الذكرى 40 ..الحر وشظايا الحر
أن نكتب عن الحر ،يعني ذلك ، أن نكتب عن طلل مدرسة لم يعمر طويلا ، و رغم التحديات الداخلية والعوز؛ إلا أن الحركة سرعان ماتلاشت قبل أن تعصف بها التجاذبات السياسية و تعجز أن تبلور مشروعا نهضويا قابلا للصمود لتتولد منها حركات وتنظيمات تعود كلها إلى مرجعية واحدة :
فماذا حققت حركة الحر للأرقاء السابقين (لحراطين ) وماذا حقق شظاياها :التحالف الشعبي أو العمل من أجل التغيير و حركة إيرا و الميثاق و المنظمات الحقوقية التي تحمل خطابها و تحمل فكرها ؟ وما مدى استجابة الأنظمة الحاكمة لرءاها و فكرها و أطروحاتها المتعلقة بالوطن والمواطنين ؟
إن حركة الحر هي أقل الحركات الوطنية المعاصرة لها نشاطا أو حيوية :البعثية ،والناصرية ؛ و الإخوان ،و افلام فالحركات الرباعية الناصرية والبعثية و الإخوان و افلام حركات لا تعرف الإنقراض أو الخروج من الميدان وبالمقابل فإن الحر و أتباع الحر قلما يسمع عنهم ربما أستنسخوا في أكثر من تنظيم مشرعن أقرب هو إلى النظام منه الى اليسار كالميثاق و منظمة نجدة العبيد وإذا كان فيه من نتائج تذكر تتماشى و منطلقات الحركة و أتباعها فإن تلك النتائج هزيلة و شكلية لا بل إن العوز و الفقر وبيع الأفكار و الضمائر مقابل الدنانير والدراهم و الذوبان في دهاليز الأنظمة هي أبرز المآخذ على الرعيل الأول من جيل تأسيس حركة الحر .والأجيال التالية له من منظمات حقوقية تتقاطع مع الحركة ،فأن يتحول قيادي من الحركات ذات الصلة بالحر أو من مجرم إلى بطل قومي رئيس حزب أو مرشح للإنتخابات أو مستثمر في القضايا الإنسانية أو نجم إعلامي و سفير فخري يصول و يجول في أقسام العالم الخمسة فهذه مفارقة عظيمة لذا فإن حركة الحر و مؤسسي الحر و من سار على نهجهم قديما و حديثا لم يحملوا من الفكر السياسي والوعي و النضال إلا البرغماتية الأحادية تحت مسمى الغاية تبرر الوسيلة .
لقد آن لحركة الحر أن تنظم صفوفها و تبحث عن استراتيجية جديدة أكثر جدوائية من ذي قبل كما أنه على الدولة أن تقضي على الأسباب التي أدت إلى ظهور مثل هكذا حركات و الحركات التي نشأت على أنقاضها فنحن في زمن الصراعات والفتن ولاينبغي أن يوجد ما يمكن أن يهدد اللحمة الإجتماعية .
بإختصار فإنه لم يبق إلا من مؤسسي الحركة إلا أطلال ولم يبق من آثار الإسترقاق إلا أطلال لترسيخ ترسانة المطالب أو بعض أدبيات حركة الحر أو غيرها من الحركات الوطنية والتي تحمل طابعا فئوياتيا فإن العدالة هي الغاية والهدف المنشود في توطيد اللحمة الإجتماعية الهشة و من أبرز الأخطاء التي وقع فيها جل التائبين من الحركات الحقوقية سوء استغلال النفوذ والتعايش مع الأنظمة الحاكمة والمقاطعة الأبدية والكفر بفكر الحركات و اعتباره خذلان و تهديد ﻷمن الوطن وخروج عن الدين ،فقد يكون المرء يحمل فكرا معينا ويختلف مع غيره في محيطه ،ويعيش مع النظام ويبرم معه اتفاقيات دون أن يتخلى عن إيديولوجية آمن بها و أوصلها الى الآلاف مثل هذا الطرح نجده في الغرب وفي تونس، و مثل هذا الطرح ودس الأفكار والقضاء على الأحلام ، نجده عند أحد أبرز قيادات الحركة الذي فوت فرصة " التغيير " المنشود للحركات و أحزاب المعارضة مجتمعة سنة 2007 ما أحوج حركة الحر إلى إعادة التأسيس و شخصية كارزماتية تعيد لها ألقها ووزنها في الساحة السياسية وما أحوج وطن لم يشهد حركة إصلاح حقيقية تحمل فكرا تنويريا على غرار ماشهدته البلدان العربية خلال عقود الإستقلال .
وإذا كان بعض المناضلين القدامى و المحدثين يعتبر أن المحاصصة والتوازن الفئاوي و الجهوي هي الحل لجماعة أو شريحة ظلمها التاريخ و همشتها الأنظمة فإن المحاصصة ليست حلا فقد يكون أغلب الوزراء والإدارات من " لحراطين " أو غيرهم ممن يتقاسم معهم التهميش و لا يغير ذلك من المعادلة شيئا فقد حكم حزب المؤتمر الشعبي في جنوب أفريقيا وقضاء على البيض واستأصلهم من الحكم لكن السود في جنوب إفريقيا مازالوا كما لولم تذهب عنهم سياسة "لابارتيد " وحكم أوباما الولايات المتحدة ومازال العبيد كما هم في عهد مارتن لوثر كينغ .
إذن فيم يكمن الحل ؟ وكيف لجماعة يمنعها الدين والقانون أن تنتزع حقوقها مادامت الأنظمة السالفة واللاحقة لم تحقق الأهداف المنشودة التي انطلق منها جيل التأسيس و أضرابه ؟ وما مدى التعامل مع أنظمة تعتبر كل مخالف لتوجهاتها و سياساتها إرهابا في زمن الإرهاب ؟ وليس من حقها ذلك مادامت تلك التنظيمات لها صلات خارجية ؟ ولم لاتغلق الأنظمة الأبواب على هذه الحركات بالمشاريع و العدالة و المساواة حتى لاتجد تلك الحركات مسوغات قانونية ؟...