حراك الشعوب العربية.. التحرر من الإرث والتوريت أو التفكك القطري- محمد ولد سيدي كاتب صحفي

ثلاثاء, 04/09/2019 - 23:07

حراك الشعوب العربية..التحرر من الإرث والتوريت أو التفكك القطري - محمد ولد سيدي
يخطئ من ظن أن الحراك السودانى تقليد لما يسمى بالربيع العربي، و يخطئ من ظن أن الحراك السودانى تقليد للحراك الشعبي الجزائري، الحراك في السودان محاولة طبيعية للتخلص من جيل احتكاري ظلوم دأب على تسخير ثروات شعب لذاته، و عندما يستشعر بالخطر، يركب موجات التغيير ، و يعيد نفسه تحت مسميات ، جديدة، ومصطلحات جديدة، ففي العشرية الأولى، بعد الإستقلال، والحالة نفسها تتكرر في الأقطار العربية، فلم تحدث ثورة، بمعنى" الثورة " في أي قطر عربي، وإنما هي إنقلابات عسكرية، تتأقنم مع حركات، و مرجعيات كامباردورية لا غير ، الثورة بمعناها الحقيقي تنتصر، و تتخلص من أعدائها، و ما وقع في تونس - وهي الأقرب الى النجاح - ليس إنتصارا بقدرما هو انتزاع جزءا من الحقوق ، والجزائر تسير على نفس الخطى، وعلى أصحاب السمو أن يدركوا أن رياح الإصلاح لا مناص منها ، والممالك الدستورية ستكون مطالب شعوب لم يسبق لها أن خرجت في الشوارع شأنها في ذلك شأن شعوب أوروبا واليابان ...
إن الحراك الشعبي السوداني، الجديد/ القديم ما هو إلا محاولة لبناء هرم كلما قرب من الغطاء، ينهار ... فيفطن المعمر بالخلل عند كل كبوة، فيبدأ من نقطة الصفر، لكنه في النهاية سينجح، بالإرادة، والإصرار و العزيمة ...
وجد حراك الشعوب العربية التي ملت التبجيل و التدجين ضالته في الثورة الرقمية حيث ساعدت الشعوب في نبذ الخوف والجرأة على مقاومة الإستبداد و انتزاع بعض المكاسب على حساب الأنظمة الشمولية، وتتمثل هذه الأدوات في إنتشار المادة الإعلامية بشكل سريع وتفاعل الشارع معها فكانت أول تلك المكاسب أنه لم يعد للإعلام الموجه من مكانة البتة لا في المشرق ، ولا في "الغرب العربي " لذا الشعوب ملت من الإرث الإستعماري الذي لم ينتج إلا الخيبات والهزائم والحروب و التخلف ، وأصبح لزاما على الأنظمة أن تخضع لإكراهات الحداثة وتواكب التغيرات الدولية ، ولئن ظلت حكومات الإرث الإمبريالي ، والتوريت ، والتلون تحيي ذكريات الإستقلال الذي لم يكن كذلك، وتحسبه " تحررا " من الإستعمار وما هو بتحرر، فإن الشعوب باتت أكثر من أي وقت مضى أكثر وعيا ونضجا و تعقلا للأحداث، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، مظاهرات ، واعتصامات، وانتفاضات من جديد طلبا للحرية والعدالة الإجتماعية ضد الهيمنة والغطرسة و الأحكام الحديدية والتصفية الجسدية التي ألفتها إبان الإستعمار .
إن ما جرى في الجزائر، وما زال يجري في السودان، ويخيم على بعض دول الإرث والتوريت وتدوير الوجوه التي تلطخت أياديها بالفساد و دمرت إقتصاديات البلدان وخربتها ماهو إلا حالة صحية شهدتها مختلف الشعوب التي قطعت مراحل متقدمة من التنمية السياسية و الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية .
إن المنطقة العربية قابلة على مرحلة حبلى من التطورات الجيو سياسية في ظل مناخ دولي محموم بالمنافسة الشرسة بين قوى صاعدة وأخرى نافذة دوليا فإما أن تحدث المماحكات أحلام الشعوب و إما أن تكون بداية لمزيد من التفكك و الشتات وهو الأحتمال الأقرب - لا قدر الله - فالقوى الإمبريالية لم تزل تتحكم عن بعد وعن قرب بما يضمن لها مصالحها على حساب الشعوب، و الإنتصار عليها يدخل في إطار المعجزات .

القسم: