خروج عزيز، وثنائية المسار..متى ينتصر الوطن - محمد ولد سيدي

اثنين, 08/24/2020 - 11:19

من إرادة القدر، أن هذا المجتمع جلب على ثنائية تاريخية و جيو إجتماعية ، وهذه الثنائية تظهر من فترة الى أخرى،البيض/ السود، العرب/ الزوايا، / البيظان/ لكور، المعارضة/ الموالاة، واليوم عزيز/ غزواني ،فمتى يخرج المجتمع من هكذا تقسيمات تعكر مساره التنموي، والحضاري ؟
آخر حلقات الإنقسام هي معركة المرجعية، وإنقسام الطبقة السياسية الحاكمة، والمتحكمة ،بين الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، و الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، أي معركة المحمدين، لا يهمنا هنا في هذه القراءة لأجواء حالكة لايمكن التنبؤ بعواقبها سوى أن نتمنى الإنتصار لشعب عبث بخيراته ،وفقر، وجهل، وفرق بين مكوناته حتى إزداد عداوة وهشاشة، وكأننا نغار من حرب الإثنيات في مالي، أو الصومال، أو العراق واليمن، والطبيعة تفرض فوز قوة على قوة أخرى في أي صراع، الكرة الآن في مرمى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بوصفه الحاكم الفعلي للبلاد، ويمتلك كافة وسائل الإعانة على الحق، وفعل الخير، و الإنتصار للشعب الذي تعهد له، أمام الله و أمام العالم أنه سيحكم بالعدل، ويكافح الفساد، ويرسخ دولة القانون، من البديهي أن للصداقة طعم خاص، و أن عوامل التاريخ المشترك لها تأثيراتها ، إلا أن الفوز الحقيقي يدخل في ميزان الشعب، والخسارة، كل الخسارة، أن تبقى القلة القليلة التي سرقت أموال الشعب تنعم بالحرية، كما كانت في عز نفوذها، و تمكنها، وسيطرتها على مجريات الأمور.
مازال هرمون الإقناع رخواً حتى اللحظة، والشعب يهمه " المرجل " أكثر من فريقين يتصارعان على مصالحهم أكثر من مصلحة الوطن ولسان الحال يقول إن المنظرين للمرجعية اليوم، وتصدرهم للواجهة، هم أنفسهم ماكانوا يمجدون العشرية ،وبالتالي كان على الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يعتمد في هذا الصدد على كوادر لم تملها العيون، ولم يسجل لها التاريخ مواقف تكون وصمة عار في سيرها النضالية بما أن الوطن غني بالكوادر التي لم تر ذاتها في الحقب الحالكة ،وبما أن الحكومات المتعاقبة، لم تجاري نظيرتها الصينية في تحديد النسل، للإضطرار على تدوير من عجزوا أن ينهضوا بالوطن رغم الثروات الهائلة والقروض الدولية.
لا يمكن إلا أن نثق في من يحكم البلاد، ولا يمكن إلا أن نثق في القضاء، ولكن يجب أن لا ننسى أنه في العالم الثالث لافصل للسلطات في أكثر الحالات، قضاء مأمور، وإعلام موجه ،فكم من مرة حرم ملايين الناس من دروس الشيخ ولد سيدي يحي عبر أثير إذاعة موريتانيا، وكم من سنة حرم آلاف المعجبين من الإستماع لأغاني الفنانة المعلومة بنت الميداح ،أولئك الذين أسسوا فلسفة التطبيل،والتطبيع، عليهم مازالوا يتصدرون المشهد الإعلامي، والإعلام هو السلطة الرابعة بقدرما كانت حرية التعبير أفضل، بقدرما كانت نوايا النظام صادقة، وبقدرما كان التضييق على الحريات، كانت نوايا النظام أكثر خيبة.
الحق، والحق يقال أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حكم بالحديد والنار، وبلغت في عهده الحريات مابلغت، رغم وجود اختلالات في هذا المجال، كما غيبت المعارضة في عهده، لكنه بالمقابل أنجز مشاريع كبرى، وبرامج تنموية معرفتها أكثر عند الموالاة، وأساطين العشرية خاصة في الجمعية الوطنية.
الوعد وعد، و من شيم الصادقين ،الغيورين على أوطانهم إستعادة الأموال المنهوبة أمر لا مناص منه، وليس من هم خارج الحكم، أولى من الذين تأقلموا مع خيار المرجعية، لا مسامحة لأي مختلس سواء ناصر ولد الشيخ الغزواني، أو آثر التخندق في فلك ولد عبد العزيز، وبما أننا في عصر السرعة، يجب الإسراع في هذا البرنامج الإنتخابي إستعادة الأموال المنهوبة، من أي كان ،فقد استعاد رئيس الوزراء الماليزي السابق والحاضر مهاتير محمد 50مليار دولار أميركي في غضون أسبوع أدين بها سلفه نجيب عبدالرزاق وحاشيته، فلا مجال للتأخر، ولا مجال للإطالة فقد سئمنا الوعود البراقة قبل النفط، وأثناء كنوز الذهب، والسمك والحديد، وحبذا لو لم تكن لدينا ثروات فلا الشعب أستغني عن المساعدات الأجنبية، ولا الدولة الموريتانية شطبت من فلك الفقراء، ولا خدمات ممتازة، وبين الفينة والأخرى، تطالعنا شركات المياه والكهرباء بالإنقطاعات المتكررة، ناهيك عن الوضع المزري للمدرسين والأطباء وتزويد السوق بالمنتجات الغذائية الأجنبية رغم وجود 600 كلم من الأراضي الصالحة للزراعة على ضفاف نهر السنغال، واتوامرت في شرق البلاد، وغربها...
خروج ولد عبد العزيز بصفة مؤقتة، أو نهائية لا يستحق الإحتفال طالما أنه مدان، وجماعة أخرى بالفساد وإختلاس أموال الشعب، سنتحتفل أكثر إذا غيب أكلة المال العام عن المشهد السياسي، وأستعيدت منهم الأموال التي اقترفوها بغير وجه حق، وسنحتفل أكثر إذا شطبت موريتانيا من قائمة الدول الفقيرة، والمتخلفة...
كل الحكام ذاهبون ، ويبقى الشعب، وسيأتي ذلك اليوم الذي تنتصر في العدالة للشعب، وأملنا أن يكون ولد الشيخ الغزواني هو من سيثأر للشعب من المغتصبين لثرواته..
لا عزيز، ولا غزواني، موريتانيا مستقرة هي الحاضنة لنا جميعا، معارضون وموالون، ونظرية " شغل الناس " والقطار يمشي على مسار منحرف لا تدخل في برنامج تعهداتي، فقد أمضى بها ولد عبد العزيز العشرية الحرشاء، وقبله معاوية،لا بد من بناء دولة عصرية، ولا بد من تحديثها، وبنائها، ولا بد من تقوية اللحمة الإجتماعية، ولا بد القضاء على المفسدين شاء من شاء، وكره من كره، وإلا فإن موريتانيا لن تبق مستثناة من دول الساحل المضطربة، فإما أن نختار مسار الإصلاح والتغيير الذي يجنبنا الإنحراف، وإما أن نختار مسار الفوضى الخلاقة، وذلك مالا تحمد عقباه، و من أجل الخيار الأول لا بد لنظام غزواني- وهو يريد الإصلاح- أن يتخلص من الوجوه القديمة التي فشلت في إرساء دولة القانون، وبناء دولة قوية على أسس سليمة.
موريتانيا متصالحة مع ذاتها- تجمعنا..

القسم: