لم تكن عملية البنك الموريتاني للتجارة الدولية هي الأولى من نوعها في بلاد عرفت بالسلم والأمان
بل وقعت أحداث مماثلة أكثر من مرة مثل واقعة البنك الوطني الموريتاني قبالة سوق العاصمة السنة الماضية في يوم السبت و سرقة مبالغ مالية كبيرة من الصناديق الشعبية في عدة مناطق مختلفة من البلاد . فماهو السر وراء عملية bmci النوعية سواء من ناحية التوقيت والتنسيق والتنظيم أو من ناحية الظرفية التي تمر بها البلاد حاليًا ؟ أن تقع أحداث سطو واعتداء وقتل في الأحياء الشعبية ليلا أو نهارا فذلك أمر بديهي أما أن تقع في قلب العاصمة في ساعة الذروة وفي أرقى حي من العاصمة وعلى شارع فسيح لايعرف التوقف عن الحركة فهذه مسألة تحتاج إلى التأمل في الأسباب والدوافع النفسية التي أدت إلى هذا الجرم المشين تحت تهديد السلاح ؟ 1 - تردي الأوضاع الأقتصادية تشعب المدينة والأرتفاع الجنوني للأسعار وتراجع الطبقة الوسطى في صفوف العمال وتقليص ميزانيات التسيير والعمل على القضاء عليها فضلا عن تسريح آلاف العمال وانتشار البطالة كل هذه العوامل تساعد على زيادة انتشار الجرائم الأقتصادية والسلب والسطو والقتل والإعتداء على أمن وسلامة المواطنين خاصة أن أكثر من عملية وقعت أبطالها من خلفيات عسكرية : سرقة مصنع ملابس الجيش -وجود بطاقة مهنية لأحد منفذي عملية البنك الموريتاني للتجارة الدولية - مشاركة عمال فصلوا من وظائفهم في سوابق مشابهة ... 2 - تزايد السكان و فلسفة ترشيد الإستهلاك السياسة ليس معناها كيف تحكم ؟ بل السياسة هي أن تسيطر على معيشة السكان بأقل الأثمان وبأبسط السبل سواء حكمت بالحديد والنار أو بالليونة والإنفتاح و المشاركة مع شركائك أو خصومك فالصين هي محرك الأقتصاد العالمي الأول اليوم ورئيسها يسيطر على مليار ونيف من السكان والهند تسير على خطاها . أما نحن بلاد المليون سياسي ، والمليون إقتصادي ، والمليون قيادي ، فلا يوجد فينا ولا سياسي واحد ، ولا اقتصادي واحد ، ولا قيادي واحد لأننا لم نسيطر على تنمية مليون إلى ثلاثة ملايين نسمة تقطن على أرض هضابها ثروات تنادي لإستخراجها وسهول تطلب زراعتها ومياه تنادي لصيدها ... إن عملية البنك الموريتاني للتجارة الدولية ناتجة عن تردي الأوضاع الأقتصادية والإجتماعية المزرية التي يعاني منها المواطن البسيط فلم تعد هناك مهنة شريفة فالإداري والأستاذ والطبيب والعسكري كلهم يمارس taxi و يحترف البيع والشراء وأمور أخرى و آخر موضات ترشيد النفقات التعميم المتعلق بترشيد ورق الطباعة والنشر والتوزيع الذي تناوله مدونوا شبكات التواصل الإجتماعي في هذه الآونة. إن عملية البنك الموريتاني للتجارة الدولية لن تكون الأخيرة والسبب تفشي ظاهرة التسرب المدرسي نظرا لتردي التعليم ماقبل الجامعي وبالتالي ستتعذى عصابات الجريمة المنظمة وستتنوع وقد تذهب إلى أبعد من ذلك فتشكل فرقا مسلحة كما هو واقع في دول اجنبية ... الإمارات العربية المتحدة شكلت وزارة للسعادة وهي ليست ديمقراطية ولم تسمع بها والصين كذلك ونحن الديمقراطيون ونفتخر بها تكثر فينا الجرائم ويعاني العامل فينا من أتعس الظروف.