لا في غزة ، ولا في سيناء، توجد أنفاق ،خلفها جبروت
الطواغيت ، و عهر الإمبريالية العالمية ، ولكن ، في حيز آخر، عربي ، إفريقي، مسلم، لم تكمم فيه الأفواه، ولم يشهد حصارا، توجد أنفاق !ليست ككل الأنفاق! فشتان بين أنفاق تبحث عن لقمة عيش، أو دحر عدو كإسرائيل، وأنفاق للهجرة السرية، والجريمة المنظمة، على حدود أمريكا و المكسيك، و أنفاق للسراب بحثا عن الثراء والتنقيب عن الذهب في المحافظات الشمالية والوسطى في بلاد الثروات الحديد و الذهب والسمك والفوسفات و معادن أخرى ...
في موريتانيا يتيه آلاف الشباب، في الصحاري الوعرة، وفي رائعة النهار الحارقة، تتحول الآمال، الى خيبات، و أحزان، في كل صبيحة، أو مساء، حتى أصبحت مفردات، إنهار بئر، أو نفق على منقبين في اكليب اندور ، تماثل سقط، و قضى ، شبان في فلسطين بسلاح الجو الإسرائيلي ...
من حق المواطن الموريتاني البسيط أن يسأل، و يتساءل مادامت سياسة الحكم الرشيد أتت أكلها خلال العشرية المنصرمة، ومادامت مداخيل الدولة تضاعفت مئات المرات، ومادام الفساد قد قضي عليه، ومادامت الركائز الأساسية للإقتصاد الوطني قد تنوعت، و عززت بروافد جديدة فلماذا لا تنعكس كل هذه الدعامات على واقع الحياة اليومية للمواطن؟ ولماذا لا تخلق فرص عمل لآلاف الشباب التائهون في فيافي الصحراء بحثا عن الغنى، والرفاهية إذا كانت الخزينة تغص من المحاصيل؟
لقد طمأننا وزير الأقتصاد والمالية خلال خرجة الخميس أن الأقتصاد الوطني شهد طفرة غير مسبوقة وتحدث عن أرقام بالمليارات ضعف الى أضعاف مداخيل 2008 و 1960 آلاف المرات.
لقد أطال الوزير، و أجاد في القول والعمل، وتفنن في الإلقاء، في النقطة الصحفية يوم الخميس الموافق 16 /5/2019 ولكن، بما أننا في مرحلة شبه انتقالية ، وبما أننا دولة أصبحت المراحل الإنتقالية جزءا من تاريخها، فقد علمتنا التجارب أن الحكومة الإنتقالية الأولى سنة 2005 أعربت عن قلقها من إفلاس خزينة ولد الطائع وتستذكرون البنك الدولي والأرقام المزورة ، كما أن حكومة رئيس الوزراء يحيى ولد الواقف في عهد سيدي ولد الشيخ عبدالله دقت ناقوس الخطر هي الأخرى و أعلن عن مؤتمر للداعمين والدائنين / نواكشوط آنذاك.
حكومة غشت 2009 الأخرى بعد الإطاحة بنظام ولد الشيخ عبدالله المدني وجدت الخزينة خاوية على عروشها...
وزير الإقتصاد والمالية في حوصلة العشرية بعد الإنبهار بالنجاحات العظمى التي حققتها وزارته أقر بما يخالف ما أورده في عرضه لحصيلة الحكومة على ضوء تقرير منظمة ليكادوم الكندية عن عيار الأقتصاد الموريتاني و مؤشر الرفاه ، لذا فإن الأعداد الهائلة للمنقبين، والوقفات المتكررة لقطاعات العمال، وضعف القطاع الخدمي مؤشرات لا تريح الحكومة الوارثة ، فإلى متى نحن نسبح في نفق مظلم، نريد الرفاهية طالما أن أرضنا تسمح لنا أن نتقدم، وننهض، ونقوى، لا أن نظل نعيش تحت رحمة الآخرين ، نريد أن نتوقف عن الهجرة إلى الخارج، عن الجري وراء شائعات الغنى المغرضة في كل زمان، وفي كل جهة من أرض الوطن حيث يسقط أبرياء في غزة، أو سيناء، يسقط أبرياء أيضا في صحاري تيريس بحثا عن الذهب .
حتى في شهر رمضان المبارك سقط شهداء في أنفاق غزة، كما سقط شهداء أيضا في أنفاق اكليب اندور بتيريس زوج وشقيق وثالثهم تربطهم به علاقة ود وعمل.
نتمنى أن تكون حصيلة وزير المالية ل " وريثه " مخالفة لحصيلة وزراء مالية حكومتي 2005 و 2008. موريتانيا موحدة، مزدهرة، غنية هي آمالنا.