الواقع العربي في دول المغرب العربي و الهلال الخصيب، مصر والعراق وبلاد الشام يشهد حراكا شعبويا منقطع النظير.
فلئن انتفضت الشعوب العربية على الأنظمة الشمولية، حتى الممالك اهتزت عروشها، فيما يعرف بالربيع العربي سنة 2011 م ، وأسقطت أعتى الدكتاريات، بإتسونامي الجماهير الغاضبة المتوهجة من الظلم والعهر السلطوي، فإنها اليوم في حالة نشوة، وتصحيح الأخطاء الناجمة عن انحراف الثورات عن مسارها حيث أعاد أعاد التغيير صفوفهم بوجوه جديدة، وأطوار جديدة فيما بات يعرف آنئذن بالثورة المضادة، وبما أن الحياة تجارب فقد وعت الشعوب العربية المغلوبة على أمرها مكامن الخلل و تجاوز الثغرات، فخرجت في اتسونامي جماهيري أشد وأخطر من كل اتسونامي عرفته المنطقة العربية من المغرب العربي الى بلاد الرافدين، فقد وقف الجزائريون من كل الأعمار و الأجناس ضد ترشح عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة خامسة ونجحوا في ذلك ومازالوا في الشوارع جمعة تلو الأخرى منذ سنة ونيف، فأنهار حزب جبهة التحرير الوطني، والأحزاب التشاركية معه، وأنهار بارونات الفساد، وشاركوا المظلومين المضطهدين في وطنهم طعم الظلم والفساد.
وفي تونس تبلورت ثورة الياسمين، بسحق كل المترشحين للرئاسة التونسية من 250. حزبا ولدوا جميعا من أحضان نداء تونس أو الحزب الدستوري و أضرابه و إختار الشعب من ببن ما إختار مترشحين لاينتميان لأي حزب، هما قيس سعيد و نبيل القروي، فمالت الكفة للمحامي المدني قيس سعيد لأن أياديه لن تدنس بإختلاس المال العام .
وفي بلاد الأرز، والأزمات السياسية، انتفضت الجماهير الثائرة ضد الغلاء المعيشي، وضد الطبقة السياسية التحاصصية، بلافتة واحدة " إرحلوا " لا للحكم الطائفي، ولا للفساد الإداري، الشعب يريد العدالة الإجتماعية، والعدالة الإجتماعية أثبتت التجارب أن ورثة الإستقلال ليست في قواميسهم .
وفي بلاد الرافدين " العراق " اشتعلت المدن جميعها بالمتظاهرين ضد تفشي الفساد الإداري و جشع الأنظمة المتعاقبة حيث لا عدالة، ولا حرية، ولا تنمية ومازال العراقيون يواصلون التظاهر و الإحتجاجات ضد النظام الإستبدادي الحاكم .
وفي غلة العرب السودان، طويت صفحة الدكتاتور حسن البشير، ومات حزب المؤتمر الوطني، وتشكلت حكومة تكنوقراط شارك فيها جميع الألوان السياسوية في السودان.
وفي موريتانيا تحاول نفس الطبقة السياسية أن تحافظ على استمراريتها بطرق شتى، ولكن هيهات ، فالشعب قال كلمته في الإنتخابات الرئاسية منتصف السنة الجارية، في القرى و الأرياف، والمدن الكبرى، نواكشوط، نواذيبو وروصو وازويرات....فكل المؤتمرون هزموا في الإنتخابات الرئاسية من مركز إنجاكو غربا الى مقاطعة غابو الى الجنوب الشرقي على حدود دولة مالي و الذين هزمواهم لا ينتميان أيضا الى أحزاب النائب بيرام الداه اعبيد و سيدي محمد ولد بوبكر، إذن الشعوب العربية قالت كلمتها " التغيير المنشود " الذي يعكس تطلعات الشعوب في التنمية الإجتماعية و الإقتصادية والسياسية.
سيدي الرئيس..إنهم يجلسون على كراسي متكسرة، فلا تغرنك إجتماعاتهم، ولا يغرنك التبهرج والتبجيل، فكل الذين سبقوك سقطوا في الفخ، إبق حياديا كما بدأت، وشد على الظلمة و وزريك الأول ، وضع العدالة الإجتماعية و توزيع الثروة، والمناصب السامية نصب عينيك عندها فقط يمكن لموريتانيا أن تصبح دولة قوية متصالحة مع ذاتها و قدوة لجميع المسلمين في العالم...