الفساد كلمة تلفظها الألسن السوية والأسماع النقية/ خطيب المسجد الحرام

جمعة, 12/04/2020 - 20:55

قال الشيخ سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام إن الفساد كلمة تلفظها الألسنة السوية والأسماع النقية، وهو ضد الصلاح، ونار محرقة تأكل النمو والتقدم، فتذر اقتصاد المجتمعات وإداراتها هشيمًا تذروه رياح ذوي الذمم الخداج والنفوس الخلية من الوازع الديني.
وأضاف الشريم في خطبة الجمعة اليوم من بيت الله الحرا بمكة المكرمة أن الفساد المالي والإداري ينتشر بانعدام شعور الأفراد بواجبهم تجاه الصالح العام فلم يجعلوا من أنفسهم مرآة لجهات الرقابة والنزاهة ومكافحة الفساد، ولم يكلفوا أنفسهم أن يحتسبوا في الإبلاغ عن الفاسدين لجهات المكافحة
المعنية، ولا جرم أن التخاذل وإيثار السلامة في كشفه والتبليغ عنه سبب ظاهر في طول عمر الفساد وازدياد وزنه ومن ثم تخمته.
وأضاف “الشريم” أن الفساد المالي والإداري يُعدان سوء استعمال للنفوذ العام من قِبَل مَن كلفه ولي الأمر لمصلحة العباد؛ وذلك بإحلاله خدمة تبادل المصالح الخاصة محل خدمة الصالح العام، ففي الفساد المالي إهدار للمال العام الذي اؤتمن عليه، وعدم جعل الأولوية في استعماله أن يصرف في مجالاته التي وكل بها المؤتمن عليها من قِبَل ولي أمر الناس وسلطانهم، والناس في ذلكم المال ضربان: أحدهما: يأخذه باسم السرقة
والاختلاس لا يبالي، بل يرى أنها فرصة سانحة له لا تقبل الترك أو التسويف، والضرب الآخر يتأوله ليخرج به من اسم السرقة والنهب إلى إدراجه تحت اسم الهدية أو الأتعاب أو التسهيلات ونحو ذلكم، ومهما كسا الفاسد فساده ذلك بأنواع الذكاء واللبوس البراق وسماه بغير اسمه؛ فإن ذلك كله لن يواري سوْءته ولن يغير من حقيقته شيئًا.
وتابع قائلا: وقال: المرء إذا أكثر من استنشاق الفساد المالي والإداري وقع في الإدمان فلا يغنيه استنشاق الهواء النقي، فيظل يبني مصالحه على صورة انتهازية بعبارة “خذ وهات”، وربما بلغ به الجشع مبلغًا لا يعرف من خلاله إلا عبارة “هات وهات”؛ فيملأ جيبه ويواري عيبه، ويمسي كالنهم يأكل فلا يشبع، أو كمن يشرب الماء المالح لا يزداد بشربه إلا عطشًا؛ فإن هؤلاء وأمثالهم لم يلامس الوازع الديني شغاف قلوبهم، فلم يرهبهم وعيد القرآن ولم تحجزهم محاذير السنة”.
وذكّر الشريم بقول عثمان بن عفان: “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، وأردف قائلا: “قال ابن القاسم قلت لمالك ما معنى يَزَع؟ قال: يكفّ”.
وقال الشريم إن الله سبحانه وتعالى جعل على عاتق مَن ولاه أمر المسلمين، القضاء على الفساد واجتثاث جذوره ودفعه بحزم وعزم؛ فإن ذلك مهمة دينية وتَبِعة وطنية؛ حماية للمال العام ومكتسباته، ومنعًا للتكسب غير المشروع الذي ينافي ما جاء به ديننا الحنيف في آداب العمل وطلب الرزق، مشيرا إلى أن الذمة حلالها حساب، وحرامها عقاب، مذكّرا بقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تُحرّموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، وكلوا مما رزقكم الله حلالًا طيبًا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون.
نقلا عن صحيفة رأي اليوم