
موريتانيا أولا ..المبادرات و المزايدات حق أريد به باطل- محمد ولد سيدي كاتب صحفي
نسبية هي "الوطنية " فكل الذين يقومون بالمبادرات لصالح هذا النظام أو ذلك إنما هم من طينة واحدة تجمعهم المصالح الشخصية والشوفينية فالوطني الحقيقي هو ذلك المواطن الذي يشعر بالمسئولية ويعي معنى الوطن الكلياني لغة و سلوكا وعملا فكم من مسؤول في هذا النظام وقبله دنس الوطن بالتحايل والألاعيب و غش نفسه قبل أن يغش الناس ففي محاربة الفساد وأكل المال العام و الإنخراط في التجمعات القبلية و التقوقع في المحيط الضيق حتى أصبح من المتواتر عليه فلان عين لأهل فلان لا لإبراز مجهوداته للوطن بل لأهله وفصيلته التي تؤويه فكم من فرد يتبوأ مكانة عليا ومراتب سامية ويداه ملطختان بالفساد المالي ومع ذلك في مقدمة المشهد السياسي يترأس إما رئيس حزب أو نقابة أو منظمة غير حكومية أو نادي ثقافي أو عضو نشط في عشرات "لخرامز " فأنى لهؤلاء من طعم للوطن أو الوطنية...
في مخاض كهذا، وفي عتمة مظلمة، لا نعرف بماذا سيتنفس به صبح 2019 تقف موريتانيا بين مفطرق الطرق، مرحلة مفصلية خطيرة رئيس منتهية ولايته الثانية، ينوي المغادرة لما فيها من مصلحة له ؛ و للبلد والعباد ، وزمرة من المتاجرين بالضمائر والوطن يحسبون كل مصلحة وإصلاح عداوة لهم صيادوا المصالح و الجاه و النفعية .
سيدي الرئيس؛ الوفاء بالعهد ، ديدنك و قد شهدنا ، وشهد الحفاة ،العراة ومن أحرقت وجوههم الرمضاء؛ وعبثت بهم أنظمة الفساد والاستبداد و المتاجرون بالضمائر على مر العصور، فوزعت الأرض على سكان الضواحي،وربطت المدن مع بعضها و أحدثت ثورة في المياه و الكهرباء و بنيت كليات و معاهد و مشافي؛ فلا تصغي للخائنين لرؤسائهم و أوطانهم اسأل الأحياء من أضرابك معاوية وسيدي ولد الشيخ عبدالله كانوا مصطفين حولهم ...
سيدي الرئيس نثق بك ، و نعترف بإنجازاتك العظيمة، ونقول ليس من رأى كمن سمع كما كان الوفاء بالعهد من الخصال الحميدة في الجاهلية و أقرها الإسلام فإنه من غير المعقول أن يفي شريك بن عدي و الطائي " الفقير " بعهدهما و يلغي الملك الطاغية أقسى قانون عرفته البشرية على الإطلاق، وتبقى " أنت " يا سيادة الرئيس في عصر النور و هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد ألغى الملك النعمان بن المنذر يوم بؤسه وهو القانون الذي راح ضحيته آلاف الناس بناءا على الوفاء بالعهد حينما سأل الطائي...ما جاء بك وقد نجوت من موت محقق؟
فقال له الطائي: إن الوفاء بالعهد حملني على ذلك و أنشد يقول:
ولقد دعتني للخلاف عشيرتي @@ فعددت قولهم من الإخلال
إني امرؤ مني الوفاء سجية @@ وفعال كل مهذب مفصال .
فقال النعمان: أما أنت ياشريك بن عدي فلم تترك كرما لكريم، ولا تضحية لمضح ولا شهامة لشهم يذكر بها على مر الدهر؛ وأما أنت ياطائي فلم تترك وفاء لوفي ولا خفرا لذمة ولا صدقا لصادق يذكر به على مر الدهر فعسى أن لا أكون ألأمكما؛أشهدكما أني رفعت يوم بؤسي عن الناس من الآن...السحر الحلال في مستعذب الخلال.
سيدي الرئيس.. إن مبادرات المطالبة بالمأموريات اللانهائية لهي الأكاذيب الكبرى و الكمائن الموقوفة ولا أدل على ذلك الفارق الشاسع بين ماحصده حزب الأتحاد من أجل الجمهورية في التسجيل للوحدات مليون ونيف مقابل أقل من ربع مليون في الإنتخابات التشريعية والبلدية ولولا الأصوات المهجرة والمقايضات و أساليب أخرى لما حصل الحزب على ما حصل عليه ...
