الأرض الخراب ! العرب..يتقدمون الى الخلف- طلال سلمان

أربعاء, 06/24/2020 - 08:41

يبدو الوطن العربي، اليوم، وكأنه “ارض الخراب”:
1 ـ لبنان مأزوم، سياسياً واقتصادياً: عملته تنهار والدولة التي تتفسخ كل يوم تعجز عن القرار، وتلجأ إلى مؤسسات تكشف الافلاس ولا تعالجه (لان ذلك من مسؤوليات اهله..)
2 ـ سوريا مأزومة سياسياً واقتصادياً، إلى حد تفسخ الاسرة الحاكمة، بأصهارها والاقربين من اهلها: تركيا تنهش بعض ارضها في الشمال وتتمدد نحو الشرق، والاميركيون في دير الزور وجوارها حيث منابع النفط والغاز، والروس ومعهم الايرانيون في كل مكان، براً وبحراً وجواً… والليرة السورية تنهار يوما بعد يوم، ولا مجال، في ظل الظروف الراهنة، لوقف الانهيار مهما تعاظمت المساعدات العسكرية الروسية والاعانات الايرانية.. وبضعة ملايين من السوريين خرجوا إلى حيث تقبلهم الدول الاخرى، وحوالي نصف مليون في مصر، فضلاً عن نحو مليونين في لبنان. الأخطر أن “السلطان العثماني” الطيب اردوغان يستخدم المواطنين السوريين اللاجئين إلى تركيا “كمرتزقة” للقتال في ليبيا، التي لعله يعتبرها- كما صرح علنا- بعض املاك السلطنة!
3 ـ فأما العراق، الغني بالنفط وبالنهرين دجلة والفرات، فيعاني اهله من الفقر حتى الجوع، وتحتل ارضه- وحتى عاصمة الرشيد- قوات اميركية وايرانية وأوروبية، وتتلقى حكومته تهديدات اسرائيلية يومية، اذا هو حاول أن يكون صاحب قراره و”الدولة السيدة”.
4 ـ وأما ليبيا التي جعلها معمر القذافي “جماهيرية” وابدع من المؤلفات حتى القى الليبيين في التيه (من ” الكتاب الاخضر” إلى “اسراطين” الخ..) فقد صارت مزقاً يتوزعها أهل القدرة في مختلف انحاء العالم.. ولقد امحت الدولة في هذه الارض الغنية، وانشق الجيش على نفسه، وانفصل الشرق (بنغازي) عن الغرب (طرابلس) وسقط الجنوب (سبها) سهواً.. وتتقاسم ارضه الآن الميليشيات (حفتر) والسلطان ” اردوغان ” (الذي استذكر انها كانت ولاية عثمانية)..وبالطبع فان للأميركيين حصة، وللروس حصة، وتحاول فرنسا أن يكون لها حصة، اما بريطانيا التي كان لها اكثر من قاعدة عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية ( طبرق) الخ.. فتراقب عن بعد وترصد التحولات!
5 ـ أما قاهرة السيسي التي تدعم حفتر فتحاول أن تحمي نفسها من هذا الحشد الدولي الذي يتقاسم ليبيا الآن… بينما ايطاليا تستذكر ماضيها في هذه الارض الغنية بالنفط، مع بذل مجهود استثنائي لنسيان الماضي والقائد التاريخي عمر المختار الذي قاتل الاستعمار الايطالي حتى الاستشهاد شنقاً.
6 ـ فأما الجزائر ثورة المليون شهيد واحمد بن بله وهواري بومدين فتجتهد الآن في حفظ وحدتها، وتخفيف يد العسكر عن الحكم ومحاولة التعرف إلى الديمقراطية.
*****
إن الوطن العربي الغني بموارده الطبيعية، النفط والغاز، هو الآن بين مخالب “الكورونا” التي لم تفرق بين الاغنياء والفقراء بل ساوت بينهم في احتمال الموت في احضان الوباء..
مع ذلك فان الاغنياء من الدول العربية، بالنفط والغاز، يساهمون في محاصرة “اخوانهم الفقراء” وتجويعهم.. وهذه سوريا دليل ساطع، وكذلك لبنان الذي يتملك الخليجيون عموما، السعودية والكويت والامارات، بعض مرافقه السياحية (في الجبل خاصة) في حين يعمل عشرات الآلاف (إن لم يكن المئات الآلاف اذا ما احتسبنا العائلات) في بناء هذه الدول المن رمل ونفط وغاز، والتي تتبارى في السباق للاعتراف بكيان العدو الاسرائيلي برغم اعلانه انه في صدد ضم الضفة الغربية حتى نهر الاردن.. ولا من يحتج!
*****
وكأنها الارض الخراب التي “لا ينبت فيها زرع ولا يحلب ضرع” كما تقول العامة.
لكأنها ارض بلا تاريخ، وامة بلا ماض مشرف، وحاضر يدمره، حكامها بأيديهم، لاجئين تارة إلى الاتراك، أو إلى الفرنسيين، او حتى إلى الاسرائيليين، ودائما تحت الغطاء الاميركي.
لقد عرب النفط والغاز من اخوتهم الفقراء إلى اميركا واشنطن (الامبريالية) وحتى إلى “السلطان” اردوغان، الذي يستذكر ايام العثمانيين كما يحاول تبرير موقفه من ليبيا..
سوريا غارقة في دمائها وفي ازمتها الاقتصادية، ويتقاسم ارضها الاتراك مع الاميركيين والروس والايرانيين، واجواؤها مفتوحة للعدو الاسرائيلي، نتيجة ضعفها.. ولبنان يقفل حدوده معها متجاوزاً شعارات الاخوة ووحدة المصير.
وارض الرافدين يهدها الفقر ويتقاسم ارضها الاميركيون والايرانيون وللأكراد – الآن – “دولتهم” شبه المستقلة، بغض النظر عن أن رئيس الدولة العراقية ( برهم صالح ) من الاخوة الاكراد!
من أين يأتي الغد..
لكأننا عدنا إلى الخلف مائة سنة بالتمام والكمال .. وننتظر الآن تقاسم “الدول” بالعنوان الاسرائيلي بلادنا من المحيط إلى الخليج..
” يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!.”
رئيس تحرير صحيفة السفير