن أخرى، ورغم كذلك، أن البحر، قذف هو الآخر، مستنقعات من النفط، وقبل ذلك أسراباً من الأسماك المهاجرة و القاطنة في المياه الإقليمية الوطنية كل هذه النعم، لم تحدث لصانعي الأجيال إلا الخيبة، تلو الأخرى...
حكومة العشرية الأخيرة قررت زيادة للأجور بدأت ب 400000أوقية قديمة للأمين، وانتهت ب0 للأستاذ و5000 أوقية قديمة لمدير دروس، و15000أوقية قديمة لمدير مدرسة ابتدائية ،والغريب مافي الأمر أن لا يتفوه رئيس حكومة " العهد " بكلمة واحدة، تتحدث عن زيادة رواتب المدرسين، في استعراضه لبرنامج حكومة " المدرسة الجمهورية " ،في حين صادقت اللجنة الإقتصادية في الجمعية الوطنية عن زيادة للنواب تبلغ 250000 أوقية ليصبح راتب نائب واحد يساوي راتب معلم مدة سنة كاملة، أي 90000×12 =1080000 أوقية قديمة فما بالك بأولئك الذين يتقاضون الملايين، إن الخلل في الإستراتيجيات المتبعة من الستينيات الى يومنا هذا، الثروات مهمة إذا أستحسن استخدامها، ولكنها، تبقى نقمة إذا لم تستغل بالطريقة المثلى.
إن العناية بالمدرس تتجلى في راتب يضمن له العيش الكريم، دون البحث عن قنوات أخرى لم تزده إلا بؤساً و إحتقاراً الى درجة أن البعض ممن انتفخت بطونهم من المال العام يعترضون على إضراب شمعة الأمم، و مربو الأجيال، إنها الخيبة، إنه الفشل، إنه الإحباط، في مجتمع لا يعرف الإنتاج، ولا الخلق، ولا الإبداع، لكنه، يتقن الثرثرة، والتلون، والتصفيق لكل آت، والشتم لكل راحل...
لوكان الإخلاص للوطن، لمثله المعلم ،والشرطي، والطبيب، فكلهم، يرابط في الحدود، بعيدا عن الأهل والخلان، برواتب زهيدة لا تسمن ولا تغني من جوع ،إن قاطرة البناء في كل الدول التي قطعت مراحل متقدمة في التقدم، بدأت بالمدرس، و الإستثمار في العلم بشكل كبير.

القسم: