عندما تكون البرامج حبرا على ورق، وعندما تكون النخبة منشغلة بهوس المال والتحصيل، وعندما يكون المجتمع مريضا فإن أي إصلاح ، سيكون مقيدا بمجموعة من الثغرات أبرزها القيود الإجتماعية في المجتمع التراتبي ، إذ لا مكان إذن للتقدم والتطور والإزدهار...فهل سينجح الرئيس محمد ولد الغزواني " مرشح الإجماع في تخطي العقبات المؤلمة التي تسيطر على عقلية الفاعل السياسي الموريتاني؟؟؟
لقد إشتاقت النخبة، أن يتحدث ، فلما تحدث فإذا هو مدرسة سياسية و فكرية و أدبية واسعة المشارب والأهداف ، فكان مرشح الإجماع" فعلا " فهرع الساسة و القادة و الشيوخ و الوجهاء و رجال الدين والأعمال و الفنانين و الشعراء و المتصوفة من يافطة المجتمع المتلون على حد سواء ، و إنهار قطب الممناعة وبدأ سباق الماراتون بين من يمشي مشي الهوينا ، ومن يمشي مهرولا ، أو مكلبتا ً ، بيد أن ما أخافنا هو تألق " فزاعة " المصالح، وتصدرهم في الأدوار التمهيدية المؤدية الى القصر الرمادي، من هنا تأتي الحواجز من قدرة الرئيس المنتخب على الإصلاح أو تطبيق برنامجه الإنتخابي "" الواعد "" ؛ وكما قلنا آنفا فإن القضية لا تكمن في البرامج، بل في القدرة على تنفيذها، فالفساد و الإصلاح خطان متوازيان لا يلتقيان أن تعهد لمختلس مئات الملايين العضوية في إدارة حملة فهذه مفارقة لمن إتخذ من الإصلاح مبدأً ، والعدالة شعاراً ، والكفاءة منطلقاً إن نحن تتبعنا قوائم رؤساء إدارات حملة الرئيس محمد ولد الغزواني فإن أغلبهم من الدولة العميقة، لا نقول أنهم مفسدون جميعا، ولكن خلط الإصلاح و الفساد، ثغرة سياسية، وداء إجتماعيا ، و تصحيح البدايات، ختام النهايات ...
إن الإنتصار على الفساد، وترميم البيت الداخلي المتصدع، يحتاج الى سياسة حكيمة و قراءة متعقلة للوضعية الإجتماعية والسياسية والاقتصادية للدولة، التي إختارت الإعتماد على ""المسألة ""منذ مؤتمر قانون الإطار 1958 و لما تستغني عنها رغم تعدد الإمكانات المتاحة، بينما إختارت غينيا كونكاري طريق الكسب بعرق الجبين، وتذليل الأرض و من ذلك الحين،و الشعب الغيني يستغل أرضه، أحسن إستغلالا، والدول التي تقاطعت معنا في الخيار الأسوأ ، سرعان ما بدأت تستقل شيئا فشيئا عن مستعمراتها إقتصاديا، وترسم سياسات تنموية أكثر فاعلية ، كالدول المغاربية، والشرق أوسطية، بينما صعد بعضها الى مصاف الدول المتقدمة ، و مازلنا نحن " نحن " نعاني من مشاكل في الهوية ، مشاكل في الصحة، والتعليم؛ و الزراعة ، والغذاء ، وترصين اللحمة الإجتماعية ، ومن أجل التغلب على المشكلات الجمة فإنه على الرئيس الجديد أن لا يعتمد على تسويق لأفكاره، فالنجاح أفعالا، تبدو ظاهرة للعيان، والأقوال تبقى أقوالا يقول قائل:
" لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب، والفشل، واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف فـي هذه المحطات" ...
محطات التعب مررنا بها جميعا ومنها تدني قطاع التعليم و نسبة النجاح في الباكالوريا وشهادة ختم الدروس الإعدادية وجيش البطالة الكبير حوالي مائة ألف تتصارع على ثلاثة آلاف منصب شغل ، أما مشاكل المياه والكهرباء و فك العزلة فحدث ولا حرج ، أملنا أن يكون الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني، استفاد من المحطات السابقة، و أملنا أن يختار فريقا يحب النجاح، و إليه يسعى، وأملنا أيضا أن تخلو الخمسية من محاكاة التدوير، فالمواطن يحب أن تقطع بلاده أشواطا متقدمة في التنمية، ويحب أن تنعكس ثروات بلاده على واقعه المعاش ، صحيح أن الطريق مليء بالنكبات، ولكن عندما تتحول الإرادة الى عزيمة فإن الأفكار النبيلة تصبح سلالم و أبراجا يصعد بها الى الفضاء، ويستنشق منها المواطن عبق الحرية عن الآخر في الأكل والملبس والسكن والدواء .، عزم غزواني بحل هذه المشكلات في إعلان الترشح، و أثناء الحملة الإنتخابية ، فعندما تنتصر العزيمة، تتحقق الأحلام، أملنا أن تتحقق الوعود غدا ، وغدا لناظره قريب...