السبب و المتسبب في خطاب الكراهية والتطرف ..التحرير اركيز انفو

سبت, 05/11/2019 - 14:27

الحياة البشرية تفرض الإستحداث والتنوع والتجدد في كل ماله صلة بحياة الإنسان من هنا يكون الشخص مرغوب فيه أو مرفوض وفق الأعراف والنظم التي يسير عليها المجتمع والأفراد.
يأتي موضوع خطاب الكراهية والتطرف كظاهرة كونية مرعبة وقبل أن نسبر أغوارها و نحلل دواعيها لا بد أن نتساءل مع أنفسنا لماذا الكراهية، ولماذا التطرف؟ وبعبارة أخرى لماذا نكره، ولماذا نتطرف؟ ماهو سبب الكراهية؟ و من المتسبِّب في الكراهية، فعلا و ممارسة و لفظا، وتلفظاً ؟ الحاكم أم المحكوم، كيف نضمن حياة بدون كراهية، بدون بغضاء؟ كيف نحصن أنفسنا من البلاءات المدمرة ممثلة في ظاهرة الكراهية والجريمة المنظمة و المخدرات والغبن في بعض الأحيان؟
لو عدنا قليلا الى الورى عبر سلالم التاريخ لرينا أمثلة حية فيما يتعلق بالمباح من القول والفعل دون المساس بالآخر، ممايطلق عليه اليوم بالكراهية ، فحياة الصعاليك كانت تطرفا وإرهابا ، في زمن معين، و " اتهنتيت " يعد شكلا من أشكال الإرهاب والتطرف في فترة الفراغ السلطوي أو في بداية الدولة المدنية في بلاد المليون شاعر وهنا يطرح سؤالا آخر من يقوم بإتهنتيت آنذاك ؟ ؟ ؟
سلطة الكنيسة في القرون الوسطى تشكل ارهابا فكريا على الأفراد ولولاها لما تأخرت الفيزياء أكثر من مائتي عام بعد دنس جاليلو؟
إذن الإرهاب و التطرف ظاهرة قديمة ملازمة لسيرورة الإنسان وفي كل الأزمان يجمع العقلاء على تحريم ماهو شاذ من الأقوال والأفعال ونحن في عصرنا الحاضر ننبذ كل أشكال التطرف والإرهاب، ولكن كيف ومتى نتوحد على مفهوم الإرهاب والتطرف طالما أننا نختلف في الأسباب ؟ وبديهي أن كل فعل شاذ مرعب عن قصد فهو إرهاب أو تطرف ولكن، الظلم والقهر والإستبداد يولدون العنف المبرر لذا المناخ الدولي العام تغير وفق معايير جديدة، وسلوكيات جديدة دحضت ماكان شائعا بالأمس فحركات التحرر من الإستعمار أصبحت اليوم إرهابية لا تقل شأنا عن إرهاب الحركات المسلحة من داعش الى بوكو حرام أو عصابات المافيا في أمريكا اللاتينية بناءا على ما تقدم أين تكمن أوجه التلاقي فيما يتعلق بالكراهية والخطاب المتطرف بين النظام و الخارجين عن القانون من منظور عقلي سليم؟
كما قلنا أعلاه أن المدارس تختلف في تفسير ظاهرة الإرهاب والخطاب المتطرف، فأدبيات المستعمر الفرنسي تقلل من شأن معارك المقاومة وتعتبرها غارات( إرهاب ) بقدرما نحتفي بها نحن ونعتبرها بطولات إذن الأدبيات تختلف من شعب الى آخر ومن حضارة لأخرى فمنع حزب سياسي أو حركة أو جماعة من ممارسة حقها القانوني هذا ارهابا وقمعا سياسيا وحرمان لفئة من الشعب من ممارسة حقوقها المشروعة إذا لم تتخذ من العنف وسيلة لفرض إرادتها ، عدم العدالة الإجتماعية هذا إرهابا سياسيا وحرمان طبقة من تولي مناصب عليا في دولتها الأم هذا إرهابا سياسيا مورس في جنوب افريقيا، مطالبة شريحة معينة بحقوقها، أو انصافها في توزيع الثروة، والمناصب هذا ليس إرهابا، في منطقة القبائل بالمغرب العربي، والأكراد في الشرق الأوسط، والطوارق في النيجر ومالي، وحتى الشيعة في الخليج، والسنة في إيران، و ذوو الأوصول من المهاجرين في أوروبا والسكان الأصليين في دول أمريكا اللاتينية وأسترالياو حركة الحر و بناتها من نجدة العبيد الى الميثاق ...
إذن السبب و المسبب في الكراهية والخطاب المتطرف مسيرة طويلة واكبت مسيرة الإنسان عبر الزمن وتحمل سياقات متعددة سياسية وأيديولوجية و حضارية لعبت الثورة الرقمية في انتشارها وعولمتها دورا كبيرا بما في ذلك الموسيقى الهادفة" رابيرات " حيث أصبح هذا اللون من الموسيقى ووسائل التعبير من أفضل أدوات التأثير و أكثرها انتشارا في الأوساط الشعبية وهو ما كان له الأثر الكبير في الحراك الشعبي الغير مسبوق ضد الموجة الثانية من الأنظمة الشمولية العربية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا ظهر الخطاب الشرائحي ، او الفئوئاتي ، ولماذا نشأ؟
الوسائط الإجتماعية زلزلت الكيانات خاصة في العالم الثالث وبالتالي وجد المضهدون والمهمشون والمحرومين وسائل إعلام بديلة عوضا عن الإعلام الرسمي فطبيعي أن تتأثر الأنظمة بذلك وتخضع لإكراهات الحداثة والتحديث وتتنازل عن بعض الحقوق لصالح شعوبها مثل سياقة السيارات أو مشاركة المرأة أو الإنفتاح على المعارضة والمصالحة الوطنية وفي هذا الصدد تدخل تسوية الإسترقاق وملف الإرث الإنساني في العشرية، ولكن كل هذه الأمور لم تفلح في صناعة إطارا سياسويا متحداً رغم كل المحاولات من 2011 إلى 2016 حوارات تلو الأخرى خلاصاتها في النهاية تصدع و احتقان وخطابات موغلة في البذاءة و مجتمع جهوياتي به من الهويات مابه من القبائل قبل الإنتماء للوطن رغم وحدة الكليانية الرحمانية الجامعة لكل الأطياف لتترجم لائحة المترشحين للرئاسيات الحالة الإجتماعية والسياسية التي ينصهر المجتمع في كشكولها.
إذن يوجد إرهاب فكري في الخطاب المتطرف تمثله الأحزاب اليسارية في الغرب ضد المهاجرين و الحركات الإسلامية المتطرفة ،وإرهاب سياسي تمارسه الأنظمة الشمولية ، وإرهاب إقتصادي تمارسه القوى الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان والأتحاد الأوروبي ضد باقي دول العالم.
إن أنجع وسيلة لمحاربة الكراهية والخطاب المتطرف هو العدالة الإجتماعية و انتشار الوعي الجمعوي و القضاء على الفقر والأمية و الإنفتاح على كل القوى السياسية أحزاب، مجتمع مدني، منظمات حقوقية ، صحيح أنه وقعت علاجات مهمة بيدأنها لم تصل بعد إلى الوجه الأكمل.

القسم: