دﺭﻭﺱ “ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﻳﺔ ..” ﻟﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺤﺒﻪ ﺷﻌﺒﻪ
ﺍ . ﺩ . ﻣﺤﺴﻦ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﻨﻲ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﻟﻲ ﻛﻮﺍﻥ ﻳﻮ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ﻋﺎﻡ 1990 ﺟﺎﺀﺗﻪ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻫﻢ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻊ ﺍﻧﻪ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺒﻼﺩ 25 ﻋﺎﻣﺎً ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﻛﻠﻤﺘﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ : ﻟﻘﺪ ﻛﺒﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﻋﻬﺪﻱ ﻭﺣﺎﻥ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻟﻴﺴﺘﻠﻤﻮﺍ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻻﻣﻮﺭ .
ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻩ 67 ﻋﺎﻣﺎً ﻭﺗﺤﺖ ﺍﻟﺤﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻨﻐﺎﻓﻮﺭﻱ ﻭﺍﻓﻖ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭ ﻓﺨﺮﻱ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﻡ 2011 ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ .
ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ..
ﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻓﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺄﻳﺔ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺯﻝ .. ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻳﺔ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﺇﺯﺍﺣﺘﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ .
ﻓﺎﺭﻕٌ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺷﻌﺒﻪ ﻭﻳﺰﺣﻒ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﺮﻩ ﻟﻴﻘﻮﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺍﺭﺣﻞ .. ﺍﺭﺣﻞ . ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﺼﺮﻩ ﻟﻴﻌﻴﺪﻭﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺛﺎﻟﺜﺔ ﻭﺭﺍﺑﻌﺔ ﻭﺧﺎﻣﺴﺔ ﺑﻞ ﻳﻘﺪﻣﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺍﻟﻬﻄﺎﻝ ﻣﺘﻮﺳﻠﻴﻦ ﺑﻪ ﻟﻠﻌﻮﺩﺓ .
ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺭﺋﻴﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ :
ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻲ ﻛﻮﺍﻥ ﻳﻮ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﻣِﻦ ﺷﻌﺒﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ؟ ..
ﺍﻗﺘﺮﺡ ﻋﻠﻰ ﺭﺋﻴﺲ ﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﻟﻲ ﻛﻮﺍﻥ ﻳﻮ ( ﻗﺼﺔ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ) ﻟﻜﻲ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﺍ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﺳﺮ ﺣﺐ ﺷﻌﺐ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ﻟﺮﺋﻴﺴﻬﻢ ﻭﻛﻴﻒ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻧﻘﻞ ﺑﻼﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﻴﺾ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﺗﻨﺎﻃﺢ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻭ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .
ﺧﻼﺻﺔ ﻗﺼﺔ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻭﻳﻬﺎ ﻟﻲ ﻛﻮﺍﻥ ﻳﻮ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮﺍﺗﻪ ﻫﻲ ﻛﻔﺎﺡ ﺿﺪ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ . ﻳﺮﻭﻱ ﻟﻨﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺬﻛﺮﺍﺕ ﻛﻴﻒ ﺑﺪﺃ ﺑﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﻠﻢ؟ .
ﺍﺫ ﺑﺪﺃ ﺑﺎﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﺰﺑﻴﺔ ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻭﺍﺟﻬﻬﻢ ﺑﺄﺷﺪ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ .
ﺃﻣﺎ ﻛﻔﺎﺣﻪ ﺿﺪ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻓﺒﺪﺃ ﺑﺎﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﺍﻷﺭﻳﺎﻑ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺃﻣﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻭﺟﻌﻞ ﻣِﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ .
ﻭﺑﻬﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺨﻄﻮﺗﻴﻦ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﻟﻲ ﻛﻮﺍﻥ ﻳﻮ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺃﻓﻀﻞ ﺑﻴﺌﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻩ ﺣﻴﺚ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﻔﻮﺀﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺮﻛﺖ ﻋﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻮﻝ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻈﻢ ﻗﻮﺓ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻳﺘﺤﺮﻙ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺍﻧﻪ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﺴﻨﻐﺎﻓﻮﺭﻱ ﻣﺴﺘﻘﻄﺒﺎ ﺍﻟﻤﻠﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻻﻣﻮﺍﻝ .
ﻭﻣﻊ ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ﺍﺯﺩﻫﺮﺕ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﺎﻷﺧﺺ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺔ ﻭﺍﻧﺘﻌﺸﺖ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻻ ﺍﻋﻮﺍﻡ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﺻﻨﺎﻋﻲ ﻭﺗﺠﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ .
