
مجتمع بلاد المليون شاعر، حالة إستثنائية من بين مجتمعات الكون.
مجتمع لم يشهد عصر الإنحطاط في الشعر الفصيح، نظرا لبعده عن المركز، الهلال الخصيب، والحجاز، قبل أن يظهر البارودي وأضرابه من المدرسة الكلاسيكية.
حتى لا نغوص بعيدا، عن موضوع الغبن، فإن الغبن، في هذا المجتمع، يأخذ مسالك، متعددة، إقتصادي، إجتماعي، ديني...
صورة بحد ذاتها، كلام، ومنها ماهو فوق النظر، وتحت النظر، ومستوى النظر، وأبعاد الصورة، في الثقافة السائدة في بلاد السيبة، أو ماهو مستهلك في الخطاب، طفلة/ تغيارت، وفي الجانب الذكوري، طفل/ أغيار! .
حتى إذا أخذ سيلفي، وتشابكت يد بيضاء، وأخرى سوداء، وحدهما اللسان، وفرقهما اللون، فإن النظرة الدونية، تبقى حاجزا أمام المساواة، وعليها حفر أساس الجدار الأعوج، وعليه صارت الدولة الموريتانية منذ نشأتها، وواصلت في سيرورة النهج الأعرج.
فتاة بيضاء{ تسمى طفلة }،وأخرى سوداء{ تسمى تاغيارت }،
وصغير أبيض{ يسمى طفل } ،وصغير أسود{ يسمى أغايار } ،{ أغايار والتاغايارت } ،يعنيان من بين مايعنيان في الثقافة الشعبية الحسانية، صغار المعز في درجة التزاوج، والغريب مافي الأمر أن الطفل في اللغة العربية، وفي اللغات المكتوبة، والمنطوقة، هو الصغير مادون ثمانية عشر سنة، الى ستة سنوات.
في مجتمع السيبة، والمتناقضات، إتحاد في اللغة- ونعني بها الحسانية، والعادات والتقاليد، والزي، والفن، والفنون الجميلة ككل- بينما في الشق الإجتماعي، هناك تراكمات من الغبن، ضاربة في القدم، كرستها السياسات الرعناء الممنهجة، والمنتهجة منذ نشأة الدولة الحديثة، وإذا ظهرت حركات سياسوية، ومنظمات حقوقية، تحمل خطابا متشنجاً،أحيانا،وتدعو الى رفع الظلم، فإنه مبرر،رغم ميولنا جميعا الى تهذيب الخطاب، والمطالبة بالعدالة الإجتماعية والمساواة، ولكن، هل من مجيب؟ ،بالأمس تحسر بعض الدبلوماسيين! ، على مرور إغيارن - احراطين - على أطلال مقبرة للأولياء والصالحين، وطالب بجدار عازل على طول المقبرة ،على غرار الجدار العازل بين إسرائيل، والفلسطينيين.
أبعاد الصورة، طفلة/ بيظانية مع تاغيارت/ حرطانية، اللغة واحدة،والزي، واحد، والثقافة واحدة، ولكن الفرق في شاعرية الأسماء، ومدلولهما، هو الفرق بين كل من جنسهما في فرص النفوذ والمكانة والمناصب السامية، صحيح توجد شانتوهات في مراكز شتى، لكنها لا تبلغ درجة التمركز، والتمثيل المعتبر لمكونة من مكون.
إذا كان يوجد غبن إقتصادي وسياسي - وقد أصبح مادة إستهلاكية لإستمالة الناخبين من إغيارن والتيغياراتن في المواسم الإنتخابية- وذكر عديد مرات في خطب الرئيس السابق واللاحق- فإنه يوجد غبن جيو إجتماعي في مجتمعنا موحد لغة ، مجتمع البيظان ككل ،وهذه الظاهرة لا توجد في الشعوب الثنائية اللون، لا في مصر، ولا في دول الأطراف الأخرى اليمن والسودان والعراق، صحيح يقال الأسمر والأبيض والأصفر والأخلس في دول أمريكا اللاتينية خاصة، ولكن لايستدل للطفل بإسم من أسماء الحيوانات للتفاضل على أساس اللون والطبقة الإجتماعية.
في الأخير فإنه لافضل لإنسان على إنسان آخر إلا بالتقوى...