تنازلات مطلوبة، ورضوخ للهبة الشعبية، الشبابية ، المنظمة، الحضارية، الغير مسبوقة .
الثاني والعشرين، من شهر فيفري ، الى الثاني عشر من شهر مارس آذار سنة 2019م , تأصيل لمرحلة جديدة في للتاريخ السياسي للدولة الجزائرية العملاقة، نعم عملاقة لأنه كان بالإمكان أن تكون دولة عظمى، تمتلك كل المقومات الضرورية لذلك، مساحة شاسعة، طاقة بشرية خلاقة، كثافة سكانية تناهز الخمسين مليون نسمة، بحر من النفط، وحوض من الغاز، وسهول زراعية خصبة، وأماكن سياحية جذابة، ومناخ متوسطي معتدل...، فهل لتردي الأوضاع الأقتصادية والإجتماعية من معنى؟
قلت في مقال سابق ، أنه آن للأنظمة الشمولية، أن زمن الخنوع قد ولى، و أن الشعوب ستنتفض، بطريقة حضارية، وأنها ستحرر مرة أخرى من حكم الوصاية ، فقمة الفشل أن تكون دولة غنية، وشعبها فقير...
لقد سقطت وريقات التوت، الإعلام الموجه، والكبت، والتعامل مع جهات أجنبية...الشعوب تعي مسؤولياتها، وتتعقل الأشياء، فمن الغير المعقول أن يعتدي مواطن بسيط على عسكري، يسهر على أمنه، والذوب عن حوزته التراتبية، ومن غير المنطقي أن يخرب أعظم الناس مؤسساتهم بأيديهم في الذي كان بالإمكان أن يعملوا على المحافظة عليها، والدفاع عنها...
مجتمع السوشاميديا ميديا، ليس مجتمع الدمار، بقدرما هو مجتمع البناء و التحرر من القيود والأغلال الإجتماعية ، مجتمع التطلعات ومواكبة الركب الحضاري...
إستوقفتني جملة من خطاب بطل المصالحة الوطنية السيد عبدالعزيز بوتفليقة ...ألم ترشح الى عهدة خامسة، ولم أنوي الترشح...فما معنى تقديم ملف الترشح للعهدة الخامسة لدى المجلس الدستوري إذن؟ وإذا كان الأمر كذلك فمن خول له من المقربين بالتحدث بإسم الرئيس بوتفليقة؟
المهم أن أبناء المليون ونصف شهيد، أسسوا لمرحلة أخرى، بملايين الحناجر الشبابية، الطلاب والطالبات و من كل الأعمار ،فضلا عن قطاعات عمالية، و ساسة وأصحاب رأي ونشطاء فى المجتمع المدني والنقابات العمالية والاتحادات المختلفة....
لقد نجح الشعب الجزائري بوعيه وتنظيمه أن يحقق غايته العدول عن المأمورية الخامسة دون أن يسكب كأس ماء أو يسيل قطرة دم....
ولا يستحق الشعب من الثناء والتقدير إلا ما يستحق الجيش وقوى الأمن الجزائرية، فقد واكبوا الأحداث بحكمة، وتعانقوا مع المحتجين ما يدل أن الشعب والجيش يدا واحدة ، فرصاص الجيش للدفاع عن الشعب من إعتداءات قوى غير جزائرية، وليس ضد الجزائريين، هذه هي الحكمة، وهذا هو المنطق الذي ينبغي أن يتخذ في كل بلد من العالم.
إن كتابة دستور جديد، ولجنة مستقلة للإنتخابات، وإشراك قادة من الحراك الشعبي ، وحكومة انتقالية، وهيئة مستقلة لخطوات إيجابية تتماشى مع المطالب الشعبية.
لقد توحد الشعب الجزائري مع الجيش فعلاً لأنهما تجنبا العنف و استخلصوا العبرة من سنوات الجمر في التسعينيات و من الخراب الذي لحق بالدول العربية التي قمعت شعوبها ودخلت في حالات من اللا وطن، واللا حكومات، فطوبى للجيش الجزائري على محافظته على مؤسسات الدولة الكبيرة التي تحتاج الى سواعد تبني ، ولا تهدم ، وطوبى للجماهير المتوهجة التي لم تمل الى العنف.