سيدي الرئيس سيقام لك تمثال إذا لم يثنيك الغوغائيون المنتصرون لجيوبهم إن"" أنت "" وفيت بعهدك ولم ترضخ لضغوطاتهم السامة.
سيدي الرئيس إن أصحاب المبادرات إن كانوا صادقون يتحدون في مبادرة واحدة من اترارزة الى الحوض الشرقي فنواذيبو وآدرار يثمنون فيها تعهدك بإحترام الدستور و يتفقون على دعم مرشحك للرئاسيات القادمة .
سيدي الرئيس السودان يحترق و سوريا تتفحم و مصر تكتوي واليمن تتشظى و تونس توقد وتخمد وتثور والجزائر في حالة تأهب فلا تأسى على الرحيل؛ فالسلطة وزر ثقيل وقليلون أولئك الأبطال الذين لا يستهويهم النفوذ و ملذات السلطنة فرب عظمة تتبعها مذلة وإهانة وشتم فأين مبارك و القذافي وبن علي وصدام وعلي عبدالله صالح؟
أيا حملة اللافتات و شعارات الأوهام وباعة الضمائر ألا يخجلكم أن كلما ترتادون من ملابس مستورد وأن كلما تأكلون مستورد إلا النزر القليل لاتحدثوني عن ألبان الوطنية والأرز الموريتاني ومياه إيدني فهذه لا تمثل شيئا مما نستهلك؛ ولكن الزيت والبطاطس والبصل والقمح كلها مستوردة أما الأدوية و الأجهزة والسيارات فصناعتها أضغاث أحلام أية نهضة حضارية تتحدثون عنها شعب محكوم عليه بالفشل والخمول وقلة الخلق والإبداع أرض خصبة تقطعها الأودية والأنهار في جزء منها وفي أجزاء أخرى تختبئ في باطنها المعادن النفيسة و تلامس شواطؤها بحيرات من النفط والغاز ومياه محيطها غنية من الأسماك و هضابها وصحاريها تقذف بالذهب والحديد والنحاس والفوسفات ...أما يخجلكم، ويخجلنا جميعا أن تتفوق تركيا وإيران على 21دولة عربية من المحيط الى الخليج تعداد سكانها أكثر من ربع مليار نسمة ، أما يخجلكم صعود إثيوبيا ورواندا وبتسوانا دول بعضها بلا موارد وبعضها أقل منا موارد.
سيدي الرئيس كم هو جميل أن ننظل أحرارا،ولكن الحرية التي منحتنا إياها يجب أن تحصن حتى لا تخرج عن نطاقها فما معنى الترسيخ لأحزاب يتلبس أصحابها بالعنصرية؟ وما معنى إنشاء مواثيق و نوادي تحت مسميات عنصرية؟ ولماذا تتبارى كل القوى السياسية معارضة وموالاة في تخليد ذكريات مثل هكذا مسميات حتى الحزب الذي تقودون هو أكثرها حضورا؟ والآن ينوي أصحاب السترات الصفراء والعمائم البيضاء واللحاء السوداء وحالقوا الرؤوس تنظيم فصل آخر من العبث بالعقول مسيرة ضد دعاة العنصرية، من المهم محاربة العنصرية، لكن العنصرية ستبقى ما كانت هناك ازدواجية في الخطاب التشدق بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية و المساواة و الوقوف أمام أي تقارب سياسي بين الفرقاء السياسيين يقول أحدهم :
ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮﻭﺗﺤﺴﻨﺖ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﻋﻴﻨﺎ ﻭﻣﺎﺭﺳﻨﺎ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺃﻗل ﻮﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ .
سيدي الرئيس " التحسن " يدخل في مستويات متعددة التعلم و الرفاه الأقتصادي والوعي والنضج، ولكن الأخطر من هذا كله هو " أمية " المتعلمين الذين يحاولون الرجوع إلى " الدكس " بالعبث بالدستور و مخالفة العهد فلا تصغي للقوم المخادعين.
سيدي الرئيس موريتانيا لم تكن يوما مثل جنوب أفريقيا، ولم تمارس فيها سياسة لابارتايد وعليه فمسيرة منتصف الشهر المقبل تحصيل حاصل ؛ وإذا كان فيه من مآخذ فإن التكافؤ في الفرص يجب أن يتماشى كما وكيفا مع عناصر السكان .