المحظرة الموريتانية الواقع والافاق وتحديات المستقبل (1) / محمدفال ولد سعيد

أحد, 01/28/2018 - 09:39

لا شك أن لكل أمة ماض وحاضر ومستقبل فبالماضي تفخر اذا كان مجدا وتحاول التمسك والاعتماد عليه وبالحاضر تعمل بجد عل أن يكون أحسن استشراقا لما سياتي في المستقبل وهكذا فكل أمة أو لنقول بلغتنا كل شعب له شيء يعرف به ويمتاز به عن غيره اما انتاجا علميا شرعيا أو انتاجا علميا أدبيا و انتاجا علميا يختص بالجغرافيا أو الصناعة أو الزراعة أو الاقتصاد الخ

لهذا كان لشنقيط دور بارز فكان لها ماض أصيل منذ القدم حافظ عليه جيل من السلف الخير تمسك بزمام ذلك المجد واعتز به وحق له ذلك
لنتسائل اذا ما هو ذلك المجد الذي عرفته وتمسك به سلفها وخلفها ؟
وما هو الدور البارز الذي حظيت به شنقيط من بين البلدان ؟

حقا ان ذلك المجد هو العلم وتعليمه وتعلمه وطلبه والسفر فيه والصبر على مكارهه
وأنعم به من مجد ففي ذلك تتبع لاثار السلف الصالح يقول الجرجاني (انا اذا تصفحنا الفضائل لنعرف منازلها في الشرف ونتبين مواقعها من العظم وجدنا العلم أولاها بذلك وأولها هنالك اذ لا خير الا وهو السبيل اليه ولا فضل الا وهو الدليل عليه)
أما الدور البارز الذي حظيت به شنقيط من بين البلدان فهو انشاؤه لتلك المدرسة المتعددة المشارب المتنوعة في الفنون ولكي ندخل في تفاصيل بين هذه المدرسة التي تسمى بالمحظرة لا بد لنا أن نعرف ما هي المحظرة؟
المحظرة كما يقال هي :ظاهرة موريتانية أملتها الظروف فقل أن وجد لها مثيل في غير موريتانيا ( شنقيط ) بكامل المواصفات والحيثيات
والمحظرة وجمعها محاظر بالظاء الملثلة مأخوذة من المحضر مصدر ميمي لحضر نقيض تغيب أو من المحضر اسم مكان من حضر فالمحضر المكان الذي يحضر فيه الناس على المياه ونحوها وفي اللسان ( الحاضرة والحاضر الحي العظيم أو الحي أو القوم اذا حضروا الدار التي تجمعهم الى أن قال ويقال للمقيم على الماء حاضر وقوم حضار اذا حضروا المياه ومحاضر قال لبيد ابن ربيعة
أقوى وعرى واسط فبرام من أهله فصوائق فخزام
فالواديان فكل مغنى منهم وعلى المياه محاضر وخيام
عهدي بها الحي الجميع وفيهم قبل التفرق ميسر وندام
فلعل من هذا المعنى جاء اسم المحظرة لأن اللهجة الحسانية تبدل الضاد ظاء فيقال فس الأبيض الأبيظ الخ
كما يمكن أن تكون مشتقة من الحظيرة أي : (ازريبه) وهي : ما يحظر به على المال من شجر أو غيره فكان الطلاب يحظرون ويحيطون بها أمكنتهم أو من الحظر الذي هو التحريم اذ يحظر أن يؤتى في ساحتها تصريف يحظره الشرع
وهذا هو تعريف الشيخ محمد يحي ولد سيد أحمد في تعليقه وتحقيقه على نظم العالم العلامة الشيخ مم ولد عبد الحميد الجكني تقبله الله في الصالحين لحياة شيخه الحبر الفهامة العلامة الشيخ ( اباه _ يحظيه ولد عبد الودود ) تقبله الله في الصالحين ( حياة يحظيه ولد عبد الودود نظم الشيخ مم ولد عبد الحميد تحقيق محمد يحي ولد سيد احمد حفظه الله ومد في عمره ) مخطوط الصفحة ٩ _ ١٠

فالمحظرة في الواقع مكان للحضور يحضر فيه الناس يتعلمون العلم أو مجموعة أو قوم يجتمعون من مختلف الجهات يغتربون فيها لطلب العلم فهي : مؤسسة تعليم وتهذيب شاملة فيها جماعة بشرية لها حياة معينة وأهدافها التفقه في الدين والتقوى والخلق الكريم وتنوع المعارف يقودها عالم في فن أو فنون يسهر على التدريس ورعاية أهدافها قربة لله تعالى
أما عن نشأة المحاظر فقد أورد الأستاذ الحبر العلامة المختار ولد حامدن رحمه الله أن أول معلم عرفته موريتانيا هو : عبد الله بن ياسين وخلفه في مهمته الامام الحضرمي فكان المعلم الثاني في البلاد
ثم جاء أبو بكر بن عمر بن ابراهيم الأموي قاضيا ومعلما فكان بذلك المعلم الثالث وكان المجتمه يفزع اليه في المسائل حتى سمي مجلسه مجلس العلم وسمي بذلك بنوه فيما بعد ( المدلش )
في الحلقة القادمة ان شاء الله نتطرق للمحاظر الموريتانية والفنون فيها وصبر علماء شنقيط على العلم وما لاقوا فيه وما قالوا فيه من الأنظام والأشعار