أعاصير حزيران من النكسة الى النكبة!!

خميس, 06/26/2025 - 10:52

حسبت إسرائيل أن المكاسب التي تحصلت عليها في حرب الأيام الستة الخاطفة سنة 1967م ضد دول الطوق العربي يمكن أن تحققها مرة أخرى في حرب الإثنى عشر يوما في شهر حزيران من سنة 2025 م، بيد أن المعطيات الميدانية فاقت كل التوقعات ،لأن الكسراويين خبراء في النزال والكر والضرب والخطط العسكرية .
وبما أن تل أبيب ظلت آمنة من أزيز الطيران الحربي والصواريخ في حروب 67/1973م ،إلا أن سكانها في هذه الحرب تقاسموا مع الغزاويين وغيرهم من سكان الأراضي المحتلة مرارة الأسلحة الفتاكة و الإنفجارات و تساقط المباني والأبراج والموت والقلق والإختباء في الملاجئ بل والهجرة أحياناً الى أماكن شتى.
الملفت في حرب الإثنى عشر يوما أن إسرائيل تسوق للعالم أن إيران تنتهك القانون الدولي بضربها لأماكن مدنية، في حين ظلت إسرائيل ترمي بالقانون الدولي عرض الحائط، بضرب المستشفيات وتكسير المباني السكنية وقطع المياه والكهرباء وفرض حصار إقتصادي شامل على سكان غزة وقتل واختطاف وقنص دون رحمة قبل عملية طوفان الأقصى وبعدها مع أن سكان الضفة الغربية ليسوا أفضل حالاً.
إن من جدوى حرب الإثنى عشر يوما أن الحرب الخاطفة السريعة النتائج لم تكن مقبولة اليوم نظرا للتطور التكنولوجي وامتلاك كل دول الطوق أسلحة متطورة رغم التفوق الإسرائيلي والدعم اللامحدود من قبل الولايات المتحدة والغرب عموما وبالتالي فإن نجاحات 1967م لم تعد قابلة للتحقق إذا ما جربت إسرائيل الحرب ضد مصر مرة أخرى فكيف بإيران التي تبعد مئات الأميال ؟
لقد أبدى الإرانيون مقاومة باسلة بإسقاط أجود الطائرات العسكرية الإسرائيلية والمسيرات و إختراق القبة الحديدية التي تحولت الى خيوط عنكبوتية فلم تغني من الهجمات الإيرانية شيئاً حتى صار ملايين الإسرائليين يعيشون تحت الأرض والحكومة تعقد إجتماعاتها عبر تقنية فيديو كونفرانس موزعين بين المدن مثنى وثلاث ورباع.
إن هندسة الحرب تحتاج الى عتاد فعال وخطط ناجعة وجيش قوي ونفس طويل وهذه الأسس جمعتها القيادة الإيرانية ونظرا لمحورية تموقع إيران وحيوية المنطقة وتأثيرها على الأقتصاد العالمي كان رد إيران على الضربة الأمريكية لمنشآتها النووية بضرب القواعد العسكرية الأمريكية بالعراق وقطر وهو ماكانت له تداعيات خطيرة هزت العالم ودول الخليج المصدرة للنفط والغاز ،فأغلقت أجواء هذه الدول وكادت الحرب تشتعل لولا تدارك الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لخطورة الموقف وإنعكاسات الحرب على السلم العالمي.
فشلت إسرائيل في إسقاط النظام الإيراني...
و فشلت في تدمير المفاعلات النووية كلها...
وفشلت في تحييد الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ...
وخرجت إيران من حرب الإثنى عشر يوما قوة عسكرية يحسب لها ألف حساب .
حرب الإثنى عشر يوما كانت نتيجة لسيناريو مابعد طوفان الأقصى القاضي بتحطيم أذرع المقاومة المدعومة من طرف إيران عن طريق:
غزو غزة واغتيال قيادات حماس
استئصال قيادات حزب الله وضرب تموقعه أينما وجد
إسقاط نظام بشار الأسد.
إلا أن إسرائيل أخفقت في مقياس الحرب ضد الحركات مقارنة مع الحرب ضد دولة نظامية وازنة بعدتها وعتادها فكان السقوط في نفق الخروج منه أصعب من الدخول فيه وهذا ما تجلى في دقة الأهداف التي وجهتها إيران داخل الكيان الصهيوني من قواعد عسكرية ومراكز أبحاث ومطارات ومحطات وقود و منشآت إدارية.
حرب الإثنى عشر يوما كانت بمثابة صب الزيت على النار لأن إسرائيل فشلت على مدى سنة وسبعة أشهر في تحرير رهائن مختطفين من طرف حركة حماس، زادت الأعباء عليها بالدخول في حرب مع دولة كبرى لها وزنها وتجربتها مع الحروب تمتلك كثيرا من الأوراق القادرة على إشعال حرب كونية ثالثة.
الدرس المستخلص من حرب الإثنى عشر يوما هو الفشل في إعادة نكسة جديدة ،وتحول الطموح الإسرائيلي الى نكبة سيكون لها مابعدها .
محمد ولد سيدي كاتب صحفي.