موريتانيا..قبل الغاز- محمد ولد سيدي

أربعاء, 10/14/2020 - 23:26

توطئة:
مقاومة الفساد .....للإصلاح، قوية جدا ، وتحتاج لصرامة !ف.....هل، سيتم....لي، أذرع الفساد في الحرب الوطنية الثانية على الفساد والمفسدين؟
توجد موريتانيا في أقصى نقطة من الصحراء الكبرى ومن الطبيعي أن يكون للبعد عن الأمصار والكيانات المدنياتية، تأثير ، في تنظيم سلوك الفرد والمجتمع ،ففي الشمال المغاربي، هناك ولاة للدولة العثمانية ،وفي الجنوب من نهر صنهاجة هناك نظام مؤسساتي ،وشعب مستقر، لم يكلف المستعمر الفرنسي كثير عناء في التكيف معه ، حيث إزداد وعياً،وتنظيماً،ومدنية ً،وأضحت داكار، في عصر الأنوار منطلق التوسع الفرنسي في القارة السمراء،ومن الطبيعي أن تطبيق القانون الفرنسي بحذافره هناك، وترسيخ القيم الفرنسية، والثقافة الفرنسية، الى درجة مسخ الهوية الإفريقية في اللغة والدين والعمران هي الهدف الأسمى ومن الطبيعي أن يبقى الحيز الجغرافي بين داكار والجزائر يعيش حالة إستثنائية في شبه المنطقة؟
هذا الحيز المتشعب الأطراف ، لم يشهد انحطاطا في القول الشعري، خلافا للمشرق والمغرب، كما لم يشهد غزو ثقافي، أو ديني، وهذا الكيان حقق معجزة في بناء دولة منطلقة من....... الصفر، تحدت كل التضاريس والعراقيل السياسية، والدولية و.....هذا...الكيان، أيضا، يمكن أن يحقق الأكثر إذا تحرر من " منظومة " ، تعكر صفو....تقدمه، ونهضته، في شتى المجالات،ولن يتقدم إلا في ظل يافطة نظام عادل ،وبالتالي فإن الحرب على الفساد والمفسدين، إذا أردنا أن يكتب لها...... النجاح بوصفها المنطلق الأول للبناء والإزدهار، فإنها يجب أن تكون بعيدة، كل البعد عن....الإنتقائية، وتصفية الحسابات، فالمفسد مفسد أياًّ،كان، والمصلح، مصلح لكل مايتطلب الإصلاح، فالحرب على الفساد والمفسدين في العشرية يعود فشلها، الى الإنتقائية، والعمل بنفس العقلية، والأساليب يقود الى المربع الأول، لا إصلاح، و زيادة في الفساد!
لا جدال بأن دحر الفساد، و أساطين الفساد، ممن حكم في العشرية، وما بعدها ، هو الطريق لأي إصلاح، ولا جدال بأن تصفية كل الذين تلطخت أياديهم بالمال الحرام، وسوء التسيير سيجعل من الحرب على الفساد الطريق الأمثل للعبور بقطار الإصلاح والشفافية الى بر الأمان....
إن من سيحاكم" أسدا "بتهمة .......الفساد ، عليه أن يحاكم ....بقية القطيع ،إنطلاقا من المثل القائل:
العدل أساس الملك، ولا يوجد أشخاص فوق القانون، فالذين وردت أسماؤهم في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية وتقارير محكمة الحسابات عن الفساد، مازال بعضهم يتبوأ مكانة سامية بين أصحاب الأيادي البيضاء في حكومة العهد والتعهدات وهذه مفارقة" غريبة" فبأي حق يغض الطرف عن البعض، ويحاكم البعض ،والتهمة واحدة؟
لن نفرح.....كثيرا، بالغاز، لأن الفساد والمحسوبية حالاَ دون وعينا ونهضتنا وتقدمنا، والسبب هو عدم محاسبة المفسدين، وزادا من تباعد الهوة بين الأغنياء والفقراء، وبين المهمشين ،وبين المتنفذين في كل الأحقاب،رغم وجود حقول الحديد والذهب والنفط والفوسفات، وشواطئ غنية بالأسماك ....
خير ما يمهد به لتصدير الغاز في السنة الثالثة من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني هو وضع حد لمرض الفساد المستشري في دواليب الإدارة الى جانب سياسة تقشف تحد من النفقات، وتقوي اللحمة الإجتماعية المتفصلة بفعل عوامل عدة أبرزها الثنائية الثقافية ،والهرم الإجتماعي، والإقصاء والتهميش الذين لم يخلو خطاب للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ولا الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني من معالجتهما، والعمل على التقارب بين مختلف المكونات والشعور بالغبن والتمفصل الإجتماعيين بدا جلياًّ في توجهات الناخب الموريتاني في 2014 و2019 م......
في الختام، فإن موريتانيا هي الدولة الوحيدة في شبه المنطقة خالية من النزاعات والصراعات البينية، ولكي تبقى كذلك نقية ،متماسكة، ومتصالحة مع ذاتها ، يجب إتخاذ سياسة أكثر حكمة من أي وقت مضى، فكل المطحونين، يريدون أن يجدوا حظهم من ثروات بلدهم ،وكل الألوان تريد العدل، وتنشده،ولاترى عنه بديلاً،و يكفي من الضياع، مامضى من عقود حققت فيها دول بلا موارد مراتب متقدمة في سلم الرقي والإزدهار، بينما بقي شعب المليون شاعر،والمليون متعلم، والمليون حقوقي، على الحالة التي نال بها استقلاله، يستورد كل شيء، ويعتمد على تصدير المواد الخام، والبطالة تبلغ في الأوساط الشبابية معدلات.......قياسية،بصرف النظر عن تدني الرواتب، وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن البسيط، وعليه، فإن محاكمة المفسدين، وتطهير الإدارة منهم ،بدون محسوبية، هي الخيط الموصل لتسلق التقدم والإزدهار، وإلا فإن النهج" المنعرج"، سيظل ديدن حكام هذه البلاد إذا لم يقض على الفساد، وصفقات التراضي، لن نفرح بالغاز، طالما أن الديون بوجود الذهب والنفط والحديد والنحاس والفوسفات والسمك....تقترب من 100% من الناتج المحلي ، و تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في تزايد مضطرب،الى جانب ضعف القطاعات الخدماتية المتعددة...
موريتانيا..قبل الغاز، يحب أن تعمر بالمشاريع الناجحة، والمصانع المنتجة، و تزرع في ساكنتها روح المؤاخاة والتقارب وترصين الوحدة الوطنية، وتقويتها بتكافؤ الفرص بين جميع مكوناتها ومناطقها ،وتفعيل العقوبة ضد كل مفسد يسير عكس تيار الإصلاح،ف...بالعقوبة العادلة، وحدها، نهضت شعوب، وحققت الرفاهية، و تبوأت مكانة عليا في عالم المال والأعمال والحضور المؤثر في الساحة الدولياتية...وتعتبر دول في محيطنا الإفريقي والإسلامي كنا نتقاطع معها في كثير من المسائل أمثلة حية في هذا الصدد، وهي: رواندا والإمارات العربية المتحدة وقطر وسنغفورة،والمغرب، وماليزيا، وتركيا...

الوطن.......فوق كل اعتبار