الثورة المضادة .. حملة قبل الأوان
تزامنا مع مقابلة الرئيس محمد ول عبدالعزيز مع جريدة جون آفريك التي جدد فيها إعلانه دعم الترشح إلى مأمورية ثالثة احتراما للدستور نظم عشرات من المهرجين مسيرة احتجاجية تطالب رئيس الجمهورية في إعادة النظر في قراره الرافض للترشح إلى مأمورية ثالثة ،هذه المسيرة أو الوقفة تعد شكلا من الضحك واللعب على العقول ، فتدحرج البعض على الطرقات ، و إلقاء البعض بأنفسهم أمام الناس على السيارات ، حزنا و تحسرا على ماصدر من رئيس الجمهورية ، ماهو إلا شكلا من النفاق ، و ضربا من التملق ،فمثل هكذا " خدعة " هي التي أغرت الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح حينما طالبته مجموعة من الغوغائيين بالترشح إلى مأمورية لايكفلها له الدستور فكيف كانت نهايته ؟ وكيف أدار تلك المرحلة الزائدة : صراع داخلي مسلح ،و تردي اقتصادي ،وقمع وكبت و اختطاف بالجملة لكل معارض و مناوئ و الختام حرب أهلية و تقسيم البلاد و تشريد الآلاف من المواطنين - بما فيهم - هو نفسه أي علي عبدالله صالح و اغتياله .
إن أصحاب الوقفة الإحتجاجية يدركون أن القادم أعظم و أخطر من أي وقت مضى ، و يدرك الرئيس نفسه أيضا أن هذه الوقفة أمام القصر الرمادي لم تكن مخلصة و إنما طمعا في جاهه ، و سلطانه كما هو الشأن مع رؤساء سابقين .
إن التحديات قوية ، و التريكة ثقيلة للخلف ، وعليه فإن المسيرة الرافضة لقرار الرئيس عدم الترشح للرئاسيات المقبلة لم تشكل صدفة في الديمقراطيات الناشئة خاصة في ظل أنظمة تعتبر المعارضة حيوان مفترس فمجتمع لم يذق طعم الأنظمة المدنية الا مايناهز العقدين فإنه محكوم عليه بطريقة أو بأخرى بحكم عسكري أو ذا مرجعية عسكرية لذا فالرئيس القادم إذا كان مدنيا فإنه لن يعمر طويلا بحكم التجربة فقوى التغيير والطامحة إلى التغيير البنيوي و الهيكلي مشتتة الأوراق و عاجزة أن تبلور مشروعا سياسياشاملا على غرار ما وقع في تونس أو ليبيريا أو حتى غامبيا .