
من الجميل أن يستغل نظام محمد ولد الشيخ الغزواني التحاق قيادات المعارضة ممثلة فيما أطلقوا عليه في العشرية بالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ويبدو أن الوحدة تجسدت عندهم الواحد تلو الآخر، أو بالإجماع، في الإنضمام إلى الحزب الحاكم حزب الأتحاد في عشرية السخونة والمواجهة، حزب الإنصاف والتقارب والتفاهم تحت مرجعية محمد ولد الشيخ الغزواني هذا دون أن يقدم النظام على أبسط تنازلات للعرائض المطلبية لمعارضة العشريات المتتالية.
من الأفضل للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إستغلال وحدة الطيف السياسي لحل أهم المعوقات التي تحول دون تقدم البلد، وبالتالي المعارضة قدمت نفسها بالمجان، وربح النظام، ولكنه، ربح في طعم خسارة مشتركة للثلاثة:
خسارة النظام أنه لم يستغل وحدة الطيف السياسي سواء من إنضم للموالاة وأصبح جزءا من الحكومة، أو من تقارب منها إلا درجة الإبتعاد عن السخونة والشيطنة كما كان في ظل عزيز ومعاوية.
خسارة المعارضة لوزنها شعبيا لأنها أخفقت في توصيل رسالتها للشعب وبالتالي كان لصعود جبهة بديلة وشخصيات مستقلة حقوقية وذات طابع شرائحي أحيانا بديلا عنها مثل كتلة بيرام ويعقوب ومحمد لمين سيدي وخدجاتا مالك جلو وغيرهم.
خسارة الشعب الذي أنهكه الفساد الإداري والفقر والمحسوبية عن طريق منظومة كانت من الموالاة منذ الإعلان عن دخول البلاد التعددية السياسية، اليوم أصبحت المنظومة الأخرى التي كانت تحمل شعار الإصلاح وتبين أخطاء النظام الحاكم، وتستغلها وطنيا ودوليا أصبحت تشكل جزءا من الإئتلاف المكون للحكومات التي طالما وصفتها بالمفسدة ، لذا كانت مطالب معارضات معاوية وعزيز وهيدال والمختار ولد داداه وسيدي ولد الشيخ عبدالله همهما الوحيد اللقاء بالرئيس ومن ثم التوقيع على تفاهمات فردا فردا على حساب الشعب المطحون الذي يبحث عن" legumes " من الخارج والقمح من الخارج والزيت من الخارج رغم وجود أرض خصبة قادرة على إمداد دول الشرق الأوسط بالحبوب والخضار إذا ما أستغلت أيما إستغلال.
قوة النظام لا تكمن في اجتثاث المعارضة من قلاعها، فتلك مسألة عادية في العالم الثالث، قوة النظام تكمن في السيادة الغذائية، والإبتعاد عن تأثيرات الأزمات الدولية القريبة والبعيدة التي تتناسل من حين لآخر.
والسيادة الغذائية تعني إرضاء الأغلبية من الشعب وليس أغلبية من أحزاب لا تراعي إلا مصالحها الخاصة وقد أثبتت الأيام ذلك حين كانوا يجمعون التواقيع لمأمورية ثالثة وحين كانوا خلف الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي يماثل وضع النيجر اليوم مع وضعه آنذاك.
إستقالة جميل منصور جاءت في جو مكهرب إقليميا ودوليا وله تداعياته على أمن وإستقرار منظمة الإيكواس و منطقة G5 إلى جانب هجرة غير مسبوقة للشباب الذين أخفقت كل المقاربات الوطنية في احتضانهم سواء حملة الشهادات أو غيرهم فلا مشاريع عملاقة تمتص البطالة وتحد من الفقر شوهدت لا في الحوضين حيث الثروة الحيوانية ولا استراتيجية للتصنيع شوهدت في الولايات المنجمية ولا مصانع للصناعات الغذائية أستحدثت في الولايات الزراعية التي تشكل ثلث ولايات الوطن ولا شبكات قطارات قيم بها في نواكشوط والمحافظات الداخلية علاوة عدم القيام بشبكات صرف صحي في المدن الكبرى ومدن الضفة وتلك التي تقع بين منحدرات الجبال، التي طالما عانت من فيضانات موسمية .
بالمختصر رضا الطبقات الهشة ممثلا في
الرفع من القدرة الشرائية، والتشغيل، ومحاربة الفساد، أفضل من رضا مستفيضة لم تظمأ أبدا ولم تجوع والمناخ السائد في شبه المنطقة يثبت تداعيها.
محمد ولد سيدي كاتب صحفي