القدس ..في زمن الثورة المضادة - الياس خوري

ثلاثاء, 12/26/2017 - 08:06

ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﻤﺸﻬﺪ ﺩﻣﻮﻱ ﻓﻲ ﺿﻮﺍﺣﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ؛ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻀﺮّﺝ ﺑﺎﻟﺪﻡ ﻭﻣﺤﻤﻮﻝ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺘﻬﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﻣﺸﻬﺪ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺸﻬﺪ ﻣﻘﺘﻞ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ، ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻛﻤﻴﻦ ﻣﺴﻠﺢ .
ﻻ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻠﻔﺮﺡ ﺑﻬﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻤﻴﺘﺘﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﻌﺘﻴﻦ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻴﺪ ﺧﺼﻮﻣﻪ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ . ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﻳُﻘﺘﻠﻮﻥ ﺑﺄﻳﺪﻱ ﻃﻐﺎﺓ ﻳﺸﺒﻬﻮﻧﻬﻢ، ﻭﻣﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﺪﻡ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ . ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮّﻟﺖ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺭﻛﺎﻡ، ﺗﺌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﺤﺖ ﺟﺜﺚ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ .
ﻭﺍﻗﻊ ﺗﻤﺘﺰﺝ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ﺑﺎﻟﻤﻠﻬﺎﺓ؛ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺗﺼﻔّﻖ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻲ، ﻭﺧﺮﺍﺏ ﺗﺼﻨﻌﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺎﺗﻞ، ﻭﺗﻌﻠﻦ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻼ ﺃﺣﺪ . ﺳﻮﺭﻳﺔ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺗﺴﺘﺒﻴﺤﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﻓﺎﻋﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ، ﻭﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺗﻄﻔﺊ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ . ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻣﺨﺘﺒﺌﺔ ﻓﻲ ﺛﻴﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﺳﺔ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼﺏ، ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺒﻬﺎ ﺑﻐﺎﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻠﻬﻢ، ﻓﺘﺴﻠﻠﻮﺍ ﻣﻦ ﺷﻘﻮﻕ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻛﻲ ﻳﺴﺪﻟﻮﺍ ﺳﺘﺎﺭﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﺪﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ، ﻭﺻﻮﻻً ﺇﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺍﻟﻤﺠﺰﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ، ﻭﻳﻤﻦ ﺍﻟﻜﻮﻟﻴﺮﺍ ﻭﺍﻟﺤﺼﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﻋﻮﻥ .
ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺗﻠﻌﻖ ﺳﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ . ﻛﻞ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺃﺻﻮﻟﻲ ﻭﻛﻞ ﺃﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪ ﻛﺎﻷﺻﻮﻟﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﻼ ﺃﺣﺪ، ﺃﻱ ﺑﻔﺮﺍﻍ ﻻ ﻳﻤﻠﺆﻩ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﻡ . ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻋﻠﻨﻪ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻫﻢ ﻳﻔﺎﺟﺄﻭﻥ ﺑﺎﻧﺘﻔﺎﺿﺎﺕ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺩ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﻠﻞ ﻣﻦ ﺷﻘﻮﻕ ﻋﺠﺰ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻋﻦ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺟﺮّﺍﺀ ﻋﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺸﻠﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ، ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﺏ ﻣﻊ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻭﻻﺋﻢ ﻟﻠﻘﺘﻞ .
ﺯﻣﻦ ﺍﻻﻧﻘﻼﺑﻴﻴﻦ ﻭﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﻭﺭﻭﺍﺋﺢ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺎﺣﺔ، ﺻﻨﻊ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ، ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﻬﻤﻴﺶ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧَﻴﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺭﻛﺎﻡ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ : ﻫُﻤﺸﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﺑﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻣَﻦ ﻳﺒﺸّﺮ ﺑﻨﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ ﻗﺮﻥ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﻮﻯ ﻗﺒﻠﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻤﺴﺎﺭ ﺳﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺳﻮﻯ ﻭﻫﻢ، ﻛﻤﺎ ﻫُﻤﺸﺖ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺎﺭﺕ ﺃﺳﻴﺮﺓ ﻧﻈﺎﻡ ﻃﺎﺋﻔﻲ ﻓﺘﻚ ﺑﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺭﻗﺔ ﺗﺮﺗﺠﻒ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﺃﺷﺒﺎﺡ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ .
ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮ ﻭﺍﻟﻤﺎﻓﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻭﻣﻮّﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻭﺭﺓ، ﺗﺤﻮّﻝ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﻔﺎﻝ . ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺠﺰﺭﺓ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﻟﻔﺨﺮ ﻣﺮﺗﻜﺒﻴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ . ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﺃﻥ ﺍﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺪّﻋﻲ ﻣَﻦ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺑﺬﺍﻛﺮﺓ ﻣﻔﻘﻮﺩﺓ، ﻓﺎﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺪﺃ ﺣﻴﻦ ﺍﺳﺘُﺒﻴﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻫُﺪﻣﺖ ﺍﻟﻤﺪﻥ، ﻣﻦ ﻣﺬﺑﺤﺔ ﺷﺎﺗﻴﻼ ﻭﺻﺒﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺬﺍﺑﺢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻓﻲ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﻣﺮﻳﺐ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﻭﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ . ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺫﺭﻭﺓ ﻻ ﺫﺭﻭﺓ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻛﻤﺎ ﺻﺎﻏﻪ ﻣﺆﺧﺮﺍً ﺍﻟﻤﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺗﻮﻣﺎﺱ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻧُﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ‏« ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﺗﺎﻳﻤﺰ ‏» ‏( 23 ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ / ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ 2017 ‏) ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﻰ ﺩﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﺮﺍﻕ ﻛﻲ ﻳﺤﺠﺐ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﻠﻒ ﻋﺒﺎﺀﺓ ﺍﻟﻨﻔﻂ .
ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﺮﻳﺪﻣﺎﻥ ﺳﻮﻯ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﻯ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺳﻮﻯ ﺑﺌﺮ ﻟﻨﻔﻄﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﺗﻬﺪﻳﺪ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ .
ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺟﺘﺎﺣﺖ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻓّﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺗﺨﻮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﻓﻘﺪ ﺣﻮّﻝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻭﻥ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﻛﺎﺑﻮﺱ، ﻭﻧﺠﺤﻮﺍ ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺘﻬﻢ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻟﺠﺬﺏ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ، ﻓﺄﺗﺖ ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺻﻘﺎﻉ ﺍﻷﺭﺽ : ﺃﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺑﻌﺚ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ، ﻭﺃﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻳﺤﻤﻮﻥ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﻣﺎﻓﻴﻮﻳﺔ ﺗﺴﺘﺮﺕ ﺑﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻷﺿﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﺻﺎﺭﺕ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻠﻌﺒﺎً ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ .
ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﺧﻄﺮ ﻋﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ، ﺑﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻬﺎﺙ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﻠﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺄﻱ ﺛﻤﻦ ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺰﻕ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻐﺎﺷﻤﺔ . ﻟﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﺎً ﺃﻥ ﻳﻤﺘﻄﻲ ﺩﻭﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﻋُﺘﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﻌﺘﻬﻪ، ﻭﻳﻌﻠﻦ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﺎﻟﻘﺪﺱ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﻭﻧﻘﻞ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺑﺔ ﺑﺎﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻻﺳﺘﻴﻄﺎﻧﻲ، ﻓﺎﻟﺴﻴﺪ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﻳﺘﺴﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﺎﻝ ﺍﻟﻮﻫﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻛﻲ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻌﺖ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺍﺣﺘﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ .1967
ﺳﻴﺴﺠﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻥ ‏« ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺒﺸﻊ ‏» ، ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﺍﻷﺑﻴﺾ، ﺍﻟﻼﺳﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻪ، ﻫﻮ ﺷﺮﻳﻚ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻋﻨﺼﺮﻱ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ . ﻓﺎﻟﻼﺳﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺿﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺇﻻّ ﻷﻧﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ . ﻭﻛﻤﺎ ﺟﺴّﺪﺕ ﺍﻟﻼﺳﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﻜﺒﻮﺕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺳﻼﻣﻮﻓﻮﺑﻴﺎ ﻭﻓﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻔﺘﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻬﻤﺠﻴﺔ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﻬﻤﺎ، ﻋﺒﺮ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺑﺤﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻭﺍﻷﻟﻢ .
ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺗﻤﻀﻲ ﺑﻨﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ؟
ﻻ ﻗﻌﺮ ﻟﻠﻘﻌﺮ، ﻓﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻣﺪّ ﻳﻤﻴﻨﻲ ﺻﺎﻋﺪ، ﻭﺟﺪ ﻓﻲ ﺭﺋﻴﺲ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺘﻬﻮﺭ ﻭﻣﺮﺗﻜﺐ ﻭﺧﺎﺋﻒ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺣﻠﻴﻔﺎً ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻳﺴﻌﻰ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﺘﺠﻨّﺐ ﺍﻹﺩﺍﻧﺔ؛ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﻓﻲ ﺣﻤﻰ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻔﺎﺷﻴﺔ ﻟﻴﺠﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻨﻔﺪﺍً ﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻳﻬﻤﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻦ ﻣﻼﺣﻘﺔ ﻓﺴﺎﺩﻫﻤﺎ . ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻌﺮ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﻓﻲ ﻋﺮﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻨﻘﻠﺒﺔ ﺣﻠﻔﺎﺀ ﻣﻌﻠَﻨﻴﻦ ﺃﻭ ﻣﻀﻤَﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺷﻄﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻤﺼﻴﺮ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺃﺣﻘﺎﺩﻫﻤﺎ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ . ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺧﻄﺎﺏ ﺗﺮﺍﻣﺐ، ﻭﻻ ﺍﻟﺼﻠﻒ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺣﺒﻪ؛ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﻫﻲ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮﺍ . ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﻧﺘﻨﻴﺎﻫﻮ ـ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ، ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻗﻔﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﺘﺤﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﺬّﺝ . ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻭﺗﻜﺬﺏ، ﻭﻏﺪﺍً ﺳﻴﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﺇﻻّ ﺑﺴﺒﺐ ﻫﻮﺍﻥ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻭﺗﻮﺍﻃﺌﻬﺎ .
ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃُﺧﺮﻯ، ﻓﺈﻥ ﺑﻌﺾ ﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﺗﺴﻢ ﺑﺎﻟﺴﺬﺍﺟﺔ، ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺳﺬﺍﺟﺔ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺷﻌﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻦ . ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻟﻠﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﺑﺪﻳﺔ ﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻞ . ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻳﺠﺐ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﻓﺦ ﺧﻄﺎﺑﻬﺎ . ﻣﺠﺮﺩ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻷﺑﺪ ﻫﻮ ﺳﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻐﻴﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺼﻞ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺎﺷﻴﺔ . ﺗﺬﻛﺮﻭﺍ ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺑﻨﺎ ﺃﺑﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ، ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﺩﻣﺎﺭ ﺃﻭﺻﻠﻨﺎ . ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻻ ﻋﻮﺍﺻﻢ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﺩﻭﻝ ﺃﺑﺪﻳﺔ : ﻻ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺃﺑﺪﻳﺔ، ﻓﺎﻷﺑﺪ ﻫﻮ ﻧﻘﻴﺾ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺳﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺓ . ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺑﺪ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﺇﻧﻪ ﺻﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻋﺮﻭﺑﺔ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﻭﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻّ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ .
ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﻧﺴﺄﻝ؟
ﻗﺒﻞ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺆﻛﺪ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺪﺱ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺭﻣﺰﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻫﻲ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺣﺘُﻠﺖ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ .1967 ﻓﺼﻞ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﺪﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﺍﺕ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻄﻤﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ . ﻭﺣﻴﻦ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﺎﻟﻘﺪﺱ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﻓﺈﻧﻪ ﺷﺮﻋﻦ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ .
ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﺍﻟﻘﺪﺱ ﻫﻲ ﻛﻞ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻞ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﻭﺳﻠﻮ ﻭﻫﺰﻳﻤﺔ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘﺘﺒﻌﺘﺎﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺭﺿﻮﺥ ﻭﻭﻫﻢ . ﻗﺎﻝ ‏« ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺒﺸﻊ ‏» ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻟﻤَﻦ ﻳﺪّﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻧﺘﻬﺖ، ﺇﻥ ﻣَﻦ ﻳﺘﻮﺳﻞ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻨﻈﺎﻣﻪ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩﻱ ﺍﻟﻤﺘﻬﺎﻭﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﺃﻭﻻً، ﺛﻢ ﻳﻌﻠﻦ ﺟﻬﺎﺭﺍً ﺃﻧﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺻﻔﻘﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ ﺇﺳﺪﺍﻝ ﺳﺘﺎﺭ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺣﺪﻫﺎ، ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺃﻳﻀﺎً .
ﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﻧﺴﺄﻝ؟
ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺗﺄﺟﻴﻠﻪ ﻣﻤﻜﻨﺎً . ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻛﺘﺴﺒﺖ ﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻔﺪﺍﺋﻴﻴﻦ . ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻮﺻﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﺣﻴﻦ ﻳﻐﻴﺐ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺗﻨﺪﺛﺮ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ .
ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﻮﻥ؟
ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻠّﻤﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭﺭﺍﻗﻬﺎ ﻟﻜﺬﺑﺔ ﺳﻼﻡ ﺍﻻﺳﺘﺴﻼﻡ، ﻭﺧﻀﻌﺖ ﻹﻣﻼﺀﺍﺕ ﺍﻟﺮﺑﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺘﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺍﺣﺘﻼﻟﻪ، ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺗﺘﺸﻈﻰ ﻭﺗﻨﺪﺛﺮ، ﻭﺻﺎﺭ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﻫﻨﺎً، ﻭﺗﺤﻮّﻝ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﺻَﺪَﻓَﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺟﺜﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ . ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ، ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻤﺘﻦ ﻓﻬﻮ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ . ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺧﻄﺎﺏ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻠﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﺳﻤﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﻣﻨﺬ ﺃﻋﻮﺍﻡ . ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺒﻠﻰ ﺑﺎﻟﺴﺮﺍﺏ ﺍﻧﺘﻬﺖ . ﻭﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﻛﻲ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ . ﻭﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺗﺤﺮﺭ ﻭﺣﺮّﻳﺔ، ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﺳﻤﻴﻦ : ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭ / ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ .
ﻭﺍﻻﺳﻤﺎﻥ ﻫﻤﺎ ﻋﻨﻮﺍﻧﺎﻥ ﻟﻠﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ : ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻋﺒﺮ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﻭﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻃُﺮﺩﻭﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﻗﻲ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﺃﻳﻀﺎً ﻋﺒﺮ ﺗﺤﺮﻳﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻱ ﻛﻲ ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﻓﻲ ﻭﻃﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻊ ﺿﺤﻴﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ .
ﺇﻧﻪ ﻧﻀﺎﻝ ﻃﻮﻳﻞ ﻭﻣﺆﻟﻢ .
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﻗﺪﺭ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ، ﻓﺎﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻧﻜﺒﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺧﺮﻭﺝ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻉ ﺍﻟﺘﺮﺩﻱ ﻭﺍﻻﻧﺤﻄﺎﻁ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺳﻴﻜﻮﻥ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎً، ﻭﺣﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺗﺼﻮﻳﺐ ﺍﻟﺒﻮﺻﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﻨﻊ ﺍﻟﺴﻔﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻟﻤﺘﺎﺟﺮﺓ ﺑﺎﻷﻭﻃﺎﻥ، ﻭﻓﻲ ﻟﻌﻖ ﻣﺒﺮﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ .
ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ .
ﻫﻨﺎ، ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺎﺣﺔ، ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺃﻻ ﺧﻴﺎﺭ ﻟﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ . ﻭﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭﻩ . ﻭﻫﻲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺗﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﺗﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ .
○ ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ‏( 113 ‏) ﺷﺘﺎﺀ 2018 ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ‏« ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ‏» ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺪﺭ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ .