اللجنة الانتخابية" كما هو مقرر لها : "مؤسسة دائمة مكلفة بالإشراف على مجموع العملية الانتخابية فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية والاستفتاءات والانتخابات البلدية والانتخابات الجهوية ..." (المادة 1 جديدة / ف 1) من القانون النظامي رقم 2018-005 المعدل لبعض أحكام القانون النظامي رقم 2012-027 الصادر بتاريخ 12 ابريل 2012 المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. ودور هذه اللجنة إذا حاسم؛ ليس في العمليات الانتخابية فحسب،
بل أكثر من ذلك -وربما بدرجة أهم -في تحقيق المصداقية والقبول المطلوبين لنتائج تلك الانتخابات.
لأجل ذلك روعي في تشكيلها تسهيل تحقيق التقبل والمصداقية المنشودين؛ حيث نصت المادة 6 (جديدة/ ف1) من نفس القانون على:" اللجنة الانتخابية سلطة جماعية تديرها لجنة تسيير تتألف من أحد عشر عضوا يعينون بمرسوم صادر عن رئيس الجمهورية باقتراح من الأغلبية والمعارضة ".
ورغم أن الفقرة الثانية من نفس المادة تعطى لرئيس الجمهورية صلاحية اختيار أحد عشر عضوا من بين القائمة المقترحة (22 عضوا) مناصفة من الأغلبية والمعارضة :"يتم اختيار الأعضاء المقترحين للتعيين من طرف رئيس الجمهورية ..." ، فإن تحقق الاتفاق بين المعارضة والأغلبية يحجب دور الرئيس في من يختار لعضوية اللجنة ، حيث أقر المرسوم المحدد لإجراءات تعيين أعضاء لجنة التسيير وانتخاب رئيس ونائب رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات - بعد أن نص في (المادة 5) منه على أن اختيار لجنة التسيير يتم من طرف "لجنة التعيين " المشكلة من ثمانية (8) أعضاء : أربعة (4) من المعارضة وأربعة (4) من الأغلبية وجعل لها رئيسين على أساس طبيعة تلك التشكلة - أقر أنه في حالة التوافق داخل اللجنة الفرعية للتقييم على لائحة من أحد عشر (11) عضوا واعتمادها من لجنة التعيين بشكل توافقي في أجل 48 ساعة ، فإنها تحال من طرف الرئيسين المشتركين ، إلى رئيس الجمهورية للقيام بمجرد" التعيين " وليس المفاضلة داخل قائمة ال 22 عضوا .
كذلك ولتأكيد ضمان تحقيق التمثيلية على أوسع نطاق أوجبت المادة (03) من المرسوم المحدد لإجراءات التعيين أن تكون تشكلة اللجنة "... تعكس في تكوينها البنية الجغرافية والاجتماعية للبلد."
رغم كل ما أشير إليه ، تبدو الأمور متجهة إلى تعيين للجنة لا تشارك فيها المعارضة "القانونية " ؛ حيث "القانونية" صفة في الواقع ل "مؤسسة المعارضة الديمقراطية" التي هي الإطار المعترف به قانونا لانتظام المعارضة لا حصرا لصفة المعارضة ، ومن ثم يصعب –على اعتبار أنها لم تعلن أنها غيبت – فهم غياب مؤسسة المعارضة التام عن القيام بدورها ، رغم تواجد بعض المنضوين تحتها في "التجمع باسم المعارضة " الذى تقمص دور المؤسسة وكل المعارضة عموما ، حد التفرد بذلك الدور والسعي لجنى مستحقاته وبالتفرد التام ،مع أن طبيعة الهيأة محل التأسيس والاجماع داخل كل أطياف المعارضة على المشاركة في كل الاستحقاقات القادمة لا يسمح بذلك ؛ لمصلحة الانتخابات ومصداقيتها ، ولكن أيضا قبل ذلك ليتم احترام القانون الذى نص:
- في القانون النظامي على أن لجنة التسيير تعين "باقتراح من الأغلبية والمعارضة "(المادة 06).
-وفى المرسوم المحدد لإجراءات التسيير وانتخاب رئيس ونائب رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات من خلال توزيع تشكيلات " لجنة التعيين " أعضاءا ورئاسة، وكذلك " اللجنة الفرعية للتقييم " على "مجموعة الأغلبية" و"مجموعة المعارضة " بالتساوي (المادة 05).
وسواء كانت الصيغة "الأغلبية -المعارضة" كما جاء في القانون النظامي أو " مجموعة الأغلبية – مجموعة المعارضة " كما جاء في المرسوم التطبيقي، فإن مؤسسة المعارضة وأبعد من ذلك كل المعارضة لا بد أن تكون طرفا في تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وإذا كانت المعارضة من خارج مؤسسة المعارضة لم تندفع للمطالبة والسعي لفرض تمثيلها في تلك اللجنة حتى لا يعد ذلك نوعا من الحوار خوفا من منح أي من خطوات النظام " الشرعية " المتأتية من المشاركة الواسعة -وكأن مشاركتها المزمعة في الانتخابات ليست منحا للشرعية وبدرجة أكبر-وإذا كانت في ذلك تتعارض مع نفسها وتضيع مصلحتها قبل المصلحة العامة المنتظرة من وراء مثل تلك المشاركة، فإن المسؤولية التقصيرية لمؤسسة المعارضة واضحة وموجبة للمساءلة القانونية.