التعليم في موريتانيا بين جمود المناهج وسياسات التدجين- بتار يعقوب الشرفة

أربعاء, 02/17/2021 - 15:19

تعتبر المناهج التربوية من اقوى الأدوات فى تحقيق آمال الشعوب و تطلعاتها :فهي الوسيلة الأولى التى تعنى ببناء الفرد الصالح الذى يعد أحد مقومات المجتمع و المحافظة على استمراريته.
فالقاسم المشترك بين الدول التى قطعت اشواطا فى التنمية و التقدم العلمى كماليزيا و سنغافوره هو تعديلها لمناهجها بشكل جعلها تواكب الحداثة و النهضة العلمية الحديثة .
فهل تراعى مناهجنا التربوية ذلك ؟ وهل ساهمت فى بناء مواطن صالح يعتر بانتمائه لوطنه و يسعى للنهوض به ؟ أم أن سياسات الإصلاح المزعوم المتعاقبة أدث إلى جمود المناهج و تدجين التعليم ؟
هذا ما سنحاول الوقوف عنده من خلال المحاور التالية :
1-محتوى المناهج
إن تصميم المناهج التربوية و بناءها يشكل حجر الزاوية فى حل مشكلات المجتمعات و النهوض بها لإرتباطه الوثيق بالفسفات الاجتماعية و مظاهر الحياة و التراث الثقافى ؛ و هذا -للأسف الشديد - ما خفقت فيه منظومتنا التربوية ؛فالمتصفح لكتبنا المدرسية يحد أنها بعيدة كل البعد عن واقعنا و ثقافة مجتمعنا فهي لاتمت بصلة إليه بل مربطبة بثقافات و مجتمعات أخرى ؛اللهم إلا من بعض النصوص النادرة التى لا تعكس الحقيقة كالنص المتداول على صفحات التواصل الاجتماعى " شوارع مدينة انواكشوط جميلة و واسعة "
إنما نعيشه اليوم من غياب لمفهوم الدولة و طغيان للقبيلة و الجهة و الشريحة و التيار السياسى هو نتيجة حتمية لعدم الاهتمام بتربية المواطنة من حيث أنها عملية متواصلة لتعميق الحس و الشعور بالواجب اتجاه المجتمع و تنمية الشعور بالانتماء للوطن و غرس احترام النظام العام و تعريف النشأة بوطنهم و مؤسساته فى مناهجنا التربوية .
2-سياسات التدجين
إن حرص الأنظمة المتعاقبة على تسييس التعليم و توظيفه لخدمة أجندتها السياسية ساهم فى تدجين العملية التربوية ؛و تزيف الوعي و خلق شخصيات مستكينة تقبل الظلم و ترضى بالقهر .
إن المتابع لسياسات الاصلاح يلاحظ أنها لا تعدو شعارات سياسية آنية ففى العشرية الماضية سعى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز فى جعل سنة 2015 سنة للتعليم و استخدمت السلطة مثقفيها و منظريها و اعلامها الرسمى لذلك للإثارة و شغل الناس عن قضايا جوهرية أخرى . ومع تولى النظام الجديد مقاليد الحكم فى البلاد نادى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى بضرورة اصلاح المنظومة التربوية و جعلها فى أولويات تعهداته ؛و أضيف لوزارة التهذيب التكوين و الاصلاح و استخدم نفس الأدوات التى استخدمها سلفه للتصليل و التنويم .
إن ضحية التوظيف السياسى للتعليم هو المواطن المطحون الذى لم يستفد سوى تدنى المستويات المعرفيه لأبنائه و الانهيار الأخلاقى و القيمى لهم.
خلاصة القول هي أن أي عملية اصلاح لا تراعى إعادة النظر فى المقررات و محتواها وفق أسس علمية تبنى المقدرات و تحسن الكفاءات و تبتعد عن التجاذبات و الأجنده السياسية مصيرها الفشل و تدمير الخاصر و المستقبل .