
توطئة :
**وحدها إسرائيل هي الرابح **
عند نهاية كل حقبة ،تأتي لحظة الفراغ السلطوي بصفة دراماتيكية،غريبة، سقوط دمشق فيه آيات للطغاة ،وآيات أخرى لحاضنات الثوار، الذين هم في كل محافظة، ومكون، وتيار،وطائفة،ومذهب، وأقلية، وذيل أجنبي، يهيمون.
بين سقوط دمشق،وتونس ،نقاط تلاقي، يجمعها حكم الفرد ،حكم القبضة الحديدية، والفساد الإداري، واستغلال النفوذ.
ومن نقاط الإفتراق :
هرب بنعلي، ، وبقيت مؤسسات الدولة قائمة، أما بالنسبة الى دمشق فقد هرب الرئيس بشار الأسد، و اختفى الجيش من المشهد العام ، في ذات السياق يسيطر الخوف من وقوع الحالة الليبية، حيث قسمت البلاد الى شطرين ،شرقي يديره خليفة حفتر،وغربي في العاصمة طرابلس تحت يافطة سلطة تواجه الأمرين ، داخليا وخارجيا.
إن أصعب إختبار لإئتلاف الثوار،أو أحرار الشام، هو التوفيق بين منطلقاتها العقدية والفكرية ،وبين التيارات الليبرالية، والبعث المتخفي ،وكشكول الدولة العميقة الذي يراقب خلف الستار حتى يعود من الباب الذي دخل منه الثوار،وخرج منه بشار،وبنعالي، وغيرهم، وعليه يجب على مشروع السلطة الوليدة عدم التسرع في الإنتقام والتأني وإرسال رسائل تصالحية لكل السوريين بما فيهم نخبة البعث التي حكمت على مدى خمسة عقود كي تشيد سوريا على أسس قوية وسليمة لذا فإن المغالاة في الإنتقام عامل منفر،يعزز صورة سلبية مرسخة في الذهنية الغربية عن العرب ، وبالتالي كان التمثيل ضد أنصار الرئيس معمر القذافي، وحرق ضريح حافظ الأسد ،من أبشع مخرجات عواصف الربيع العربي المحرقة.
يمكن للسوريين الإستفادة من أخطاء الحراكات الشعبوية خلال تسونامي عريض امتد من دول المغرب العربي ومصر والسودان حتى وصل إلى اليمن وسوريا .
وفي الوقت الذي يتراقص فيه السوريون ،رقصات الدبكات، في الميادين ،كما رقصها من سبقوهم الى نشوة الإنتصار المؤقت ،فقد عقب لحظة النصر اكتئاب وقلق وكبت وتكميم وسجون،نتيجة الثورات المضادة والأدهى والأمر وجود أقاليم ذات توجهات مكوناتية يمكن أن تطرح أجندات تفكيكية خاصة إذا كان اللاعبون الكبار والكيان الصهيوني يسعون الى عدم وجود دولة بحجم سوريا متاخمة لإسرائيل تمتلك مقدرات بشرية وإقتصادية واعدة من الممكن أن تشكل خطرا في المستقبل البعيد على إسرائيل و حلفاء الغرب .
والحقيقة أن ماحدث في سوريا لم يأتي اعتباطياً بل خطط له وفق نظرية الفوضى الخلاقة للمستشرق اليهودي
برنارد لويس في ثمانينات القرن الماضي وعليه فإن تصدع الدول التي شهدت ثورات وتفكيكها لايعدو كونه إعادة رسم خرائط لمابعد سايكس بيكو جديدة، الفرق بينها وسايكس الأولى أن تحطيم الكيانات المؤسساتية الكبرى هو بالوكالة داخلياتياًوليس عن طريق الأمبريالية القديمة،وهذا المخطط وجد أرضية صالحة منها:
الإستبداد،والفساد، والعمالة للآخر، ومن المؤسف أن الكيانات التي لم يجرفها التيار لما تأخذ العبرة من الدول التي غرقت في وحل الفتن والتشتت والطائفية والتدخلات الدولية،
وهنا يصعب الجواب على الأسئلة الجوهرية:
هل ستنجو سوريا من الطائفية والمذهبية والتقسيم ؟
وهل ستكون رقصة الدبكة الشامية في ساحة الأمويين، رقصة مؤقتة، أم ستكون رقصة على أزيز الرصاص والمزنجرات الحربية ،بينما ستواصل إسرائيل توغلها فيما تبقى من هضبة الجولان؟
لقد ترك بشار الأسد سوريا واتسع له المقام في تلال سيبيريا الشديدة البرودة،،بينما يسخن جو دمشق ومحافظاتها ويسيطر هاجس القلق والخوف من صوملة سوريا ؟
وماعليه القول أن كل الدول العربية التي تعاني من ضعب حوكماتها معرضة للأسوأ وقد علمتناالتجارب أنه لا يوجد حكم عربي ،أو اسلامي،مثالي،أتى على ظهر دبابة ...
وستبقى إسرائيل وحدها هي الرابح،من كل حكم فاسد، ومن كل بلد يغلي ...
محمد ولدسيدي_ المدير الناشر _ اركيز انفو