رئاسيات حزيران ..الواقعية السياسية والمخاطر الإجتماعية في موريتانيا - محمد ولد سيدي
أعلنت الحكومة الموريتانية أن التاسع من يناير من كل سنة سيكون عيدا وطنيا للمحافظة على وحدة وتماسك الشعب الموريتاني وطبقت القانون 023 /2018 خصيصا لهذا الغرض للوقوف في وجه أي دعوات عنصرية أو طائفية يمكن أن تهدد اللحمة الإجتماعية وفي اليوم التالي بعد مسيرة الوحدة الوطنية ضد دعاة الكراهية والخطاب المتطرف أصدرت وزارة التهذيب الوطني تعميما يقضي بتقديم دروسا عن الوحدة الوطنية وأهمية التآخي والإنسجام الإجتماعي من أجل غرس روح الألفة بين مختلف المكونات الإجتماعية وامتلأت الوسائط الإجتماعية بصور البيض والسود معاً ، بيد أن هذه الإجراءات سرعان ما عبثت بها رياح المطالبة بتغيير الدستور و مأمورية ثالثة كادت أن تعصف بوحدة البلد، وما إن أخمدت تلك العاصفة الهوجاء، حتى حان أوان الترشحات لرئاسيات حزيران التي عكست الحالة الإجتماعية التي تنصهر فيها النخبة السياسية ، فهل جاءت الترشحات للإنتخابات الرئاسية المقبلة منافية للتاسع من يناير، أم أنها تأريخ لمرحلة سوداوية وشيكة ؟ ، ولو إفترضنا جدلا وجود مرشح شرائحي، ألم يجد مسبباته طالما أن القوى التي ترشح للرئاسيات لم تطرح التنوع العرقي في أجنداتها من أول انتخابات رئاسية الى هذه اللحظة؟
إن خريطة الطريق الى الرئاسيات يجب أن تقرأ بعمق فلا يمكن أن نسقط مفهوم المرشح الشرائحي على أي أحد من قادة تكتلات المتسابقون للرئاسيات : لا محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، ولا بيرام الداه اعبيد، ولا سيدي محمد ولد بوبكر، ولا محمد ولد مولود ، ولا ، كن حاميدو بابا، وبالتالي فإن ائتلاف القوى الزنجية : الحركة من أجل إعادة التأسيس، والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية/حركة التجديد، وحزب القوى التقدمية للتغيير الداعم/ كن حاميدو بابا له مبرراته، و يتقاطع ضمنيًّا مع ما أفرزته الخيارات الأخرى، فقبل أن تختار قوى من المعارضة والموالاة شخصية توافقية ناصبتها العداء في الأنظمة البائدة أليس من الأجدى أن تختار عنصراً من المكونات الإجتماعية الأخرى ما سيفضي زبدة للتجربة السياسية في موريتانيا مثلما أفضى إنتخاب نائبا يهوديا عن حزب النهضة في تونس وزاد من نضج الديمقراطية في هذا البلد ، لذا فإن ترشح بيرام الداه اعبيد و إنتخابه نائبا وهو في غياهب السجن ليحمل أكثر من دلالة .
إن الواقع الجيو سياسي داخليا وخارجيا وفي المنطقة المكهربة على حدودنا الشمالية و الشرقية يفرض علينا أن نتصالح أكثر مع ذواتنا، فالشعوب لم تعد كما كانت ، فالصفة التي تهاوت بها أنظمة الربيع العربي، وتفككت بها أقطار، لم تكن هي ، فهذا الشعب الجزائري أعطى الصورة المثالية التي حرر بها نفسه من زمرة خربت البلاد و العباد دون أن يسكب قطرة ماء ، وهذه دولة مالي المجاورة تعيش على وقع حرب أهلية مدمرة، ونحن أيضا نعاني من أزمة إقتصادية خانقة ، أبسطها أزمة الهوية الجامعة القبلية والجهوية قبل الإنتماء للوطن الأم ناهيك عن مشاكل التعليم و إنتشار الفساد ، فهل من مدرك لغيمة الأخطار هذه ؟