ﻭﻣﻊ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻧﺘﻌﺶ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻨﻐﺎﻓﻮﺭﻱ ﻓﺎﺻﺒﺢ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻲ 17.598 ﺩﻭﻻﺭ ﺍﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻌﺪﻻﺕ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻗﺎﺭﺓ ﺁﺳﻴﺎ ، ﻭﺍﺻﺒﺢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺴﺘﻮﻯ ﺭﻓﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻃﺒﻴﺐ ﻟﻜﻞ 837 ﻭﺳﺮﻳﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﻜﻮﻣﻲ ﻟﻜﻞ 259 ﺷﺨﺼﺎ، ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ ﺇﻻ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ %2 ﻓﻜﻞ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ ﻭﺭﺵ ﺍﻟﻌﻤﻞ %28 ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻊ %23 ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭ %22 ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭ %10 ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﺰﻳﻦ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻓﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺳﻴﺤﺐ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺛﻢ ﺃﺧﺮﻯ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺧﻠﻖ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺍﻳﺎﻩ ﻣﻌﻠﻤﻨﺎ ﺍﻻﻭﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ( ﺹ ) ﻓﻘﺪ ﻛﺴﺐ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺘﻮﺍﺿﻌﻪ ﻭﺭﻓﻘﻪ ﻭﻟﻴﻨﻪ ، ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ( ﻭﺍﺧﻔﺾ ﺟﻨﺎﺣﻚ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ) ﺍﻟﺤﺠﺮ 88 ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻊ ﻣﻨﻬﺠﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ .. ﻛﺎﻥ ﺳﻬﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻠﺒﻴﺎ ﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻻﺧﺺ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ .
ﻓﻘﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺮ : ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ﻟﻤﻦ ﻟﻘﻴﻪ، ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻭﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﻼﻋﺒﻬﻢ ﻓﻌﻦ ﺍﻧﺲ : ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺰﻭﺭ ﺍﻻﻧﺼﺎﺭ ﻭﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺒﻴﺎﻧﻬﻢ ﻭﻳﻤﺴﺢ ﺑﺮﺅﻭﺳﻬﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﺨﺺ ﺍﺣﺐ ﺍﻟﻴﻬﻢ ﻣﻨﻪ ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻧﺲ .
ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺎﺕ ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ ﻳﺼﻄﻨﻌﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﺴﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﻭﻃﻴﻨﺘﻪ ﺗﺮﺍﻩ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻳﺨﺼﻒ ﻧﻌﻼﻩ ﻭﻳﺨﻴﻂ ﺛﻮﺑﻪ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮﻩ . ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﺍﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﻤﻬﻤﺎﺕ ، ﺷﺎﺭﻛﻬﻢ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺨﻨﺪﻕ ﺣﺘﻰ ﺍﻏﺒﺮ ﺑﻄﻨﻪ، ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺀ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﻌﻦ ﺍﻧﺲ ﺍﻳﻀﺎ : ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻻﻣﺔ ﻟﺘﻮﻗﻒ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﺘﺨﻠﻮ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﺗﺬﻫﺐ ﺑﻪ ﺣﻴﺚ ﺷﺎﺀﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﻟﻴﻘﻀﻴﻬﺎ .
ﻛﺎﻥ ( ﺹ ) ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻴﺸﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻭﻣﻠﺒﺴﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻼ ﻣﻴﺰﺓ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﺑﻨﺎﺀ ﺷﻌﺒﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺣﺒﻮﻩ ﻭﻓﺪﻭﻩ ﺑﺎﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﻬﺎ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ .
ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ( ﺹ ) ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻻﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺍﻥ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﻣﺔ ﻻﺯﺍﻟﺖ ﺗﻔﺘﺨﺮ ﺑﻪ ﺍﻣﺎﻡ ﺍﻻﻣﻢ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ . ﺍﺫ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﻰ ﺍﻣﺜﻮﻟﺔ ﻭ ﻗﺪﻭﺓ ﻟﻜﻞ ﺣﺎﻛﻢ ( ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺳﻮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻻﺧﺮ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍ ) ﺍﻻﺣﺰﺍﺏ .21
ﻭﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮ ﻣﺤﺒﺔ ﺷﻌﺒﻪ ﺍﻳﻀﺎ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺏ ﺍﺭﻭﻉ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻛﻢ ﺭﻗﻴﻖ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ ﻏﻞ ﺍﻭ ﻛﺒﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻛﺜﺮﻫﻢ ﻣﺸﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ . ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ( ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻪ ﺍﺷﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺭﺣﻤﺎﺀ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺗﺮﺍﻫﻢ ﺭﻛﻌﺎ ﺳﺠﺪﺍ ﻳﺒﺘﻐﻮﻥ ﻓﻀﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺿﻮﺍﻧﺎ ) ﺍﻟﻔﺘﺢ 29
ﺍﺳﺘﺎﺫ ﺟﺎﻣﻌﻲ – ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ...نقلا عن رأي اليوم