الحماس الظاهر لأي خطوة تخطى ،أوحتى يعلن أنها ستخطى نحو الإصلاح تعبير عميق عن حجم الضجر من الفساد الذي يعم المنظومة ويترك في كل بيت ألما ،في كل نفس وطنية غصة لحال وطن يكمل عقده السادس وهو في أسفل سافلين تنمويا وحقوقيا وثقافيا وسياسيا ،رغم أصالة منظومة القيم المرجعية ووفرة الثروات البشرية والمادية وصدق ونصح الكثير من العقول الوطنية.
ولأن الفساد ( هو في الحقيقة افساد) شامل في إن الإصلاح لابد أن يكون شاملا ،وفي جوهر المنظومة وأدوات اشتغالها ،وليس مجرد خطوات معزولة تعالج أعراضا هنا أوهناك مهما كانت خطيرة ومؤلمة.
يقول تاريخ الأنظمة المتعاقبة في هذه البلاد إن من يصل إلى الحكم انقلابا أوانتخابا كثيرا ما شرع في خطوات إصلاح جزئية في مجالات حيوية لكن تلك الخطوات وذاك المسار سرعانما يتم طمره من منظومة الإفساد المتحكمة ،فتستأنف رحلة الحفر المواظب إلى الوهد السحيق.
الأعطال والأعطاب التي تعاني منها منظومة الحكم عندنا ليست أعطابا فنية ولا موضعية تفيد معها التصليحات والترقيعات والترتيبات الفنية ،إنما هي أعطاب في نظام التشغيل نفسه تحتاج اعترافا بالمشكل أولا ،واعترافا بفشل محاولات تصليحه الأحادية ثانيا، والعودة بالأمر لأهله( الشعب ) ثالثا .
الإصلاح الذي نحتاج لابد في طريق البحث عنه من جلوس على طاولة متسعة اتساع الوطن لإنتاج نظام تشغيل وطني يأتي الإصلاح من أبوابه ويرسم له رؤية وطنية شاملة حينها قد يكون من ضمن ترتيبات الخطة أن ينتقص الفساد من أطرافه، أو يضرب في مراكزه،أويجمع له الأمران ؛فالكل متاح في مقاربات الإصلاح حين تكون الإرادة موجو دة وصادقة وشاملة، وحين تكون الأهداف مرسومة تحت الرعاية السامية لصاحب الشعب .