ما لم تتطرق له القمة الإفريقية في نواكشوط../ محفوظ الجيلاني

اثنين, 07/02/2018 - 22:19

غير الأناشيد الحماسية ومظاهر الفلكلور الشعبي والذي عادة ما يتفنن الموريتانيون في اصطناعه لضيوفهم الكبار لايتوقع ان يصدر عن قمة انواكشوط أي جديد يخالف الروتين المألوف الذي دابت عليه قمم هذا النادي الافريقي العتيد منذ زمن بعيد..

فمنذ ايام والإذاعات الوطنية المسموعة والمرئية تتغنى بهذا الحدث.. وتستضيف له ما شاءت من الأميين وأنصاف المتعملين ليتفلسفوا في قارة لايعرفون اسماء دولها ولا اي معلومة تتعلق بحقائقها المعاصرة وتحدياتها المزمنة..

ان هذا الحدث حدث كبير وهام لاجدال في ذلك ....خاصة لموريتانيا ذات الجذور والبذور الإفريقية الأصيلة ، وهو بلا ريب يعكس صدق ووفاء الرئيس محمد ولد عبد العزيز تجاه القارة الافريقية وهمومها الثقيلة .

لكن المهم ليس تنظيم قمة وإطلاق بهرجة بالشكل الذي راينا ولا في استضافة الوفود وإسكانهم وإعاشتهم لمدة يومين أو اكثر..

المهم عندنا نحن معشر الأفارقة أبناء الام السوداء تلك القارة الفقيرة ضحايا الاستغلال والظلم والحيف الموروث عبر التاريخ.. هو ان تتمخض هذه القمة عن قرارات جوهرية تلامس مستقبل القارة امنيا وتنمويا واقتصاديا وسياديا..

لقد وضعت القمة عند اول وهلة على طاولة النقاش مشكلة الصحراء الغربية ومسار إصلاح الاتحاد وتحقيق خطوات في مجال محاربة الارهاب و الفساد وغيرها من المفاهيم التي يسوغها الاعلام الغربي الرأسمالي حاليا.

غير ان المواطن الافريقي العادي كان يامل ان تعيد قمة نواكشوط للاتحاد الافريقي حيويته ..

وان تعيد له الثقة في قارته وفي ما تزخر به خيرات ومنافع.... كان يامل ان تخرج القمة بقرارات اكثر جدية وتصميما في تحقيق طموح ابناء القارة وان تلامس قراراتها الجوهر الحقيقي لمشكل التخلف والتاخر الذي تعانيه هذه القارة على اكثر من صعيد.

من يستطيع ان ينكر ان ازمة افريقيا مرتطبة بشبكة معقدة من الاحتكارات الدولية التي تريد استغلال ثروات هذه القارة وابقاء سكانها ضحايا للفقر والمرض والجوع .

ومن ينكر اللعبة القذرة لفرنسا والدول الاستعمارية الاخرى في استنزاف ثروات الشعوب الافريقية وسعيها بكل جهد للابقاء الحال على ماهو عليه حتى تجد الدول الاستعمارية الغربية ان الاخلاق والقيم لحضارة الغرب تفرض اعادة احتلال هذه القارة مرة اخرى كم كان هو تبريرهم في احتلال القارة والسيطرة عليها.

لقد كان المواطن الافريقي يأمل ان تصدر قرارات حقيقية بشأن الاستثمارات والديون المستحقة على افريقيا والتي هي في والواقع تشكل نزيفا حادا بكبح جماح التنمية والاستقلال الذاتي..

بل وان تضع صيغا توقف استنزاف الغرب للعقول الافريقية التي يستأثر بها لصالحه بعد ما كدس لسنوات ثروات هذه الشعوب لتحقيق تراكم مالي ضخم.

فضلا عن ضرورة تنسيق الضغط الافريقي في تحقيق معاملة تفضيلية لتجارة القارة لانقاذ الدخل القومي لافريقيا والذي يعاني التذبذب والهبوط وانعدام القيمة بسبب التردي في اسعار المواد الاولية الخام التي تعد افريقيا مصدرها الاول..

كما كان بالاحرى كان على قادة القارة في قمتهم وضع آليات حقيقية للاندماج والتكامل الاقتصادي الافريقي و الحد من تجارة السلاح و ان يوجهوا نداءا عاجلا لجيرانهم العرب الاثرياء بغية استجلاب فائض الرأسمال العربي المكدس في الاسواق الاوربية والأمريكية حتى يجد فرصة الربح ومضاعفة القيمة في بيئة افريقية اكثر جذبا واغراءا فهذه القارة تحتاج الى السدود والسكك الحديدية والصناعات الغذائية وغيرها ولديها اسواق واعدة.

هذه نقاط ومحاور جوهرية في اعتقادنا انها مجتمعة لو وضعت من شانها ان تضفي على القمة الجدية الضرورية لتحقيق اهداف القارة في الحرية والتنمية والاستقلال والسير على درب الندية في العلاقات الدولية الظالمة.