أعياد الإسترقاق- محمد ولد سيدي كاتب ومدون

سبت, 01/25/2020 - 11:51

العبودية ،او الإسترقاق، هي أبشع أنواع الظلم والإهانة التي إستخدمها الإنسان ضد نفسه،و مع تطور العقل البشري، وتحرر الإنسان من كل الأغلال، إلا أن العبودية لما تضمحل بعد رغم تحريمها وسن القوانين المجرمة لها ،فيبقى وجودها ،او تلاشيها ،حسب تخلف أي شعب، أو تقدمه، ورقيه.
في 23 يناير 1846 م ، حلت الذكرى 174 على إلغاء أحمد باي والي السلطان العثماني ، الذي كان يحكم تونس حينها، الرق بشكل نهائي، في سنة 1846 م ،وقد سبقت تونس البلدان العربية قرنا من الزمان، والبلدان الغربية بعشرات السنين.
وتعتبر موريتانيا آخر بلد عربي يلغي الإسترقاق سنة 1981 م في عهد الرئيس السابق محمد خونة ولد هيدالة .
في الولايات المتحدة الأمريكية وقع أبراهام لينكولن الوثيقة في الأول من شباط/فبراير 1865 قبل أسابيع قليلة على اغتياله في 14 نيسان/أبريل وقبل أكثر من شهرين على انتهاء حرب الانفصال.
وأصبح هذا التاريخ يخلد سنويا في أعظم دولة على وجه الأرض.
في سنة 2007 م استحدث الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله ترسانة قانونية تلغي كافة أشكال الإسترقاق ،ثم جاء ولد عبد العزيز 2009 و أصدر سلسلة ترسانات هو الآخر تصب في نفس الوتيرة، وأنشأ وكالة التضامن للحد من مخلفات الإسترقاق وقد أقامت مشاريع إقتصادية وخدماتية في آدوابة ومولت العديد من المشاريع المدرة للدخل، لكن ذلك كله يبقى شكلياً، فحضور أبناء الأرقاء السابقين في السلالم الإدارية، والقيادية، مازال ضعيفا جدا، وفق المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية وهذا الغبن هو ما أدى الى تصويت أغلب هؤلاء للمرشح الحقوقي بيرام الداه اعبيد في الإنتخابات الرئاسية الماضية كما زاد من تنوع المنظمات والتكتلات السياسية و الحقوقية لهذا المكون الإجتماعي، الحر ،نجدت العبيد، العمل من أجل التغيير، إيرا، الميثاق...
العبودية لم تكن بالحالة التقليدية في موريتانيا اليوم، رغم وجود حالات بمواصفات عتيقة وفق ما دأبت المنظمات الحقوقية على كشفه، وآخرها اثنى عشر حالة بشهادة مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني الحالي الأستاذ محمد سالم ولد بوحبيني خلال جولة له في الشرق الموريتاني.
ورغم تواتر الحكومات المتعاقبة في موريتانيا على عدم وجودها والإقرار بمخلفاتها فقد أنشات حكومة ولد عبد العزيز محاكم خاصة لمحاربة العبودية وقد أثبتت التهم على بعض الأعيان بممارستها وحكم عليه بالسجن ودفع عشرات الملايين لأصحاب الضحايا.
مهما يكن فإن ظاهرة العبودية تتلاشى مع مرور الزمن، وحسب تطور عقلية الإنسان، ووعيه وفق ما تمليه الظروف السياسية و الأقتصادية والإجتماعية، بيد أن مكونة الأرقاء السابقين في المجتمع العروبي، الصنهاجي، تكمن أساساً في التهميش وضعف التمثيل في المراكز الحساسة ذات القيمة المادية، وهذا بالذات هو أبشع أنواع العبودية المعاصرة، وإذا وجدت عبودية في بلاد المنارة والرباط، فإن هذه العبودية المسماة " الهيمنة " المستشرية في مجتمع مابعد الكولونيالية على أفضل المناصب ، الحكام، الولاة، الأمناء العامون، مدراء المشاريع والشركات الكبرى رغم الحجم الهائل من حملة الشهادات في أبناء هذه المكونة، ورغم أيضا حجمها الديمغرافي، فالمعطيات الإحصاءاتية تغيرت، والعلم انتشر في كل الأجناس والأعراق بصرف النظر عن مكانتها ورتبها الإجتماعية.
ولكي لا يفهم البعض أننا نغض الطرف عن البعض، ونترك البعض الآخر، فإن العبودية توجد أيضا في المكونات الإفريقية السونكى خاصة بشكل فظيع وممنهج، المقابر ودور العبادة، وبالتالي فإن محو هذه الظاهرة واستئصالها من مخيلة مجتمع عرف بالمحافظة، يحتاج الى بعض الوقت وكثير من الحكمة والتثقيف، غير السونوكى من المكونات الإفريقية الأخرى، البولار والولوف تبقى العبودية بدون ممارسة بقدرما هي مجرد تصنيف تراتبي
بحت ...
لن تنتهي العبودية، ولن تضمحل طالما وجد الفقر والجهل والعين، وقلت الفرص بين أبناء الوطن الواحد.
الوطن فوق كل اعتبار///