زيارة اردوغان بين القبول والرفض / عثمان جدو

جمعة, 03/02/2018 - 13:45

سال حبر كثير حول زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبلاد شنقيط أرض المنارة والرباط؛

انقسم المتناولون للموضوع إلى فسطاطين، فسطاط قبول وفسطاط رفض، تجاوز عدد كبير من الطائفتين الحد الأوسط في الجانب الذي اختاره؛ فزاد أصحاب القبول على المباركة بالتيامن والتفنن في التبرك التحافا وتسمية و إستلهاما وأشياء أخرى؛ 

أما الرافضون فكانوا أشد قسوة على الرجل أكثر مما كان متوقعا فوصفوه بأغلط من قول مالك في الخمر وشغلهم عن ذكر فرعون وهامان ومن سبق من رموز و أعمدة الطغيان!!. 

أردوغان الذي زار بلادنا يعتبر رمزا وطنيا قل نظيره في تركيا- بعيدا عن السياسة- فهو الذي أرسى دعائم التنمية في الدولة المسلمة في عصرها الحديث وهو الذي مكنها الله على يده من زمام القيادة والتأثير وجعلها بذلك تحتل مكانا رياديا في المشهد العالمي.

انتقلت تركيا في عهد أردوغان من ذيل التنمية إلى رأس التنمية والإنتاج و قوة التصنيع وجودة التعليم وفاعلية البنى التحتية.

إن زيارة أردوغان لبلادنا لها دلالة إيجابية كبيرة و هي وسام سياسي سيادي جد معتبر ينضاف إلى النجاحات الدبلوماسية التي اتسمت بها هذه الحقبة من الحياة السياسية الموريتانية التي بدأت بتبوؤ أبنائها أعلى المراتب الدبلوماسية في الهيئات و المنظمات الدولية الفاعلة في المجال الدبلوماسي مرورا بقيادة البلاد ممثلة في شخص رئيس الجمهورية للهيئات الدولية الكبرى، و إسهاما في فض النزاعات، و وصولا إلى استضافتها للقمم العربية والإفريقية وهي طبعا سلسلة نجاحات دبلوماسية أعطت زخما كبيرا لبلادنا و دعما معنويا ظاهرا و فتحت مساحة كبيرة للتعاون و الاستثمار الشيء الذي فتحته أيضا زيارة الرئيس أردوغان هذه بالإضافة إلى كونها درجة دبلوماسية إلى الأمام وفاتحة اقتصادية و رافعة في مجال التعاون الدولي. 

إن موريتانيا لم تعد تلك الدويلة المحتقرة المتخلفة عن ركب الأمم التي لا يزورها زائر إلا من باب المجاملة؛ بل صارت فاعلا في المجال الدولي ومستشارا له رأيه المسموع في قضايا كثيرة لعل منها -مثالا لا حصرا-القضايا الأمنية جملة والمتعلقة منها بمكافحة الإرهاب والهجرة السرية ونزع الخلافات البينية لبعض الدول المتجاورة. 

علينا أن نحترم هذا الضيف الذي يعتبر من الشخصيات المؤثرة في العالم وتجلى ذلك في تمسك شعبه به أثناء محاولة الانقلاب عليه، و ماكان ذلك ليحدث لولا نجاحاته التنموية الكبرى بالإضافة إلى إرساء دعائم أخلاقية إسلامية بعد أن كان المنبع و السقاية في بلاده وقفية على الروافد العلمانية والعلمانية فقط، ومهما اختلفنا مع الرجل بفعل الميول السياسي و بفعل التمزق السياسي الحاصل في كثير من الدول العربية والتي تربط بعضها روابط جوار مع الدولة التركية؛ مهما اختلفنا مع الرجل حول تسيير تلك الملفات و مهما أفضى بنا ذلك إلى ما أفضى إليه من اختلاف وجهات النظر وتنازع الأديولوجيات فإن الرجل يبقى رجلا عظيما لكن دون تأليه أو افتتان و إنما إقرارا بحقيقة واقع ملموس و إنصافا لرجل خدم شعبه فأحبه و أنجز لوطنه فاعترف له، وناصر القضية الفلسطينية ودعم المسلمين في بورما و زارهم وكشف معاناتهم ومد لهم يد العون والمساعدة؛ مما أكسبه قلوب كثير من ضعفاء المسلمين فمنحوه المحبة والاحترام والتقدير. 

علينا أن نحاول التلاقي الإيجابي كي نستطيع تجاوز الخلافات البينية التي تغذي ماكنة الحرب المشتعلة بين شعوب الدول العربية و التي تزداد وتتعمق كخدمة مجانية للكيانات المعادية وتنفيذا عن عمد أو غيره للأجندة الصهيونية المعتمدة على تفرقة الشعوب وزرع أسباب الخلاف و الشقاق بينها.