إسرائيل فقدت هيبتها..معركة سيف القدس، دشنت حقبة التحرير- إيهاب سلامة

سبت, 05/22/2021 - 22:18

الإنجازات التاريخية العظيمة التي حققتها المقاومة الفلسطينية في معركة “سيف القدس”، تعدت الإنتصار العسكري المؤزر الذي كبدت فيه كيان الإحتلال وجيشه وترسانته الحربية والتكنولوجية هزيمة ساحقة، وأجبرته على استجداء الهدنة وإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، لتوجعه أكثر وأكثر، بعد أن تمكنت صواريخ المقاومة من فض عذرية الكيان العسكرية، وإفقاده هيبته التي ظل يتبجح فيها، وكسرت شوكته، ونزعت أوسمة سمعته العسكرية التي رسخها لعقود طويلة عن صدره، بأنه “الجيش الذي لا يقهر” وداست عليها ببساطيرها.
سلة انتصار المقاومة جمعت غلة وافرة من الإنتصارات على كيان الإحتلال الذي رزح تحت هول الصدمتين، المعنوية والمادية، وقلبت الطاولة على رأس رئيس وزرائه البيبي نتنياهو، وأفقدته توازنه، الذي ظن أن الدخول في معركة مع جحافل المقاومة المتعطشة للمواجهة في غزة، كالخروج منها.
على الصعيد المادي، أوقعت صواريخ المقاومة الباسلة التي ظلت تدك مدن ومستوطنات الإحتلال على توقيت الجنرال الناطق باسمها أبي عبيدة، طيلة أحد عشر يوماً، وانهمرت بغزارة أفقدت معها الكيان صوابه، وأصابت جنوده ومستوطنيه بسلسل البول ونوبات الهلع والهستيريا، وخبأت سبعة ملايين مستوطن بقياداتهم وزعاماتهم وحاخاماتهم، تحت الأرض، وفي الأقبية والملاجىء.. أوقعت خسائر عسكرية ومادية طالت الأرواح والمؤسسات والمعسكرات والمصانع والأبراج والمحلات والمنازل والمركبات ومحطات تخزين النفط والغاز، وشلت حركة الموانىء والمطارات وشبكة القطارات ووسائل النقل، وعطلت حركة الكيان الصناعية والتجارية والسياحية والمعيشية، وكبدته خسائر اقتصادية فادحة فاقت حجم الخسائر المادية التي وقعت في قطاع غزة بأضعاف وأضعاف مضاعفة.
على الصعيد المعنوي، داست بساطير المقاومة خشم كبرياء الكيان الذي تباهى دوماً بأمنه لاستقطاب المهاجرين اليهود إليه من شتات العالم، وأصابت مستوطنيه بهوس الشك حول مزاعم قوته وتفوقه، وانعكست بضراوة على العقيدة القتالية لعلوج جيشه الذين رأيناهم وهم يفرون كالصراصير للإختباء تحت المركبات والأنفاق والجسور، مثلما رأيناهم وهم يبكون ويرفضون الإنضمام إلى جبهة القتال ومواجهة سباع غزة المتأهبين، ولم تترك وسائل التواصل فضيحة لهم إلا ونشرتها على حبال غسيلها.
الثمرة الأكبر التي قطفتها المقاومة، أن معركة “سيف القدس” شكلت تحولاً استراتيجياً تاريخياً في مسار الصراع مع الكيان الصهيوني، وخلقت واقعاً جديداً، ودشنت بداية حقبة ستشهد معها تحولات ومتغيرات راديكالية، وأعادت صياغة سيناريوهات المواجهة، بتمكين معادلة الردع، وتعدتها، لتؤسس ميزان للقوة، وتؤرخ مرحلة تتعطش فيها الشعوب التي تغلي بانتظار لحظة المواجهة!
تداعيات الصدمة التي يمر بها كيان الإحتلال وجنرالات جيشه، جراء انتصار المقاومة، وانتقال الصراع إلى حضنه عبر فلسطيني الداخل البواسل، الذين سطروا ملحمة تاريخية بطولية، وبددوا ظنون البعض وزعمهم بفقدان هويتهم العربية الفلسطينية، لينفجروا كبركان غاضب استشاطت حممه لتلهب مدن الداخل المحتل وبلداته، تلك التداعيات، ستستغرق كيان الإحتلال وقتاً طويلاً لاستيعابها واحتوائها إن استطاع إلى ذلك سبيلا، وستخضعه عنوة لإعادة حساباته بشكل مغاير مخيف لا يحسد عليه، وتلزمه بالتفكير لاحقاً ألف مرة قبيل الإقدام على تصرف أرعن قد يغضب المتمترسين خلف منصات صواريخ المقاومة.
من ثمار النصر اليانعة أيضاً، أن القضية الفلسطينية التي سعى كيان الإحتلال لطمسها، وسلخها عن جسد الأمتين العربية والإسلامية، وتهميشها، وحصرها بمفاوضات عبثية طيلة عقود ثلاثة، أعادتها المقاومة الباسلة إلى صدارة المشهد.. وجيّشت الشعوب العربية والإسلامية تحت رايتها، وأعادت شحنها حتى الذروة، وسلطت أضواء العالم عليها بشكل غير مسبوق، كما أنها أربكت حسابات القبائل العربية المهرولة المطبعة، وخلطت أوراقهم، وردت كيدهم في نحورهم، ووحدت الشعب الفلسطيني من القدس إلى غزة للضفة والجليل والنقب والساحل للمثلث وجميع مدن وبلدات الداخل المحتل، والشتات، تحت راية المقاومة.
إستراتيجياً، ما بعد معركة سيف القدس، لن يكون كما قبلها أبداً.. وسيتحول طريق العبور السياسي إلى القدس والضفة الغربية المحتلتين، من بوابة غزة!
إخفاق السلطة الفلسطينية التي لا تمتلك اية سلطة، واستنزافها لعشرات السنين من عمر القضية الفلسطينية في مفاوضات ومهاترات عبثية، يحتم على اللاعبين السياسيين في المنطقة والعالم، رفع القيود عن حركة المقاومة الإسلامية حماس، وبقية فصائل المقاومة، بعد أن أثبتت أن الحل والربط لن يكون ممكناً أبداً دون قعود بنادقها في صدر الطاولة!
تداعيات معركة سيف القدس، ستنعكس تباعاً على الداخل الفلسطيني، ومن ثم المنطقة، وستدخل التحالفات الإقليمية في اللعبة التي تغيرت قواعدها، وتحدث هزات إرتدادية في دول عربية، أولها، من طبعت مع كيان الإحتلال آملة منه حماية عروشها، ما يحتم عليها اليوم إعادة حساباتها جيداً، فالكيان الذي لاذت اليه صاغرة للإحتماء به، عاجز هو عن حماية نفسه!
خاتمة: الأجدر والأجدى لهم الآن.. “تطبيع” علاقاتهم مع المقاومة!
عمان – الاردن