ماقبل الحداثة /خيري منصور

سبت, 01/20/2018 - 13:17

ماقبل الحداثة - خيري منصور
ﻣﺎ ﺃﻋﻨﻴﻪ ﺑﻤﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﻣﻀﺎﺩ ﻟﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺑﻌﺪﻳﺎﺕ، ﺳﻮﺍﺀ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻻﻣﺮ ﺑﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﻭﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮﺏ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎﻛﻔﺮﻟﻴﻦ، ﺻﺪﺭ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻭﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻋﺎﻡ 1815 ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﻋﻘﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻨﺎﺧﺎ ﺃﻭ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻟﻐﺎﺗﻪ ﻭﺛﻘﺎﻓﺎﺗﻪ، ﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺮﻱ ﻟﻮﻓﻴﻔﺮ ﻳﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﻴﺮﺩﺩ ﻛﻠﻤﺔ ﺣﺪﺍﺛﺘﻨﺎ ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻳﻜﻤﻦ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺭﺳﻢ ﺗﻀﺎﺭﻳﺲ ﻟﻬﺎ .
ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺃﻳﻀﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻟﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺳﻮﺭ ﺑﺮﻟﻴﻦ، ﺃﻭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺑﻞ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻡ 1492 ﻭﻫﻮ ﻋﺎﻡ ﺳﻘﻮﻁ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻤﺮﻫﺎ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﺳﻴﺒﻘﻰ ﺍﻻﻓﻖ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻭﻣﺘﺎﺣﺎ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺕ، ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﺮﺅﻯ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻛﻤﺮﺍﺩﻑ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺕ . ﺱ . ﺃﻟﻴﻮﺕ . ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﺴﺖ ﺑﻴﻴﺮ ﻛﻼﺳﺘﺮ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻣﻦ ﺃﺩﻕ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ، ﻷﻧﻪ ﺃﻗﺎﻡ ﺯﻣﻨﺎ ﺑﻴﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﺭﺻﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻴﺪﺍﻧﻲ ﻧﻤﻂ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﻣﺎ ﻳﻔﺮﺯﻩ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﻗﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ‏« ﺍﻟﺴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺱ ‏» ، ﻓﺎﻟﺴﻠﺔ ﺗﺮﻣﺰ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻧﻮﺛﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻣﺰ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭﺓ، ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻘﻄﻒ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻛﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻼﻝ . ﻭﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ، ﻭﻳﺘﺠﺴﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻦ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﺷﺒﻪ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﺃﻭ ﺇﺳﺒﺎﺭﻃﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﻨﻪ ﻣﺎﺭﻗﺎ، ﻭﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﺭﺻﺪﻩ ﻛﻼﺳﺘﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺼﻴﺪ، ﻓﻤﻦ ﻳﺼﻄﺎﺩ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﺮﺍ ﻳﺤﺮﻡ ﻣﻦ ﺣﺼﺘﻪ ﻣﻨﻪ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺸﺄ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﺻﻴﺎﺩﻭ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، ﻭﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ، ﺑﺎﺑﺘﻜﺎﺭ ﻟﻐﺔ ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﺴﺘﺮﺩﻭﻥ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﺮﻭﻕ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﻣﺰﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ .
ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻭﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺭﺛﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﻴﺴﺖ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺪﻋﻲ ﺍﻣﺘﻼﻛﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﻨﺴﻮﺏ ﻭﻋﻴﻪ ﻭﺇﺩﺭﺍﻛﻪ، ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﺰﻋﻴﻢ ﻣﻌﺼﻮﻡ، ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻨﻘﺾ ﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ، ﻷﻥ ﻗﻴﻤﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻣﺴﺘﻤﺪﺓ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻪ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎ ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺒﻜﺮ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﻔﻮﻳﺔ، ﻭﻳﺘﻨﺎﻏﻢ ﻫﺬﺍ ﻣﻊ ﻧﻤﻂ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﺍﻟﺼﻴﺪ، ﻟﻬﺬﺍ ﺗﻘﺎﻃﻌﺖ ﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﻛﻼﺳﺘﺮ ﻣﻊ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﻴﻠﻮﻧﻮﻓﺴﻜﻲ، ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻭﺍﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﺒﺮﻭﻧﺰ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﻭﻧﺰ ﻭﻫﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﺣﻴﺚ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﻮﺍﻛﻴﺮ ﺍﻟﺒﺎﺗﺮﻳﺎﺭﻛﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﺑﻮﻱ ﺍﻟﺬﻛﻮﺭﻱ ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺟﺮّﺩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺳﻼﺣﻬﺎ ﺍﻟﺮﻣﺰﻱ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ .
ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺃﻭ ﺷﺮﺍﺋﻊ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀﺍﺕ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺤﻖ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﺴﻮﺍﻩ، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺛﺔ ﺃﻭ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻬﺎ، ﻟﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﺸﺄ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎﺗﻬﺎ ﺑﺪﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺑﺪﺍﺋﻴﺔ، ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻭﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ، ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺒّﺮ ﻋﻨﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻋﺮﺑﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻏﺰﻳّﺔ، ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻣﺠﺮﺩ ﺻﺪﻯ ﻟﻬﺎ، ﺳﻮﺍﺀ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻐﺰﻭ ﺃﻭ ﺍﻟﺮُّﺷﺪ .
ﻭﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﺠﺮﺩ ﺭﻗﻢ ﺃﺻﻢ، ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺘﻰ ﻟﻸﺳﻤﺎﺀ ﺇﻻ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺗﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻓﺮﺩ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﻴﻊ، ﻟﻬﺬﺍ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺗﺮﺳﻢ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﺷﺎﺭﺓ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﺗﻨﻮﺏ ﻋﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻬﻢ ﻭﺍﻧﺘﺴﺎﺑﻬﻢ، ﻭﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻀﻮﻱ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺮﺍﺩﻓﻪ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ، ﻓﺎﻟﻔﺮﺩ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ، ﺑﻌﻴﺮ ﺃﺟﺮﺏ ﺃﻭ ﻋﻨﺰﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﻴﻊ، ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺑﺎﻹﻓﺮﺍﺩ ﻭﺍﻟﻨﺒﺬ ﺧﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺪﻭﻯ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺘﺴﻠﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .
ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎﻝ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺍﻟﻤﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻗﻨﻌﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻛﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﺍﻟﻤﺤﺮّﻣﺔ ﻟﻐﺴﻞ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻛﻤﺎ ﺗﻐﺴﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ . ﻭﻓﻲ ﻣﻨﺎﺧﺎﺕ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ، ﻭﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺭﺃﻱ ﺳﻠﺒﻲ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻦ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﺃﻭ ﺑﻼﺩﻩ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻭﺑﻐﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﺘﺨﻮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﻳﻢ ﻭﺍﻟﻨﺒﺬ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺯ ﺟﺎﻥ ﺟﻴﻨﻴﻪ ﺃﻭ ﻧﻌﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻭﺳﺎﺭﺗﺮ ﻭﻫﻨﺮﻱ ﻣﻴﻠﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .
٭ ﻛﺎﺗﺐ ﺃﺭﺩﻧﻲ