فيروز العالم العربي. .العمر يمكن أن تدفع ثمنه بكلمة

اثنين, 10/22/2018 - 23:59

ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺛﻤﻨﺎً ﻟﺘﻐﺮﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ‏« ﺗﻮﻳﺘﺮ ‏» ﺃﻭ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ‏« ﻓﻴﺴﺒﻮﻙ ‏» ﺃﻭ ﺛﻤﻨﺎً ﻟﻤﻘﺎﻝ ﺃﻭ ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺘﻔﻮﻩ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻓﻠﺔ ﻋﻤﻮﻣﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﺎﻛﺴﻲ، ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺪﻓﻊ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺛﻤﻨﺎً ﻟﻤﺠﺮﺩ ‏« ﺷُﺒﻬﺔ ‏» ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﻢ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ‏« ﺍﺣﻨﺎ ﺑﺘﻮﻉ ﺍﻷﻭﺗﻮﺑﻴﺲ ‏» .
ﻭﻗﺒﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮﺩ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﻄﺮ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ‏« ﻛﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﻠﻜﻪُ ﻟﺴﺎﻥ .. ﻭﺍﻟﻨﻄﻖُ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ﺃﺳﻌﺎﺭﻩ ﺑﺎﻫﻈﺔُ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺕُ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻥ .. ﺳﻴﺪﺗﻲ ﺃﺣﺮﺟﺘﻨﻲ، ﻓﺎﻟﻌﻤﺮُ ﺳﻌﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻋُﻤﺮﺍﻥ ‏» .. ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌﻤﺮُ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺳﻌﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﺘﻔﻮﻩ ﺑﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻭﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎً ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺒﺎﻟﻎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﻬﺎ .
ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﺟﻤﺎﻝ ﺧﺎﺷﻘﺠﻲ ﻓﺠّﺮﺕ ﻓﻴﻀﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﺩﻣﻐﺘﻨﺎ، ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻬﻤﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﻗﻄّﻌﻮﻩ ﺑﺎﻟﻤﻨﺸﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻠﻪ ﺃﻡ ﺗﺮﻛﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻬﻤﺎً ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ ﻗﺪ ﻭﻭﺭﻱ ﺍﻟﺜﺮﻯ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻣﻬﻴﺒﺔ ﺃﻭ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﻟﻘﻮﺍ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺔ ﺃﻭ ﺑﺤﻴﺮﺓ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻻ ﺗﻀﻴﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ .. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻷﻫﻢ ﻫﻮ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻗﺘﻠﻮﻩ؟ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻢ ﻗﺘﻞ ﺷﺨﺺ ﻋﻘﺎﺑﺎً ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻝ ﺻﺤﺎﻓﻲ ﺃﻭ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻭ ﺭﺃﻱ ﻻ ﻳﺮﻭﻕ ﻟﻬﻢ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺘﻢ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻫﻮ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻘﺪ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ؟ ﺃﻡ ﺃﻧﻪ ‏« ﺟﻨﻮﻥ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ‏» ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺃﺟﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺃﺳﺌﻠﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻣﻨﻄﻖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ . ﻳﻬﻮﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢُ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲُ ﻧﺤﻮ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ﻟﻠﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭ ‏» ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ‏» ﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻧﺸﻴﺮ ﺑﻪ ﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ، ﺭﺩﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻃﺎﺣﺖ ﺑﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻋﺎﻡ .2011 ﻧﺠﺎﺡُ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻓﻲ ‏« ﺗﺄﺩﻳﺐ ‏» ﺷﻌﻮﺑﻬﺎ ﻭﻛﻨﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﺩﻓﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﻣﻦ ﻧﺸﻮﺓ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺸﻮﺓ ﺗﺮﺍﻓﻘﺖ ﻣﻊ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻕ ﺩﻓﻊ ﺛﻤﻨﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻮﻥ، ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﺪﻓﻌﻮﻥ .
ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺗﺤﻮّﻝ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﻏﻮﻝ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻨﻬﺶ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ، ﻭﺗﺪﻧﻲ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺸﺤﻤﻪ ﻭﻟﺤﻤﻪ ﻭﻋﻤﺮﻩ ﺛﻤﻨﺎً ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻬﺎ، ﺃﻭ ﺛﻤﻨﺎً ﻟﻤﻘﺎﻝ ﺻﺤﺎﻓﻲ ﻳﻨﺸﺮﻩ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺆﺩﻱ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻣﻄﻠﻘﺎً، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻃﻮﻳﻼً، ﻷﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻋﺎﻡ 2011 ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﻣﻮﺟﺔ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺃﻗﻞ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ .
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﻫﻨﺎ، ﻫﻮ ﺃﻥ ﺛﻤﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ، ﻷﻥ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻏﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻄﻐﻴﺎﻥ ﻋﻤﺮﻩ ﻗﺼﻴﺮ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﻖُ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ .
ﻛﺎﺗﺐ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