ﺃﻟﻢ ﺗﺘﺴﺎﺀﻝ ﻳﻮﻣﺎ ﻋﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ، ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﺬﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ؟ ﺃﻟﻢ ﻳﺆﺭﻗﻚ ﺍﻟﻬﺎﺟﺲ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﺣﺪﻭﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﻲ ﺃﻭ ﺗﺪﺭﻙ؟ ﻓﺎﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﻫﻮﺓ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻗﺪ ﻳﺤﺪﺙ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻠﺲ، ﻻ ﺗﺪﺭﻱ ﻣﺒﺪﺃﻩ، ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ .
ﻓﻔﻲ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ـ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ـ ﻃﺮﺃﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ – ﻟﺪﻯ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ – ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ، ﻭﺑﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺳﺘﻘﺼﺎﺀ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻳﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﻘﺒﺔ ﻷﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻘﺒﺔ ﻧﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺼﺪﺭ ﺭﺣﺐ . ﻓﻤﺜﻼ، ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻫﻮ ﺗﻤﺘﻌﻬﺎ ﺑﻮﺯﻥ ﺯﺍﺋﺪ، ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﻭﺯﻧﻬﺎ ﺩﻝّ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻮﺛﺔ ﻃﺎﻏﻴﺔ .
ﻭﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ، ﻳﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺗﺸﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ، ﻭﻳﺎ ﺣﺒﺬﺍ ﻟﻮ ﺑﺮﺯﺕ ﺑﻀﻊ ﻣﻦ ﻋﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﺴﺪ؛ ﻓﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺷﺎﻗﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﻇﻬﺮﺕ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﻣﻘﺎﻳﻴﺴﻪ، ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺷﺎﻗﺔ ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﺍﻭﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺍﻟﺒﺪﻧﻴﺔ . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻳﻀﺎ، ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﻛﺎﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺸﻴﻢ .
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻗﻞ ﺿﺮﺭﺍ ﻭﺻﺪﻣﺔ ﻟﻠﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ؛ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻫﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻷﻧﺎﻗﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ . ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻤﺔ ﺍﻷﻧﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ ﺑﻘﺼﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺘﻜﺮﺓ، ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻤﻤﺰﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺨﺔ ﻫﻲ ﻗﻤﺔ ﺍﻷﻧﺎﻗﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ ﺻﺎﺭﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺗﻤﺰﻗﻬﺎ ﻭﺍﻫﺘﺮﺍﺋﻬﺎ ﻭﺍﺗﺴﺎﺧﻬﺎ، ﺑﻞ ﻣﺪﻯ ﻗﺪﺭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻒ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺒﺪﻥ .
ﻭﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ، ﺑﺸﻜﻞ ﻭﺍﺿﺢ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻻ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻔﻮﻱ، ﺑﻞ ﺇﻧﻬﺎ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻣﺪﺭﻭﺳﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮﻱ ﻭﺗﺸﻜﻴﻠﻪ، ﻭﻓﻘﺎ ﻟﺨﻄﻂ ﻣﺴﺒﻘﺔ، ﻭﻟﻘﺪ ﺗﻨﺒﻪ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮﺩ ﻃﻮﻳﻠﺔ . ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺒﻚ ﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻷﺩﻣﻐﺔ ﻭﺍﻷﺫﻭﺍﻕ ﻳﻼﺣﻆ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ – ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻄﺮﺡ – ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎﺭ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﺮﻭﺣﺔ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻔﺮﺩ ﺃﻱ ﺧﻴﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﻓﻀﻬﺎ ﺃﻭ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻣﺪﻟﻮﻟﻬﺎ .
ﻭﻣﻦ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺒﻬﻮﺍ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ ﺍﻟﻤﻮﻟﺪ ﻟﻮﻱ ﺑﻴﻴﺮ ﺃﻟﺘﻮﺳﻴﺮ ( 16 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ / ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻷﻭﻝ 22-1918 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 1990 ) ﻋﻨﺪ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﻸﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ . ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺃﻟﺘﻮﺳﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺟﻴﺎﻝ ﻻﺣﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻨﻈﺮﻳﺎﺗﻬﻢ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ، ﻣﺜﻞ ﻣﻴﺸﻴﻞ ﻓﻮﻛﻮ، ﻭﺟﺎﻙ ﺩﺍﺭﻳﺪﺍ ﻭﺟﻮﻟﻴﺎ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﻔﺎ ﻭﺭﻭﻻﻥ ﺑﺎﺭﺕ، ﻭﺟﻴﻞ ﺩﻭﻟﻮﺯ .
ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺃﻟﺘﻮﺳﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺘﻨﻖ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ . ﻭﻋﻤﻞ ﺃﻟﺘﻮﺳﻴﺮﻋﻠﻰ ﺇﻳﻀﺎﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﻠﻤﺔ « ﻓﺮﺩ ﺗﺎﺑﻊ » ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﺍﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ . ﻓﻘﺪ ﻳﺸﻴﺮ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﺇﻟﻰ « ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺃﻭ ﺣﻴﺜﻴﺔ » ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻴﺾ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻲ « ﺷﺨﺼﺎ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﺗﺤﺖ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﻋﻠﻴﺎ » . ﻭﺍﻟﻤﺤﻚ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻨﻘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ .
ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺻﺎﻍ ﺃﻟﺘﻮﺳﻴﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ « ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ » ( Interpellation ) ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻭﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ . ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻟﺘﻮﺳﻴﺮ ﺃﻥ « ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ » ﺗﺼﻒ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻟﻸﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣﺤﺪﺩﺓ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺗﺘﻢ ﺗﻐﺬﻳﺘﻪ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﻋﻴﻨﻬﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﻓﺮﺩﺍ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﻣﺎ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻤﺒﺴﻂ ـ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ـ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ . ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﺍﻧﺤﺪﺍﺭ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﻭﻛﻴﻒ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺃﻓﻼﻡ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺮﻗﻲ ﺍﻟﻤﻀﻤﻮﻥ ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻴﺾ ﻳﻤﺠّﻮﻥ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻭﺝ ﻟﻠﻌﻨﻒ ﻭﺍﻧﺤﻄﺎﻁ ﺍﻷﺧﻼﻕ . ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﻨﺠﺬﺏ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﻨﺤﺪﺭﺓ ﺍﻟﺬﻭﻕ، ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﺗﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻴﺰﻫﻢ ﻛﺄﻃﻔﺎﻝ، ﻭﻗﺪ ﺗﻨﺠﺬﺏ ﻟﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﺌﺎﺕ ﻋﻤﺮﻳﺔ ﺃﻛﺒﺮ، ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺿﺠﻴﻦ ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﻈﻮﺍ ﺑﻜﻢ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﺃﻭ ﻣﻤﻦ ﻇﻠﻮﺍ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؛ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﻣﻌﻠﻤﺎ . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﻼﺣﻆ ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻌﻴﻦ ﻓﺎﺣﺼﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺞ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺎﺟﺴﺎ ﻣﺴﻴﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺟﻤﻌﺎﺀ، ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻤﺠﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺳﻮﻑ ﺗﺴﺘﺪﺭﺟﻬﻢ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ؛ ﺣﻴﺚ ﺳﻮﻑ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻼﺳﺘﻄﻼﻉ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺑﺮﺍﺛﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ؛ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺒﻌﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺂﻝ ﺗﻢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮﺓ ﻋﻨﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ، ﺃﻻ ﻭﻫﻲ : ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ ﻟﻠﻌﻨﻒ ﻭﻧﺒﺬ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺮﺍﻗﻲ .
ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻼﻡ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ، ﻳﻼﺣﻆ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺮﺍﻫﺎ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺟﺬﺭﻱ ﺳﻠﺨﻬﺎ ﻋﻦ ﺭﻗﻲ ﺃﻓﻼﻡ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺄﺧﻮﺫﺓ ﻋﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺷﻬﻴﺮﺓ؛ ﻭﻟﻘﺪ ﺳﺎﺩ ﺃﻏﻠﺐ ﺃﻓﻼﻡ ﺗﻠﻚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﺇﻳﺮﻭﺗﻴﻜﻴﺔ ﺩﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ، ﻭﺗﺮﻭﻳﺞ ﻷﺯﻳﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺴﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ، ﻭﻟﻘﺪ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺪﻧﻲ ﻋﻨﺪ ﻧﺸﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ . ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺪﻯ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺪﻧﻲ ﻫﺎﺋﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ؛ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺘﺸﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺒﺲ، ﻭﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﻫﻘﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺩﺧﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻆ، ﺑﻞ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﺌﺎﺕ ﺗﺪﻋﻰ « ﺍﻟﻬﻴﺒﻴﺰ » ﺗﺪﻋﻮ ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻭﺗﻌﺎﻗﺮ ﺍﻟﻜﺤﻮﻟﻴﺎﺕ ﻭﺗﺘﻌﺎﻃﻰ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ .
ﻭﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ، ﺗﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺑﺪﻭﻥ ﻓﻬﻢ ﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺟﻮﻥ ﺑﻮﻝ ﺳﺎﺭﺗﺮ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻّﻞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﻭﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺤﺎﺿﺮﺍﺕ ﻧﺎﺭﻳﺔ، ﺗﻜﺎﻟﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ .
ﻓﻔﻲ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﺩﻋﺎ ﻹﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺍﻟﺤﺮﺓ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺃﻋﻄﻰ ﻟﻠﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻷﻛﺒﺮ . ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﻠﺒﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ، ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺧﺮﺝ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺗﺒﻌﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؛ ﻓﺎﻧﺘﺸﺮﺕ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺳﺎﺭﺗﺮ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﺟﻤﻊ، ﻟﻜﻦ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻧﺰﻭﺕ ﻓﺠﺄﺓ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺒﻬﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﺳﺎﺭﺗﺮ ﻛﺎﻥ ﺫﺍ ﺻﺪﻯ ﻣﺪﻣﺮ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻘﻄﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺃﺟﺠﻮﻫﺎ ﺑﺒﺚ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻌﺒﺜﻴﺔ ﻭﻣﺴﺮﺡ ﺍﻟﻘﺴﻮﺓ، ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ « ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ » ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺗﺘﻮﻳﺞ ﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻮﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺇﺯﻫﺎﻕ ﺭﻭﺣﻪ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ . ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ .
ﻭﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻭﻋﻲ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ، ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﺥ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﺑﺮﺍ ﻟﻠﻘﺎﺭﺍﺕ . ﻭﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻧﻈﺮﻳﺔ « ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ » ﻷﻟﺘﻮﺳﻴﺮ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ « ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﺤﺮ » ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﺤﻠﻮ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ « ﻓﺮﺩﺍ ﺗﺎﺑﻌﺎ » ﻟﻘﻨﺎﻋﺎﺕ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻗﺪ ﻳﺮﻓﻀﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺑﺚ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻪ .
–——————
٭ ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻣﺼﻄﻠﺢ ( Subject ) ﺑـ « ﻓﺮﺩ ﺗﺎﺑﻊ » ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺃﺑﺪﺍ ﺇﺫﺍ ﺗﻢ ﺗﺮﺟﻤﺘﺔ ﺑـ « ﺷﺨﺺ » .
٭ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮﺟﻤﺖ ﻣﺼﻄﻠﺢ ( Interpellation ) ﺑـ « ﻣﺴﺎﺀﻟﺔ » ﻷﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻟﻢ ﺗﺘﻢ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺳﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻭﻛﻠﻤﺔ ﻣﺴﺎﺀﻟﺔ ﻫﻨﺎ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﻨﻮﻁ ﻟﻠﻤﺼﻄﻠﺢ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻨﻲ « ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺳﻤﻲ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻣﺎ ﺃﻭ ﺷﺄﻥ ﺣﻜﻮﻣﻲ » .
٭ ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺳﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻤﺔ ﺍﻷﻧﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺒﺎﻫﻈﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ ﺑﻘﺼﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺘﻜﺮﺓ، ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻤﻤﺰﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺨﺔ ﻫﻲ ﻗﻤﺔ ﺍﻷﻧﺎﻗﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ ﺻﺎﺭﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺗﻤﺰﻗﻬﺎ ﻭﺍﻫﺘﺮﺍﺋﻬﺎ ﻭﺍﺗﺴﺎﺧﻬﺎ، ﺑﻞ