عندما تخذل الثقافة السياسة/ الولي ولد سيدي هيبة

جمعة, 01/10/2020 - 20:16

ما زالت على استحياء تراودني الرغبة الآمرة بالصمت المطبق على ما تعانيه الساحة الثقافة من ضمور يجرها إلى التقهقر وما يحاصرها من نفاق فكري مستسهل وارتجال متحرر من قيود الالتزام ومختبئ عن سهام النقد البناء، حتى أكاد أستجيب وأستسلم لمغرياتها وأسقط في حبائلها المفضية إلى غرس نصال الرداءة في نحر الوعي الخائر حتى الإجهاز عليه بمناورات جحافل المتآمرين وأكل السحت المجاملاتي إن جاز التعبير.
وإن هذا الواقع الثقافي المحبط هو الذي ظل يرمي بظلاله الداكنة الثقيلة على الساحة السياسية حتى النخاع، يقذف إليها بأمواج من " زبانية " الحرف المتملق والمفردة المضللة والكلمة المسكرة حتى الثمالة والتي لا تترك لحظة للاستفاقة على متطلبات الواقع من الخطاب الناضج الصادق الحمال للمثل والقيم السياسية.
معلوم أن للثقافة حصانتها في البلدان التي يصنع فيها الرأيُ الحصيف الوعيَ وينير دروبَ "القيام" المتوازن للكيان، فلا تكاد تفصل فيه بين السياسي والمثقف لضيق المسافة الفارقة في التسمية بينهما، كل يأخذ من الآخر لأداء دوره السامي في صيانة البلد والرفع من مستوى الوعي الذي يكون فيه حينئذ جامعا مانعا.
ومعلوم كذلك أنه حالما يُغيب المثقف قيمة الثقافة، ويستهتر بمفعولها من خلال الطلاق مع الإنتاج في رحابها، وينصرف إلى الجاه الوظيفي المدر للدخل المادي بالتنكر للذات الفكرية المترفعة ويضع بجرأة وبلا حياء القناع الناسخ والمتجرد من الخلق العلمي وسمو السياسة بعدما خان الأمانة المعرفية وحاد عن مدارج الثقافة.