استراتيجية سليماني ووفاء المقاومة - أحمد أبو زهري

ثلاثاء, 01/07/2020 - 14:10

المشهد في فلسطين غير منفك عما يحدث في المنطقة، من ناحية التأثير والتأثر بمجريات الأحداث، فالدماء التي أريقت في العراق هي لجنرال إيراني داعم بشكل قوي وفعال للمقاومة الفلسطينية؛ فقد نقل خبرات، ومعدات متطورة، ساهمت بنهضة عسكرية تمتعت بها المقاومة،

وظهرت جليا في جولات المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي جعل المقاومة تسارع للخروج بموقف داعم ومساند، عبر بيانات الأجنحة المسلحة، فضلا عن مواقف القوى السياسية، وصولا لإلقاء حماس كلمة من خلال رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، الذي عد الجنرال قاسم سليماني "شهيد القدس".

وتحدث هنية عن روح الإجرام الأمريكية التي أعطت الغطاء لجرائم (إسرائيل)، وفي الوقت ذات يطمئن هذه الأمة بأن جذوة الصراع باقية، وأن مشروع المقاومة لن ينكسر، هذا موقف يفرض الوفاء والمساندة، وفاء لدماء أريقت لدعمها المقاومة في فلسطين، ومساندة لمشروع مقاوم يتعاظم في مواجهة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية.

في وقت عصيب تركت فيه قضيتنا من زعامات عربية، وإسلامية، تخلت ونفضت يدها عن دعمنا بالمال أو السلاح، بل هرولت ترتع في عار التطبيع، وسجلها حافل بالمؤامرات التي تلوثت بحصار غزة ودماء الأبرياء، يعيبون على غزة مواقفها ليقطعوا شريان الحياة ويسلخوا المقاومة عن جدارها السميك.

إنها صفحات تقطر دما للأرواح التي تخطفها الموساد الإسرائيلي، في بقاع العالم، وهو يطاردهم؛ محمد الزواري المهندس التونسي يدفع الثمن ويغتال أيضا في 2016، بعد نقل خبرة الطائرات المسيرة لكتائب القسام، ومحمد بودية المقاتل الثوري الجزائري يغادر هذه الدنيا بانفجار أسفل سيارته في 1973، لانخراطه في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،

وهناك عشرات الأسماء التي دفعت الثمن، وآخرون ينتظرون أو يترقبون، حتى العلماء كانوا هدفا فمن العالم المصري يحيى المشد أشهر علماء التصميم والتحكم في المفاعلات النووية الذي هشم رأسه في باريس عام 1980، إلى العالم الإيراني مسعود محمدي المتخصص في الفيزياء الرياضية عام 2010 بتفجير استهدفه في أثناء خروجه للجامعة في طهران،

ولا يمكن حصرهم لضيق المساحة، لكن فضاء الذكريات يتسع، وعهد الوفاء لا ينقطع لهم ولغيرهم، لأن بعضَهم دعم فلسطين، وآخرين مهدوا لنهضة الأمة بعلمهم وتجاربهم وأبحاثهم.

إن ذلك يجعلنا موقنين أن (إسرائيل) لا يمكن أن تقبل بتمدد خيوط العنكبوت حول عنقها، وأنها تقوم بعمليات الكي لوعي الأمة، وتتدخل في وقت الذروة لقطع الأيدي التي تمتد إلى المقاومة؛ مالا، أو سلاحا، أو خبرات، أو مواقف، لأنها تدرك خطورة تعاظم القدرة والفعل في يد الفلسطينيين.

فهنا تكون المعركة الفاصلة، ومن فلسطين يُدحر الاحتلال، وأمام القدس تتوحد مقدرات الأمة وطاقاتها، لذلك فإن أي ضغط على الأمريكي في أي ساحة يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، ويقوي من مركزها، ويجعل العدو الإسرائيلي يدخل في عزلته ويغرق في إرباكه.

باتت (إسرائيل) قلقة من تصاعد التهديدات، فهي تترقب وتتجهز لانفجار غير مسبوق قد يعم الشرق الأوسط، وربما يكون لها قسط وافر من هذا اللهب، فلا أحد يمكن أن يدرك ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، ودائما بين الاتزان والانفلات شعرة ربما تنقطع في لحظة ويحصل ما يخالف التقديرات،

التي لن تكون في صالح (إسرائيل) على أي حال، فغزة التي دفعت وتدفع أثمانا باهظة بحصار خانق، وحروب وعدوان، حطم ضلوعها ولم يحطم إرادتها، خرجت وانتفضت من بين صفوف العبيد لتقول ما لديها، وما زالت تسعى لمداواة جراح الناس حاضنة المقاومة في غزة لذلك كانت حكيمة في فعلها وتصرفت بعناية،

وهي تُراكم القوة وتدّخرها لمعركة فاصلة يدحر فيها الاحتلال، تتطلب من الأمة جمعاء حذو خطوات الجنرال سليماني، وفتح خطوط جديدة لمدها بالمال والسلاح، وتزويدها بالخبرات لنرسم مشهد عز تُستعاد فيه كرامة الأمة ويبنى مجدها وسلطانها المشرق.