إلى حد الآن: قصور وخطأ في فهم مقال ولد امخيطير

خميس, 02/23/2017 - 23:36

اليوم، وللمرة الأولى، قرأت نص مقال ولد امخيطير، فبدا لي أن هذا المقال لم يكيف حتى الآن تكييفا صحيحا، سواء على مستوى

 القضاء الذي لم يخرجه من دائرة الجدل بين الردة والزندقة، أو على مستوى النخبة المتعلمة وحشود النصرة التي لم تخرجه من دائرة سب النبي محمد عليه أزكى الصلاة والسلام. الواقع أن ولد امخيطير يصرح في مدخل مقاله بالتفريق بين ((الدين)) الذي قال عنه بالحرف: ((هو ذات التعاليم التي هي شرع إلهي))، وبين ((التدين)) الذي قال عنه بالحرف أيضا: ((هو التشرع بتلك التعاليم، فهو كسب إنساني)). وفي محاور مقاله يوجه ولد امخيطير كل طعونه، ومآخذه إلى ((الدين)) الذي هو، تعاليم وتشريعات إلهية، لا إلى ((التدين)) الذي هو تشرع وكسب بشري، ثم يختم مقاله بمخاطبة بعض الفئات المجتمعية الموريتانية بأن ((الدين)) ورجاله وكتبه هم مصدر ظلمها ومعاناتها.. فالرجل، أيها المسلمون، يسب الله والملائكه والكتب والرسل، وليس يسب النبي محمدا صلى الله عليه وسلم فحسب، وإن كان ذلك من ذرى المنكرات. وبرجوعنا إلى المعاجم والمراجع المعتمدة، نرى أن معنى الكفر جحود الحق من التوحيد ولوازمه، وأن معنى الزندقة الضلال وإنكار الدين بالخبث والمكر، وأن معنى الردة الخروج من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر، ومن كل هذا الثلاثي مركبة شخصية ولد امخيطير، فهو من خلال مقاله الصريح، كافر، زنديق، مرتد.. وعلى مجمل عناصر هذا التركيب تُكيّفُ تهمته، لا على بعضها فحسب..!! وهو يوجه سبه للنبي صلى الله عليه وسلم باعتباره منفذا لـ ((الدين)) (تعاليم وتشريعات المولى عز وجل)، لا باعتباره بشرا (متدينا)،. يقارن ولد امخيطير بين أخذ الفدية من أسرى قريش في معركة بدر، والعفو عنها يوم فتح مكة، وبين غزوة بني قريظة بما كان فيها من الشدة عليهم، محاولا إلصاق تهمة التمييز العنصري بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، جاهلا أو متجاهلا كون قريش على حال مواجهة عسكرية بيِّنةٍ مع المسلمين لها مقتضياتها ومجرياتها في فن السياسة الحربية، على أن قريشا على مسافة من البعد عن المدينة في مكة المكرمة، بينما يهود بني قريظة على مسافة من القرب ومعية المسلمين في المدينة، وفي معاهدة تحالف وسلم معهم معقودة موثقة لا خيار بعد غدرهم ونقضهم لها خفية إلا دحر وهزيمة أحد الطرفين من قِبل الآخر؛أما العفو عن قريش يوم فتح مكة فقد كان بعد التمكين للاسلام وكسبه بالعفو أكثر من كسبه بالعقاب. وفي هذا السياق يعرّض ولد امخيطير بعطف الرسول عليه الصلاة والسلام على ابنته زينب عندما رأى وعرف قلادتها التي أرسلتها لافتداء زوجها الأسير لدى المسلمين، ونذكر نحن أن هذا الأب الحاني عليه أزكى الصلاة والتسليم، لم يأمر ولم يستبد برد القلادة وإطلاق الأسير، وإنما قال لأصحابه رضوان الله عليهم :(( إن شئتم.. (أو قال إن رأيتم) أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها)). ويواصل ولد امخيطير محاولة اتهام النبي الكريم عليه أزكى الصلاة والتسليم، بالتمييز العنصري مقارنا بين حالة هند الآمرة بقتل سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، وبين حالة وحشي المنفذ للقتل، جاهلا أيضا، أو متجاهلا، كون وحشي فاعلا مباشرا كانت فعلته أبلغ وأدوم إيلاما لقلب النبي، عليه الصلاة والسلام، مما سواها، ومع ذلك فلم يهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه بعد إسلامه، ولم يعاقبه إلا بعدم تحمل مرآه، حافظا عليه نفسه ودينه وماله. من وجهة نظري فإن تهمة ولد امخيطير يجب تكييفها لدى القضاء والدولة والشعب بكونه يسب الله والملائكة والكتب والرسل أولا، وبكونه مستهدفا المساس بالثوابت التي قام عليها الكيان الموريتاني ثانيا، مستخدما أسلوب الديماغوجية السريع النفاذ للعصف بما تبقى من وحدة هذا الشعب المبتلى في مقومات سلمه وبقائه..!!